للمرة الثالثة على التوالي لم يتمكن مجلس النواب من اختيار أعضاء المحكمة الدستورية التي نص عليها دستور 2014، مما يعني استمرار فراغ قانوني يثير قلقا في الأوساط السياسية في البلاد ، و يتجهُ نواب النداء نحو اعداد مبادرة تشريعية متماهية مع اقتراح رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي لفت الى ضرورة ايجاد حل قانوني لفك معضلة المحكمة الدستورية ، خاصة و ان المترشح للمحكمة يلزمه (145) وهو امر صعب ، نظرا للخلاف المتواصل بين نواب الكتل البرلمانية. وأكّد رئيس اللجنة القانونية لحركة نداء تونس مراد دلش في تصريح ل"الشاهد"، أن الحركة بصدد إعداد مباردة تشريعية لتنقيح قانون المحكمة الدستورية، خاصة في ما يتعلق بضرورة تحصل المترشح على أغلبية ب145 صوتا. وقال دلش إن هذا العدد من الأصوات بات مستحيلا في ظل التجاذبات السياسية التي تحكم عمل مجلس نواب الشعب، وتراجع كل الكتل البرلمانية عن التوافق الذي تم على مستوى رؤساء الكتل قبيل انطلاق جلسات التصويت لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية. وندّد نفس المصدر بالتأخر المتكرر لاستكمال ارساء المحكمة الدستورية، وبقية الهيئات الدستورية، لافتا الى أن مبادرة النداء جاءت على ضوء تصريحات رئيس الجمهورية الذي دعا الى ايجاد حل لهذا التأخير في ارساء مؤسسات الدولة. و أعلن الباجي قائد السبسي في خطابه يوم الثلاثاء 20 مارس، بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال ، ان الدولة لن تسكت في صورة فشل البرلمان في انتخاب بقية اعضاء المحكمة الدستورية على شاكلة ما حصل خلال أزمة المجلس الأعلى للقضاء في اشارة الى طرح مبادرة تشريعية لتنقيح القانون الاساسي للمحكمة المذكورة . و تابع رئيس الجمهورية أن "الدستور لم يتم استكماله ولم يتم احترامه بشكل كامل في ظل غياب مؤسسات دستورية وأساسا المحكمة الدستورية". من جانبه أكّد النائب بحزب حركة نداء تونس محمد جلال غديرة أن نتيجة التصويت على انتخاب بقيّة أعضاء المحكمة الدستورية خلال الجلسة العامّة المنعقدة يوم الاربعاء 21 مارس تؤكّد عدم التوافق في اجتماع رؤساء الكتل. وأخفق مجلس النواب في انتخاب أعضاء في أول محكمة دستورية بتاريخ البلاد للمرة الثالثة على التوالي في اشارة اضافية على تفاقم الأزمة السياسية في البلاد. وخلال جلسة انتخابية عامة قال رئيس البرلمان محمد الناصر "لم يتم التوصل لانتخاب 3 أعضاء للمحكمة الدستورية"، معلنا "تأجيل العملية الانتخابية إلى وقت لاحق (لم يحدد لها موعدا)". واعتبر جلال غديرة أن الفشل في انتخاب بقيّة أعضاء المحكمة "طبيعي ووارد باعتبار أن أكبر كتلة تضمّ 68 صوتا فقط"، متابعا "لذلك يستحيل الحصول على 145 (وفق ما ينص عليه القانون المنظم للمحكمة الدستورية) بلا توافق". وأضاف غديرة في تصريح ل"الشارع المغاربي"أنه يرفض ما أسماه ب"التوافق الإجباري المفروض على النواب" باعتبار أنه يفرض عليهم التنازل عن آرائهم باسم التوافق. وشدّد المتحدّث على أن اقتراح رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السبسي هو الحل الأمثل لتسهيل عمل مجلس نواب الشعب في انتخاب بقية أعضاء المحكمة الدستوريّة. والمحكمة الدستورية التي أقرها الدستور الصادر في 26 جانفي 2014، هي "هيئة قضائية مستقلة ضامنة لعلوية الدستور وحامية للنظام الجمهوري الديمقراطي وللحقوق والحريات في نطاق اختصاصاتها وصلاحياتها المقررة بالدستور والمبينة بقانونها"، وفق البند الأول من قانونها الأساسي الصادر في 2015. وتتكون المحكمة من 12 عضوا هم 9 مختصين في القانون و3 من غير المختصين في القانون. وينتخب البرلمان 4 أعضاء، فيما ينتخب المجلس الأعلى للقضاء (مؤسسة دستورية مستقلة) 4 ويعين رئيس الدولة 4 آخرين.