لا تزال مسألة من سيتقلّد منصب رئاسة بلدية تونس العاصمة أو ما يعرف ب"مشيخة المدينة" تتصدّر واجهة الأحداث، وسال الكثير من الحبر حول هذا الموضوع، سيّما وأن القضيّة لم تعد تتعلّق بالمنصب في حدّ ذاته، وإنما تحوّلت إلى جدلية سيطرة الإيديولوجيا "المتعصّبة" على عقول بعض الأطراف لتدفعهم إلى رفضِ الآخر مهما فعل. و "شيخ المدينة" سيكون منتخبا لأول مرة في تاريخ البلاد بعد أن كان المنصب البلدي الوحيد الذي يُستثنى من الانتخاب وتعيّنه السلطة التنفيذية، منذ العهد العثماني وتواصل حتى بعد الاستقلال خلال نظام الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. و تنحصر المنافسة على هذا المنصب بالأساس بين مرشحي الحزبين الكبيرين بالبلاد: سعاد عبد الرحيم عن حركة النهضة وكمال ايدير عن نداء تونس، وسط شد وجذب و جدل سياسي واسع باعتبار أن القانون الانتخابي المحلي لا يمنح بصفة آلية المتحصّل على أكثر عدد من الأصوات في الدائرة الانتخابية رئاسة المجلس البلدي. و في خضم هذا الشأن، قالت سعاد عبدالرحيم "إنها فخورة جدّا بأن تكون أول ‘شيخ مدينة' منتخب في تاريخ البلاد". و أكدت، في الصدد ذاته ، أنه إن تم التوافق على منحها هذا المنصب فإن تونس ستنتصر فعلا لمبدأ مناصرة المرأة ووجوب تشريكها في مراكز القرار السياسي، لافتة إلى أن التوافق بين رؤساء القوائم سيحسم هذه المسألة. و أشارت مرشحة النهضة لمنصب ‘شيخ المدينة" إلى أن آلية الانتخاب ستكون ربما حاضرة وسيشارك فيها على دورتين رؤساء القوائم الفائزين لانتخاب رئيس المجلس البلدي لمدنية تونس العاصمة. و حول حظوظ سعاد عبد الرحيم في الفوز بمنصب شيخ بلدية تونس، قالت النائب بحركة النهضة يامينة الزغلامي ان حركة النهضة متمسكة بكل حظوظها على مستوى بلدية تونس مشيرة الى ان النهضة قد فازت بجميع بلديات العاصمة. وتابعت القول في ذات السياق إن فوز عبد الرحيم في بلدية تونس هو امتحان للأشخاص الذين يساندون التيار النسوي الحداثي ولمن يؤمنون بالمساواة خاصة وانه منذ الثورة والى حد اليوم فانه لا وجود لاي امرأة تونسية تقلدت منصبا هاما في الحكومة والدولة . واعتبرت ،يمينة الزغلامي، أن مرشحة حزبها لمنصب شيخ مدينة تونس سعاد عبد الرحيم، قد تعرضت منذ فوزها الى " عنف سياسي " وقالت الزغلامي: "ان المساس بهذه السيدة يدخل تحت طائلة قانون القضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة وليس من حق أي طرف ان يمارس ضدها أي نوع العنف السياسي . هذا و طالبت الزغلامي، جميع النساء بمساندة سعاد عبد الرحيم من اجل الفوز . وفي تعليقه على ذلك، قال المؤرخ والمحلل السياسي د. عبد اللطيف الحنّاشي إن تونس أمام فرصة تاريخية لتأكيد ريادتها على المستوى العربي والإسلامي في مجال حقوق المرأة عبر انتخاب مرشحة حركة «النهضة» سعاد عبد الرحيم على رأس أكبر بلدية في البلاد (شيخ بلدية تونس)، داعيا جميع الأحزاب للتوافق حول انتخاب عبد الرحيم التي أكد أنها مرشحة مستقلة «وإن كانت قريبة من النهضة». و أضاف الحناشي : إذا كان حزبا نداء تونس والنهضة يفكران بشكل جدي في المحافظة على ريادة تونس في مجالات متعددة ومنها الانتقال الديمقراطي الناجح وحقوق المرأة، فسيكون من الأفضل والمستحسن أن يتوافقا مع الأحزاب الأخرى على انتخاب امرأة ك»شيخة للمدينة» لأول مرة في تاريخ تونس وربما في العالم العربي والإسلامي، وهذا يدعم التوجه العام لرئيس الجمهورية ونداء تونس أيضاً الذي يطالب بتطبيق قانون المساواة في الميراث بين الجنسين، كما أن سعاد عبد الرحيم هي مرشحة مستقلة وإن كانت قريبة من النهضة». وكانت شخصيات حقوقية ونسائية دعت إلى تشكيل «تكتل نسائي» لدعم مرشحة النهضة لمنصب رئيس أكبر بلدية في البلاد، أو ما يُعرف ب»شيخ مدينة تونس»، مطالبة الأحزاب السياسية بالنأي عن الخلافات الحزبية والالتفاف لتعزيز مكاسب المرأة التونسية. في المقابل، انتقد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي التعلات التي بدأت في اختلاقها مختلف الأطراف السياسية من أجل ضرب مرشحة حركة النهضة و إخراجها من دائرة المنافسة على منصب شيخ المدينة، على غرار مسألة حضور شيخ المدينة بجامع الزيتونة ليلة السابع والعشرين من رمضان. واستنكروا المساعي لإفشال سعاد عبد الرحيم، مغردين : "من يتبشحون امامنا على مدار السنة بحقوق المرأة وحرياتها، هاهم يسقطون أمام أول اختبار لهم بسبب الايديولوجية! "