تتحدّثُ مصادر حزبية كثيرة عن "تغيير حكومي وشيك" قبل انطلاق "البلديات"، ذات المصادر اكدت ان هناك اجتماعا يُعقد في هذا الغرض، دُون أن توضح ان كان هذا التغيير يقتصر على الحقائب فقط أم سيشمل رئيس الحكومة يوسف الشاهد ، فهل تتم التضحية بيوسف الشاهد استجابة لطلب المركزية النقابية ؟ و ما هو تأثير هذه التغييرات على الاستقرار السياسي بالبلاد؟ وقالت مصادر سياسية إن المداولات والنقاشات التي تمّت خلال اجتماع لجنة وثيقة قرطاج الإثنين، كشفت عن وجود صفقة "خفية" لإدخال تعديلات على الحكومة . يأتي ذلك بعد أن صعّد الاتحاد العام التونسي للشغل من حدّة لهجته تجاه الحكومة ، إذ عبّر عن تمسكه بضرورة إجراء تغيير حكومي، لكنه لم يوضح، إلى الآن، إن كان يشمل تغيير بعض الوزراء، أو تغيير الحكومة كاملة، بمن فيها رئيسها يوسف الشاهد. وقالت مصادر سياسية متطابقة مقربة من قصر قرطاج وأخرى مقربة من المكتب التنفيذي للمركزية النقابية إن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أعرب عن تفهمه للانتقادات اللاذعة التي ما انفك يوجهها الطبوبي إلى حكومة الشاهد والائتلاف الحاكم الذي كثيرا ما استخف بالأوضاع. وشدد على أن الأزمة السياسية والهيكلية التي تشهدها البلاد لا تستوجب فقط تشكيل حكومة جديدة وإنما تستوجب بالأساس سياسات اقتصادية واجتماعية متوازنة تراعي المصلحة الوطنية وفي مقدمتها المقدرة الشرائية للتونسيين وعدم التفويت في مؤسسات القطاع العام التي تبقى تحت إدارة الدولة. وكان السبسي استقبل الطبوبي خلال الأيام القليلة الماضية في خطوة رأى فيها مراقبون مؤشرا الى تفاعل الرئيس التونسي مع مطالب المركزية النقابية التي رفعت من نسق تصعيدها تجاه أداء الحكومة التي تصفها ب"الفاشلة" حتى أن الأمين العام لم يتردد في القول بأن الاتحاد دخل في حرب مع الشاهد بشأن التفويت في المؤسسات العمومية. ويقول مراقبون إن الشاهد الذي يعاني ضغوطا من المنظمة النقابية الأكبر في البلاد (اتحاد الشغل) بإصرار الأخيرة على إجراء تعديل وزاري، ومن أحزاب معارضة ترفض إصلاحاتها الاقتصادية "الموجعة"، قد تكلفه إقالته من منصبه مع توسع دائرة الانتقادات الموجهة إليه من قبل الأحزاب الحاكمة وتصاعد الحرب الكلامية بشأن مصير حكومته. ووسط تمسك الطرف النقابي باقالة يوسف الشاهد، دافع راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في حوار مع مجلة ‘"جون أفريك"، مؤخرا، عن حكومة الشاهد وذلك في معرض رده على انتقاد رئيس الحكومة السابق مهدي جمعة لأداء الحكومة الحالية. وقال الغنوشي "المسألة لا تتعلق بالأشخاص وبالتالي فلا يحق لأحد المزايدة على غيره في وضع اقتصادي صعب ومرحلة انتقالية سقف المطالب الاجتماعية فيها مرتفع جدا". ويقول مراقبون إنه من الصعب على أي حكومة في مثل هذه الأجواء المتشنجة أن تضع حلولا للمشكلات والأزمات، لأنها ما إن تنتهي من مشكلة حتى تولد أخرى بسبب تعنّت النخب السياسية وإيلاء الأهمية لمصالحها الانتخابية المرتقبة، مما نتجت عنه حالة من الإحباط وفقدان المواطن للثقة في قياداته. وبعد الثورة التي اطاحت بالنظام السابق ، مرت تونس بسبع حكومات متعاقبة وهي: حكومة محمد الغنوشي الأولى والثانية ، وحكومة الباجي قايد السبسي ، وحكومة حمادي الجبالي وكذلك حكومة علي العريض ، وحكومة مهدي جمعة، ثم حكومة يوسف الشاهد التي انطلقت في عملها منذ سبتمبر 2016. الوتيرة المتسارعة لتغيير الحكومات في تونس ، اعتبرها بعض الخبراء قدْ تبعثُ برسائل سيّئة إلى الداخل والخارج بشأن الاستقرار من خلال التغييرات الحكومية المتسارعة، فيما يقول البعض الآخر أنّ "تونس دخلت مرحلة إنتاج الأزمات الدورية، كشكل من أشكال الحكم، فلم يمض على تشكيل الحكومة إلا وقت قصير، ونجد أنفسنا أمام ضرورة تشكيل حكومة جديدة". و في كلمة ألقاها ، خلال مؤتمر نظمه تجمع لمؤسسات اقتصادية خصص لبحث واقع المؤسسة التونسية ، قال يوسف الشاهد أن عدم الاستقرار هو أكبر عدو للاقتصاد، وكلما تواصل زادت صعوبة إعادة ثقة المستثمرين والمؤسسات العالمية بالاقتصاد التونسي. ويأتي حديث الشاهد في ظل مفاوضات جديدة تجريها أحزاب الائتلاف الحكومي ومنظمات وطنية يتقدمها الاتحاد العام التونسي للشغل، لتعديل وثيقة قرطاج التي تتضمن أولويات الحكومة الحالية منذ تسلم مهامها قبل عامين.