في خطوة لتدارك أزمتها المالية ، لأوصى رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى تونس، بورن روثر، تونس، بخفض قيمة الدينار، بهدف إكساب الصادرات مزيداً من القدرة التنافسية. وقال روثر، لوكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية الأميركية، الأربعاء، إن "تونس لا تحتاج إلى خفض مفاجئ لقيمة عملتها، لكنها تحتاج إلى أن يكون سعر الصرف مساويا لقيمة الدينار الحقيقية". وأضاف رئيس بعثة الصندوق، أن عجز الميزان التجاري بصدد التقلص، بعد خفض نسبة العجز، خلال جانفي وفيفري الماضيين، بنسبة 25%، وتحسن نسبة الصادرات 43%، مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2017. وأكد أن تراجع احتياطي تونس من العملة الصعبة يؤثر في الاستثمار، لكنه لا يمثل أزمة مالية، مشيرا إلى أن تأخر صرف أقساط قرض الصندوق ساهم في تراجع احتياطي العملة الذي كان ارتفع إلى 4.6 مليارات دولار، أي ما يعادل 78 يوم توريد، بعد أن نزل خلال الأسابيع المنقضية إلى ما دون 74 يوما. و في هذا الإطار قال الخبير الإقتصادي الصادق الجبنون ، في تصريح اذاعي الاربعاء ، انه من بين ال14 نقطة التي تم الإتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي هو إضفاء نوع من المرونة في التعامل مع الدينار التونسي ما يعني تعويمه. و يرى صندوق النقد الدولي أن قيمة الدينار التونسي تفوق قيمته الأصلية بين 10و 20% . كما اعتبر الصادق جبنون أن هذا التخفيض من سعر صرف الدينار لن يساهم في تعزيز المنافسة في الساحة الدولية مضيفا أن السياسة النقدية التونسية مضطربة و تحت سيطرة صندوق النقد الدولي ٬ مؤكدا أن التخفيض المتواصل لسعر صرف الدينار ستكون له انعكاسات خطيرة و سيكون هناك تضخم مضاعف بالبلاد التونسية حسب قوله. و أضاف قائلا " لا نريد ان تكون تونسزيمبابوي اخرى " في اشارة الى نسبة التضخم. ومن جانبه، قال الأستاذ الجامعي والباحث في الإقتصاد، عارم بلحاج، اليوم الأربعاء 4 أفريل 2018، إن تصريحات رئيس بعثة صندوق النقد الدولي، بيورون روثر، بشأن العمل على التخفيض أكثر من قيمة الدينار، تبعث على الإرتباك بخصوص طريقة تفكير هذه المؤسّسة الماليّة و"تظهر، مرّة أخرى، وبشكل جلّي أنّها تطرح الحلول ذاتها على كلّ البلدان وإن اختلفت ظروفها الاقتصاديّة". وأضاف بلحاج، "إتضح أنّ الحلول المقترحة على بلادنا غير ملائمة وحتّى خطيرة على إقتصادنا وعلى السلم الإجتماعي،ولن يكون لهذه التوصية الإنعكاسات المعلنة من الصندوق بل بالعكس سيعمل التقليص من قيمة الدينار على تغذية التضخّم وإثقال ديون تونس واقتصادها"، وفق وكالة تونس افريقيا للأنباء. وأشار الباحث الاقتصادي، إلى "إنّ تعويم الدينار المرغوب من صندوق النقد الدولي سيكون بمثابة الإنتحار بالنسبة لإقتصاد لم يعرف كيف يعمل وبدأ في التمهيد لبناء منوال تنموي جديد"، وقال: "إنّ التعويم، الذّي سيدفع الدينار إلى التقهقر مجدّدا لن يشجّع المؤسّسات التونسيّة على الدفاع عن موقعها وتحسين اندماج الصناعة التونسيّة ضمن سلاسل القيمة العالميّة، وسيبقى الاقتصاد الوطني مستقبلا معتمدا على المناولة مع معدّل صرف متدهور ويد عاملة زهيدة"، حسب تقديره. يذكر أن صندوق النقد الدولي كان قد أوصى ، في بيان، الأربعاء الماضي، الحكومة التونسية، باتخاذ إجراءات قوية لمعالجة الوضع المالي للبلاد والموازنة العامة، تتضمن زيادة الإيرادات الضريبية، وكبح زيادات الأجور في الوظائف الحكومية. وطلب الصندوق من تونس كبح الإنفاق الجاري لتخفيض الدين، وزيادة الإنفاق الاستثماري والاجتماعي. وبحسب البيان، "تتمثل أولويات 2018 في تعزيز التحصيل الضريبي، وتنفيذ عمليات المغادرة الطوعية للعاملين في الخدمة المدنية، وعدم منح زيادات جديدة في الأجور، وسن زيادات ربع سنوية في أسعار الوقود". وتعتزم الحكومة رفع سعر المحروقات 4 مرات هذا العام، بسبب ارتفاع سعر برميل البترول عالميا إلى نحو 65 دولاراً، بحسب الوزير المكلف بالإصلاحات الكبرى، توفيق الراجحي. وقال الراجحي إنّ الحكومة برمجت تخصيص 1500 مليون دينار لدعم المحروقات خلال إعداد قانون المالية للعام 2018، إلا أن الدعم ارتفع إلى 4000 ملايين دينار. ورفعت الحكومة، مطلع أفريل الجاري، أسعار المحروقات 50 مليما، بعد أن كانت قد رفعتها بداية العام الحالي، علاوة على زيادة سعر قارورة الغاز المعدة للاستعمال المنزلي 300 مليم. وكان محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، أكد، في 8 مارس الماضي، أن البنك المركزي لا يمكنه الدفاع عن الدينار في ظل تراجع الاحتياطات الأجنبية إلى مستوى لا يكفي إلا لتغطية واردات أقل من 80 يوماً.