تعيش مدينة جربة على وقع حركيتها المعهودة في مثل هذه الفترة من كل عام التي تتزامن مع موسم حج اليهود بمعبد الغريبة الذي يأتيه الحجيج من شتى أقطار العالم. وقد انطلقت رسمياً، الأربعاء، مراسم احتفالات وطقوس اليهود للحج إلى كنيس الغريبة لتستمر حتى اليوم الخميس، وسط تعزيزات أمنية مشددة، مع العلم ان الاحتفالات غير الرسمية لليهود كانت قد انطلقت منذ يوم السبت 28 أفريل لتستمر إلى يوم الأحد 6 ماي الجاري. ويتدفق الوافدون من كل أصقاع العالم إلى هذا المزار السنوي في اليوم ال33 من تقويم الفصح اليهودي، الذي يصادف يوم الأربعاء، بحسب التقويم الميلادي. و في خضم هذا الشأن، قال رئيس جمعية الغريبة ورئيس الطائفة اليهودية بتونس، بيريز طرابلسي، إنه يتوقع أن يبلغ عدد الحجيج لهذا العام قرابة 6000 آلاف حاج، أي ما يناهز ضعف عدد زوار العام الماضي، مشيرا إلى أن تحسن الوضع الأمني شجع على قدوم حجاج من جنسيات لم تأت قبل ذلك، على غرار القادمين من روسيا. وتابع في السياق ذاته، أن هذا الحدث يؤثر على الحركة الاقتصادية والتجارية والسياحية في المدينة، ويعكس تحسناً في الوضع الأمني والاستقرار الذي تعيشه البلاد. ولتأمين هذا الاحدث، شددت السلطات الحراسة حول مداخل جزيرة جربة ومحيطها، وانتشرت قوات الأمن والشرطة والجيش بأعداد غير مسبوقة ، وجهزت المداخل والبوابات بآلات فحص وتفتيش. وتنظم الزيارة السنوية لليهود إلى كنيس الغريبة في جزيرة جربة على مدى أيام معدودة من شهر ماي في كل عام ، حسب تأكيد بيريز . ويحظى كنيس الغريبة بمكانة خاصة عند اليهود، ويعتبرونه أقدم معبد يهودي في أفريقيا، وتوجد فيه، بحسب الأسطورة، واحدة من أقدم نسخ التوراة في العالم. وفي هذا الصدد، لفت الطرابلسي إلى أن اليهود يزورون كنيس الغريبة منذ أكثر من 200 عام لإقامة طقوس دينية واحتفالات "الهيلولة". وتتمثل هذه الطقوس والاحتفالات في إقامة صلوات وإشعال شموع داخل الكنيس والحصول على "بركة" حاخاماته وذبح خرفان قرابينا والغناء وتناول نبيذ "البوخة" المستخرج من ثمار التين والذي يشتهر بصناعته يهود تونس دون سواهم. ويقع معبد "الغريبة" في قرية صغيرة بجزيرة جربة، سكنها اليهود في الماضي، وتسمى "الحارة الصغيرة" حالياً، وتبعد عدة كيلومترات جنوب غرب حومة السوقالمدينة الأكبر بجربة. ويتمثل "حج الغريبة" في جملة من الاحتفالات وإقامة صلوات وإشعال شموع داخل الكنيس والحصول على "بركة" حاخاماته. و كان كنيس الغريبة في السابق يحظى بقدوم عدد كبير من اليهود الذين يقصدونه من اجل الحج ، بلغ في وقت من الأوقات 8000 يهودي ، إلا أنه منذ تعرض الكنيس في 11 أفريل 2002 لهجوم انتحاري بشاحنة مفخخة كان قد تبناه تنظيم القاعدة و أسفر عن مقتل 21 شخصا هم 14 سائحا ألمانيا و5 تونسيين وفرنسيان ، تراجع عدد الحجيج اليهود . فضلا عن أنه منذ ثورة 14 جانفي 2011 ، تراجع تراجع عدد زوار الغريبة إلى بضع مئات فقط بسبب تواتر العمليات الارهابية بالبلاد بين الفينة و الأخرى . جدير بالإشارة أنه يعيش في تونس حوالي 1500 يهودي وفق احصائيات المعهد الوطني للاحصاء ل2014 ، يقيم أغلبهم في تونس العاصمة و جربة ، في حين أنه قبل استقلال تونس من الاستعمار الفرنسي سنة 1956 كان يعيش في تونس أكثر من 100 ألف يهودي إلا أنهم غادوها بعد الاستقلال .