أمام متغيّرات المشهد السياسي المتقلب الذي تعيش على وقعه البلاد، تبدو الرؤية حول خفايا المرحلة القادمة من مستجداتٍ ضبابيةٌ نوعًا ما، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام التأويلات والفرضيات حول الأحداث التي من المتوقع أن تشهدها الساحة السياسية. و لعلّ الحديث عن وضع الحزب الحاكم وما بات يطوّقه من عدم استقرار و فوران صلب بيته الدّاخلي، أضحى من أبرز المواضيع التي تتصدر الواجهة، سيّما وأن ماشهده الحزب من ارتجاج ألقى بظلاله على الوضع العام للبلاد، و تحول من شأن حزبي داخلي إلى شأن وطني. جدلية الفرقعة التي يعيشها الحزب، والتي لا تعدّ بالمسألة المستجدّة طالما أنه يعيش حالة انشقاق و تفرّع منذ منتصف عام 2015، عادت إلى تصدّر الواجهة من جديد، لا سيّما وأنه لم يعد يفصلنا عن المعركة الانتخابية التشريعية ل2019 سوى سنة ونيف. ولم تتوقّف الخلافات صلب الحزب عند أركان البيت الداخلي له ، بل وانتقل الخلاف الدائر داخله إلى معقل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وداخل قصره، ليطفو إلى السطح تراشق وتبادل بالتهم بين مستشار الرئيس فراس قفراش، ونجله حافظ قائد السبسي . وأثارت تدوينة نشرها قفراش، المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية والقيادي بحزب "نداء تونس"، حفيظة قيادات في "النداء" وعلى رأسهم المدير التنفيذي للحزب حافظ السبسي. وقال قفراش في تدوينته إن "الباجي قائد السبسي هو الضمانة الأساسيّة لحالة الاستقرار السياسي في البلاد منذ 2011 وإلى اليوم، وإن دعوات البعض ونصائحهم له بتفعيل الفصل 99 من الدستور ومحاولات استدراجه والزج به في معارك حزبيّة رديئة". ولم يتوان السبسي الابن في الرد على المستشار قائلاً "ما كتبه المستشار في رئاسة الجمهورية ملمحاً وكأنه ينقل موقف رئيس الجمهورية لا أساس له من الصحة". وأضاف أن "ما كتبه فراس قفراش يمثل موقفه الشخصي، مستغلاً صفته كمستشار لدى رئيس الجمهورية لبث الشكوك لدى الرأي العام السياسي وقد تأكدنا بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا علم للرئيس بفحوى التدوينة المذكورة". وأمام تفاقم التوتر الذي بات يعانيه الحزب داخلا وخارجا، يرى متابعون أن الحل الوحيد لخروج الحزب من أزمته هو دخول رئيس الجمهورية والرئيس المؤسس لنداء تونس الباجي قايد السبسي على الخط باعتباره الشخصية الوحيدة القادرة على ترتيب البيت الداخلي لنداء تونس وإنهاء حالة الفوضى والخلافات التي يعيشها. بيد أنه شرعيا ليس بإمكان رئيس الجمهورية التدخل بشكل مباشر في مسائل تهم الشأن الداخلي للحزب باعتباره لم يعد يملك الصفة الحزبية، و منصبه الحالي يفرض عليه التعامل بحياد مع كل الأحزاب الناشطة في تونس بما فيها حزب نداء تونس، الأمر الذي يجعله في وضع حرج لاسيّما وأن عددا من القيادات المؤسسة والمستقيلة من النداء كان قد طرح عليه مبادرة تخص عودتهم للحزب من أجل انتشاله من أزمته وإعادة ترميمه، وكان قد أبدى تفاعله مع هذه المبادرة.