لم تتوانَ قطر عن تأكيد موقف قطر الثابت في دعم تونس شعبا وسلطة منذ ثورة 2011 إلى يومنا هذا، على اختلاف الحكومات المتعاقبة، وتباين توجهاتها وقناعاتها السياسية؛ حيث ما فتئت قطر تؤكد موقفها المبدئي بدعم تونس، حكومة وشعباً.. وقد اتّسمت العلاقات التونسيةالقطرية خلال السنوات الاخيرة بتقارب كبير، وذلك بتعزيز التعاون والشراكة في كافة المجالات، سواء على الأصعدة السياسية والاقتصادية والتجارية، أو على مستوى تقارب المواقف فيما يتعلق بالملفات الدولية والإقليمية. وأمام معضلة البطالة التي تشكو منها تونس ، أبدت دولة قطر استعدادها في أكثر من مناسبة لتوفير مواطن شغل إلى تونسيين في مختلف الإختصاصات. وفي خضمّ هذا الشأن ، قال مدير عام الوكالة التونسية للتعاون الفني البرني الصالحي الخميس 19 افريل 2018، إن الوكالة استقبلت 24 ألف طلب شغل من قبل تونسيين للعمل في الخارج، سيما وأن هناك أسواق جديدة مفتوحة على غرار السوق القطرية التي طلبت تشغيل يد عاملة تونسية في اختصاصات مختلفة كقطاع الصحة والتعليم والميكانيك. وأكد البرني خلال برنامج اذاعي أن دولة قطر أعطت الأولوية في التشغيل للتونسيين وطلبت توفير 5000 يد عاملة بشهائد عليا وتكوين مهني، مشددا على أن اليد العاملة التونسية تحضى بالإحترام والتقدير في الخارج. وأضاف نفس المصدر أن الوكالة تطمح إلى تشغيل 3000 تونسي خلال السنة الجارية. يشار إلى أنه على المستوى الثنائي تعد العلاقات بين تونس و قطر نموذجا للعلاقات الأخوية المتينة، وقد تطورت هذه العلاقات بشكل كبير، سيّما عقب المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد والاستثمار الذي احتضنته تونس في 29 و30 نوفمبر 2016 ، والذي أثبتت خلاله قطر استعدادها للأخذ بإزر تونس في محنتها الاقتصادية من خلال ضخّ المساندات الاقتصادية والاستثمارية لإخراجها من عنق الزجاجة. وعقب تصريح سفير قطر في تونس سعد بن ناصر الحميدي مطلع العام الجاري الذي أكد فيه أن بلاده تسعى إلى توفير فرص عمل أكثر للتونسيين من الكفاءات واليد العاملة وذلك استجابة لحاجيات سوق الشغل بقطر ومساهمة في التخفيض من البطالة في تونس، وقّع 25 نائباً من مجلس نواب الشعب من مختلف الكتل النيابية على مبادرة من أجل فتح آفاق تشغيلية في الدوحة لنحو 25 ألف شاب تونسي. وفي خضم هذا الشأن، أكد عضو مجلس نواب الشعب ماهر مذيوب ، وهو صاحب المبادرة، أن السلطة التشريعية في تونس يجب أن تقوم بدورها من أجل تعزيز مجهودات الدولة في التشغيل، مشيراً إلى أن الاستثمار الحقيقي في تونس يجب أن يكون في شبابها الذي يعاني من انحسار أفق التشغيل. وفيما يتعلق بالمبادرة ، أكد مذيوب أنها بمثابة الرسالة للسلطات الرسمية في البلدين، من أجل العمل عبر القنوات الرسمية لدراسة إمكانيات التشغيل التي يمكن أن توفرها السوق القطرية لليد العاملة التونسية، بمختلف مستوياتها التعليمية. كما أشار في ذات السياق إلى أن الميزانية التشغيلية والتنموية في قطر تناهز 50 مليار دولار، وهو ما يمكنها من خلق مئات الآلاف من فرص عمل يتاح لشباب تونس نصيب جيد منها، لا سيما أن هذه الفئة تختصّ بميزات تفاضلية وقدرات تنافسية مهمة تسهل دخولها إلى سوق العمل القطري. وأكد مذيوب أن قطر تنجز مشاريع استثمارية عملاقة في القطاع الصحي والرياضي ومشاريع البنية التحتية على غرار مستشفى السدرة وميناء حمد، معتبراً أن الكفاءات التونسية قادرة على تقديم الإضافة في تنفيذ أو تشغيل هذه المشاريع. و لطالما أبدت دولة قطر دعمها لتونس على جلّ الأصعدة وعبرت في أكثر من مناسبة عن مساندتها للتجربة التونسية الناجحة التي تخوضها في مسار الانتقال الديمقراطي. وقد أكد سفير تونس لدى قطر صلاح الصالحي ، في تصريح صحفي منتصف جانفي الجاري ، أن حجم المبادلات التجارية بين قطروتونس يشهد تطوراً مستمراً؛ حيث بلغت المبادلات التجارية حوالي 90 مليون دينار تونسي حتى شهر نوفمبر 2017، مقابل حوالي 70 مليون دينار خلال 11 شهراً من سنة 2016، لافتاً إلى أن التعاون الاقتصادي بين البلدين يشهد تطوراً مستمراً، والأرقام مرشحة للارتفاع مستقبلاً. وتظهر الأرقام التي كشف عنها السفير استمرار الدعم القطري الثابت لتونس سياسياً واقتصادياً طوال السنوات السبع الماضية؛ حيث ظلت الدبلوماسية القطرية ثابتة في دعمها لثورة الشعب التونسي ومساره نحو الديمقراطية، موازاة مع استمرار الدعم المالي لتحريك عجلة الاقتصاد التونسي، ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه تونس. وفي تصريح سابق، قال السفير صلاح الصالحي: «إن علاقات قطر المهمة مع تونس هي علاقات مع دولة وشعب، بغض النظر عن الحكومات، وتواصل الدعم القطري قبل الثورة وبعد الثورة. ورغم تغير الحكومات، فإن الأرقام تؤكد أن الدعم القطريلتونس ليس له علاقة بطبيعة الحكومات الموجودة». يذكر أنه خلال زيارة رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد إلى الدوحة، تمّ توقيع 11 اتفاقية على مستوى الحكومات، واتفاقيات أخرى على مستوى رابطتي رجال الأعمال في البلدين، ما يعني حوالي 13 اتفاقية في المجمل. وتلتها اتفاقيات أخرى بمناسبة الزيارات المتبادلة لمسؤولي البلدين؛ حيث شهدت السنوات السبع الماضية زخماً هائلاً من تبادل الزيارات الرسمية بين مسؤولي البلدين، كان أبرزها زيارة الرئيس الباجي قائد السبسي، وزيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى تونس، وزيارات مختلفة لمسؤولي البلدين. على الصعيد الاقتصادي، لم تتوقف قطر عن تقديم الدعم المالي للمساهمة في انطلاق القاطرة الاقتصادية التونسية. وتجسّد الدعم القطري مجدداً لدى تنظيم منتدى الاستثمار2020 الذي احتضنته تونس في موفى شهر نوفمبر 2016، والذي أعلن خلاله أمير قطر عن توجيه دعم مالي بقيمة 1.250 مليار دولار لفائدة الاقتصاد. وعلى إثر المؤتمر، تم تحويل مليار دولار لفائدة الاقتصاد التونسي، وتأسيس أول فرع لصندوق قطر للتنمية خارج دولة قطر في تونس؛ حيث سيتولى إدارة باقي المبلغ من خلال تمويل العديد من مشاريع التنمية في تونس.