عرفت تونس خلال الثلاثية الأخيرة ، جملة من المستجدات والتطورات على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية و اهتزت الحكومة على وقع الإضرابات والاعتصامات التي تعيشها الجهات ما أدّى إلى تشتتها بسبب الحلول الترقيعية التي عادت بمفعول عكسيّ على هذه الجهات و اختنقت الحكومة لضغوط النقابات ومراكز القوة السياسية والمجتمعية فضلا عن ما ترتب عنه من غضب شعبيّ لقاء الترفيع في أسعار الأدوية والمحروقات و بعض المواد الغذائية ،أحداث و إن دلّت على شيء ، فهي تدل عن حاجة البلاد لإصلاحات فورية و" كبرى". ولتخفيف الأعباء الاقتصادية و الاجتماعية التي تمر به البلاد ، تعمل الحكومة على بسط استراتيجية طويل المدى من أجل وقف نزيف هذه الأزمات ، ما دفعها لتنظيم ندوة لتدارس المسائل الأساسية، ندوة لقبها سياسيون "بعرس الاصلاحات الكبرى" نظرا لأهميتها في اصلاح 7 محاور كبرى : وهي المنظومة الجبائية ومنظومة تمويل الإقتصاد ومنظومة الدعم والوظيفة العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية والصناديق الإجتماعية وإرساء ارضية الامان الإجتماعي عبر تحديث الإدارة إضافة إلى عديد الإصلاحات القطاعية في المؤسّسات العمومية . إصلاحاتٌ تعهد بها يوسف الشاهد في مارس 2017 (أي منذ أكثر من سنة) ليتمّ بعد ذلك تخصيص كتابة دولة لها تحت وصاية الوزير توفيق الراجحي . و نظمت الحكومة اليوم الاربعاء 11 افريل ندوة الوطنية حول الإصلاحات الكبرى و التي تحضرها مختلف المنظمات و المؤسسات والشخصيات. وأكد الوزير المكلف بمتابعة الإصلاحات الكبرى توفيق الراجحي، أن ندوة الإصلاحات الكبرى هي بمثابة "عرس الإصلاحات الكبرى". وأضاف الراجحي في تصريح لراديو "اكسبراس" أن الهدف الأساسي من الندوة هو تبادل الأفكار مع المنظمات الوطنية والأحزاب والنواب والمجتمع المدني، والقطع مع سياسة مناقشة الإصلاحات في المكاتب المغلقة بين الإداريّين والخبراء، مشيرا إلى أن شعار الندوة "نحب نقدّم" من إختيار مجموعة من الشباب وليس من اختيار الحكومة. وأكد المتحدّث أنه تم اختيار 4 إصلاحات لمناقشتها خلال الندوة وتتويجها بتقارير وتوصيات وتهم الصناديق الاجتماعيّة والمؤسسات العمومية والوظيفة العموميّة إضافة إلى منظومة الدعم. واعتبر الراجحي أن إصلاح الوظيفة العمومية يبدأ بتحسين وترشيد وتعصير منظومة الموارد البشرية والتحكم في كتلة الأجور مشدّدا على أن الاصلاحات الموجعة هي التي تستوجب تضحيات كل الأطراف لتفادي رهن البلاد بالديون الخارجية وتأمين التضامن بين الأجيال. و رفض الاتحاد التونسي للشغل دعوة الحكومة لحضور الندوة المذكورة، وقال الأمين العام للمنظمة نور الدين الطبوبي ان الاتحاد لن يلب دعوة الحكومة لحضور الندوة الوطنية حول الاصلاحات الكبرى معتبرا هذه الندوة تشويشا على وثيقة قرطاج. كما اعتبر الطبوبي ان الدعوة جاءت متأخرة ولم يتلقوا أي توضيح بخصوص محاور الندوة، متسائلا : هل ان الحكومة ملزمة بمخرجات لجنة الخبراء المنبثقة عن وثيقة قرطاج أم ان هناك رؤية أخرى؟. ونفى الطبوبي من جهة أخرى أي تنسيق مع منظمة الأعراف لمقاطعة هذه الندوة. وأعلنت الجبهة الشعبية بدورها عن مقاطعتها "ندوة الإصلاحات الكبرى" التي دعت إليها رئاسة الحكومة وعلّلت الجبهة قرار مقاطعتها للندوة برفضها "أن تكون شاهد زور" في ندوة قالت إنها "ستكون غطاءً لتمرير إملاءات صندوق النقد الدولي المعادية للشعب وللوطن". و يُعيب مراقبون على الاتّحاد و الجبهة الشعبية تعاملهما "السلبي" مع الحكومة حتى إن كلفهم ذلك التضحية بالمصلحة العامة للبلاد ، وبات كل من المنظمة و الحزب يعتمدان في معاملتهما مع حكومة الشاهد سياسة المعارضة لأجل المعارضة ، و رفع "اللاءات" الكثيرة رغم ما تقتضيه الحاجة من تكاتف و تعاضد جميع الأطراف على اختلافاتهم ، استجابة لما يتطلبه الظرف الحساس التي تمرّ به البلاد. و قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال اشرافه، اليوم الاربعاء 11 أفريل 2018، على ندوة وطنية حول الاصلاحات الكبرى ،"الإصلاحات لا تُملى علينا من اي طرف ...فهي خيارنا "وجاء تصريح الشاهد كرد غير مباشر على اتهامه بتطبيق املاءات صندوق النقد الدولي وتقديمها كاصلاحات . وأكد أن أهم ملفات الإصلاح في البلاد هي الإصلاح الجبائي التي قال انها تعتبر من اخطر عمليات الفساد التي تهدد سلامة مناخ الاعمال وتشكل خطرا على الموازنات العمومية والحياة السياسية والاجتماعية مبرزا أن الحكومة تشتغل على "تحسين المنظومة الجبائية حتى تكون اكثر عدلا". يذكر أن يوسف الشاهد أعلن في مارس 2017 عن " لجان لتدارس الإصلاحات الكبرى" بعد لقائه بممثلين عن الأحزاب الممضية على وثيقة قرطاج وقال أنها ستكون سندا للحكومة للشروع في إصلاحات كبرى تقدّم حلولا جذريّة لعدد من الإشكاليات و الملفات العالقة ، ولكن تمّ التراجع عن هذا اللجان ، ليخصص يوسف الشاهد كتابة دولة تُعنى بهذه الاصلاحات في شهر سبتمبر الماضي خلال اجرائه لتحوير وزاريّ.