لا يزال وقع فاجعة قرقنة الأخيرة ، المتمثلة في غرق مركب لمهاجرين غير شرعيين، مدويا على السّاحة لاسيّما وأن تداعياتها مازالت متواصلة إلى حدّ اللحظة مزيحة الستار عن مدى ضعف المؤسسة الأمنية التي خفت عنها مسألة تجمع قرابة مائتي نفر في منزل لمدة قاربت العشرة أيام متواصلة دون أن تتفطن ثم مضيّهم في مركب يمخر عباب المحيط في وقت يعدّ مبكر (الثامنة مساء) دون أن يكون لها علم. و مع احتدام حدة الضغط الذي شنته منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الاعلام بالتنديد المتواصل بهذه الهفوة الأمنية التي تسببت إلى حد ما في حدوث هذه الكارثة، قررت وزارة الداخلية إقالة عشرة مسؤولين في جزيرة قرقنة وولاية صفاقس ينتمون لأسلاك أمنية مختلفة، في حين اعتبر برلمانيون أن تواطؤاً أمنياً مع منظمي رحلات الهجرة السرية يتيحه الفراغ الأمني في تلك المناطق. وإلى حدود يوم أمس الأربعاء، بلغ عدد الجثث المنتشلة من عرض البحر 71 جثة . وتتواصل عمليات البحث والتمشيط عن بقية المفقودين. وأعلنت وزارة الداخلية عن قرار إعفاء 10 مسؤولين في أسلاك أمنية مختلفة في ولاية صفاقس وجزيرة قرقنة على خلفية الحادث المفجع. وشملت الإقالة من قرقنة كلاً من رئيس منطقة الأمن الوطني، ورئيس فرقة الإرشاد، ورئيس فرقة الشرطة العدلية، ورئيس فرقة الحدود البحرية. أما في صفاقس، فقد أقيل كل من رئيس المصلحة الجهوية المختصة، ورئيس فرقة الشرطة العدلية بمنطقة الأمن الوطني، ورئيس منطقة الحرس الوطني، ورئيس فرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة الحرس الوطني، ورئيس فرقة أمن السفن والركاب، ورئيس مركز أمن السفن والركاب. ولفتت وزارة الداخلية في بلاغ رسمي إلى أن قرار الإعفاء صدر إثر البحث والتحقيق الأولي الذي أمر به وزير الدّاخلية خلال زيارته يوم 4 جوان الجاري إلى ولاية صفاقس، وإشرافه على المجلس الجهوي للأمن المسؤول عن التحقيق في ملابسات الفاجعة التي أدّت إلى غرق عدد كبير من المجتازين بعرض سواحل قرقنة، وتحديد المسؤوليات تجاه كل من ثبت تقصيره المباشر أو غير المباشر من الأمنيين. هذه الإقالات لم تخمد نيران غضب التونسيين الذين وصفوا هذه الخطوة ب "ذر الرماد على العيون". واعتبر نشطاء بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك أن الحكومة أرادت من خلال جملة هذه الإقالات إسكات التونسيين، معلقين "كعك ما يطيّر جوع". يذكر أن وزير الداخلية لطفي براهم -الذي أقاله بدوره رئيس الحكومة يوسف الشاهد أمس الأربعاء- أذن بفتح تحقيقات وتحريات خلال زيارة أداها الثلاثاء لولاية صفاقس وإشرافه على مجلس محليّ للأمن للتحقيق في ملابسات حادث غرق قارب المهاجرين غير الشرعيين التي أدّت إلى غرق 66 من المجتازين بعرض سواحل قرقنة. و قد نشرت رئاسة الحكومة أمس الاربعاء بلاغا أفادت فيه بأن رئيس الحكومة قرر إعفاء وزير الداخلية لطفي براهم من منصبه، وتعيين وزير العدل غازي الجريبي وزيرا للداخلية بالنيابة. ووفق المنظمة الدولية للهجرة، حاول 180 مهاجرا ليلة السبت – الأحد الماضيين، عبور المتوسط إلى السواحل الأوروبية على متن قارب صيد. وبحسب المنظمة فإنّ "هذه المأساة تأتي في الوقت الذي أحصت فيه المنظمة وصول 1910 مهاجرين تونسيين، بحرا، إلى إيطاليا، بين مطلع جانفي و30 أفريل الماضيين، مقابل 231 مهاجر بالفترة نفسها في 2017.