تبدو اليوم حركة النهضة في كامل قواها و في تناغم كبير بين الشق الحزبي و الشق الحكومي ، فبعد الغيوم التي احدثها توقيع زعيم الحركة راشد الغنوشي على مبادرة الحوار الوطني ، كانت للغنوشي وقفة اخرى اعاد فيها المياه الى مجاريها ثم جاء موقف رئيس الحكومة علي العريض المباشرو الذي اعتمد الوضوح واعلن عن عدم قبولة التفريط برئاسة الحكومة دون توفر الضمانات الفعلية لبقاء قطار الانتقال الديمقراطي على سكة الشرعية . وكان راشد الغنوشي زعم حركة النهضة أطلق في حواره الصحفي الاخير ثلاثة شروط لاستقالة الحكومة تتمثل أولا في التهدئة الشاملة سياسيا و اجتماعيا و إعلاميا و ثانيا في استكمال المسار التأسيسي بما يعنيه من انهاء كتابة بالدستور و هيئة الانتخابات و ضبط موعد الانتخابات و سن قانون انتخابي . أما الشرط الثالث فيهم تفعيل المبادرة التى تنصّ في أبرز نقاطها على تعهّد الحكومة بالاستقالة و حسب زعيم حركة النهضة يجب توفير الضمانات المؤسساتية و التشريعية و السياسية لتواصل مسيرة الانتقال الديمقراطي . و تأتي الشروط الثلاث في تناغم كبير مع ما صرح به رئيس الحكومة علي لعريض في حواره المتلفز الأخير و اشترك بذلك رئيس الحكومة ورئيس الحزب الحاكم في رؤية واحدة خاصة بمستقبلة الحالة السياسية في البلاد ، و كانت هذه الشروط بمثابة خارطة طريق موازية عنوانها الكبير ‘تلازم المسارين التأسيسي والحكومي'. وقد تمكنت الحركة الى حد كبير من إرباك كل الأطراف المتفاوضة ودفعتهم أكثر من مرة الى أعادة ترتيب أوراقهم المبعثرة بطبيعتها وتمكنت بذلك من اعادة بوصلة الحوار الوطني الى الهدف الصحيح وهو الخروج من الازمة و ليس اخراج النهضة من دواليب الدولة ، مقابل ذلك تبدو الأطراف الراعية للحوار في موقع لا تحسد عليه بل إنه لا حلول لديها للخروج من المأزق المفاوضات الذي باتت تتحكم فيه حركة النهضة وتديره بذكاء يتناغم مع المصلحة العليا للبلاد . وبعد كل هذه المجهودات وهذا الوقت مازلنا نسمع أصوات قادمة من عمق المعارضة تهدد بالانسحاب من الحوار وبالعودة الى الشارع وهي تعلم أن هذا الشارع لم يعد مستعد للانتحار بعد ما تم استنزافه على كل المستويات، لذلك فالشارع سيخذل لا محالة من يحاول العبث بمستقبل الانتقال الديمقراطي . مجول بن علي