أثار مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح المحكمة الدستورية جدلاً كبيرا بين الفاعليين السياسيين ، و انقسمت المواقف بين من يساند التنقيح و بين من يُحذر من تداعياته. يأتي ذلك بعد مصادقة مجلس الوزراء باشراف رئيس الجمهورية على مشروع قانون يتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية، بشكل يخفض الغالبية المطلوبة لانتخاب بقية أعضاء المحكمة الدستورية من (145 من الأصوات إلى 109 صوتا)، أي اعتماد الأغلبية المطلقة بدل أغلبية الثلثين. واعتبر وزير العدل غازي الجريبي أن قانون المحكمة الدستورية الحالي تضمن تناقضا كبيرا باعتباره اشترط في أعضائها الاستقلالية والحياد السياسي في المقابل خول للكتل النيابية ترشيح أعضائها. وأضاف أن اشتراط انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية بأغلبية الثلثين وصل بمسار تركيز المحكمة إلى مأزق كبير بالنظر إلى أن المجلس لم يوفق في استكمال انتخاب الأعضاء الأربعة الواجب انتخابهم طيلة 3 دورات انتخابية متتالية ولم يتم انتخاب سوى عضو واحد. من جهته اكد النائب عن حركة النهضة الحبيب خذر عدم اقتناعه بضرورة تغيير النص في الوقت الراهن مشيرا الى أنه ليس من المناسب مناقشته في هذا الظرف، فيما اعتبرت النائب عن حركة نداء تونس سماح بوحوال أن مشروع التنقيح سيصلح خطا بخطا أكبر منه. في المقابل ترى المعارضة أن رغبة السبسي في خفض الغالبية الانتخابية هدفها "عرقلة دور المعارضة في فرض حياد ونزاهة واستقلالية الأعضاء المنتخبين. وحذّر عضو مجلس نواب الشعب ياسين العياري من سعي حركة نداء تونس للالتفاف على المحكمة الدستورية من خلال مشروع قانون تقدّمت به الحكومة لمجلس النواب، يتعلّق بتنقيح قانون المحكمة الدستورية. من جانبها ، عبرت الجمعية التونسية للقانون الدستوري، اليوم السبت، عن بالغ انشغالها من مشروع تعديل القانون الأساسي للمحكمة الدستورية ودعت جميع المتابعين للانتقال الديمقراطي للانتباه الى مسار تركيز هذه المحكمة ومتابعته لما فيه من تأثير على كل البناء الديمقراطي الحديث. ولاحظت الجمعية في بيان حمل توقيع رئيسها ،سليم اللغماني، الذي ترشح لعضوية المحكمة الدستورية من الاعضاء الذين ينتخبهم مجلس نواب الشعب، ان تغيير قواعد إرساء اعضاء المحكمة الدستورية خلال مسار انتخاب اعضائها من شأنه أن يؤدي الى عدم انسجام تركيبتها الاولى و الى اهتزاز ثقة المواطنين فيها والى ضرب هيئتها و مصداقيتها منذ ولادتها. واكدت الجمعية ايضا في بيانها انه لايجوز ان تتأسس محكمة بهذه الاهمية على توظيف للنصوص القانونية المنظمة لها بتطويعها وفق مصالح ظرفية مضيفة انه لا يجوز ايضا أن تتاسس المحكمة على خرق للنصوص القانونية المنظمة لها. يذكر ان نواب البرلمان قد فشلوا في 21 مارس الماضي للمرة الثالثة على التوالي في انتخاب الأعضاء الثلاثة للمحكمة الدستورية، من أصل أربعة أعضاء بعد أن تم انتخاب المترشحة روضة الورسيغني بأغلبية 150 صوتا في جلسة عامة سابقة. هذا و قرر مكتب البرلمان في اجتماعه المنعقد يوم 16 ماي إحالة مشروع تنقيح المتعلق بالمحكمة الدستورية إلى لجنة التشريع العام.