يبدو أن العلاقة بين اتحاد الشغل وحكومة يوسف الشاهد تعرف أسوء فتراتها فالحكومة التي أتت بمساندة قوية من المنظمات الوطنية الكبرى تعيش عزلة سياسية وغضب من اتحاد الشغل إزاءها. ويطالب الاتحاد بإحداث تغيير عميق يطيح برأس الحكومة يوسف الشاهد بعد ان كان من أبرز المساندين له وفي فترة لا تعرف العلاقة بينهم توتّر في الجانب المطلبي خاصة أن الطرفين توصّلا إلى اتفاق شامل يوم 13 جويلية الجاري وكذلك اتفقا حول الزيادة في جرايات المتقاعدين التابعين للقطاع العام وهو ما يبرز إزدواجية في تعامل اتحاد الشغل الذي يواصل في سياسته المطلبية في وقت تعيش فيه البلاد في وضع اقتصادي صعب. شهر جويلية الجاري كان شاهدا على توقيع اتفاق شامل بين الحكومة واتحاد الشغل بإشراف الشاهد والطبوبي من اجل تحسين الوضع الاجتماعي وتضمّن الاتفاق الشامل 4 نقاط متمثّلة في فتح جولة جديدة من المفاوضات الاجتماعية في الوظيفة العمومية والقطاع العمومي بجانبيها الترتيبي والمالي بعنوان سنوات 2017-2018-2019 إضافة إلى الانطلاق المفاوضات بداية من إمضاء هذا الاتفاق على أن تنتهي في أجل لا يتجاوز 15 سبتمبر 2018. كما تم الاتفاق على بعث لجنة مشتركة من 5 أعضاء من الحكومة و5 أعضاء من المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي لشغل للتفاوض في هذا الشأن على ان تكون المفاوضات مركزية بجانبيها المالي والترتيبي بالوظيفة العمومية ومركزية بالقطاع العمومي في جانبها المالي وقطاعية في جانبها الترتيبي. وفي سياق الاتفاقات،أفاد وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، أنه قد تم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل حول الزيادات في جرايات المتقاعدين التابعين لمؤسسات القطاع العام لدعم قدرتهم الشرائية وذلك عبر تحويل نسبة من ميزانية الدولة لفائدة صندوق التقاعد كمنحة استثنائية لفائدة المتقاعدين ودعم قدرتهم الشرائية. وأوضح الطرابلسي أن التعديل الآلي لجرايات المتقاعدين الذي اعتمدته الوزارة خلال سنوات 2016 و2017 وجزء من 2018 اعتمادا عل الفصل 37 من قانون التقاعد لسنة 1985 كان متناقضا مع قرار دائرة المحاسبات ( تعد قراراتها قضائية غير قابلة للطعن)، الذي اعتبر أن تلك الزيادات لم تكن فعلية بل مجرد إعفاء جبائي لا تخضع للخصم لفائدة صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية. أما بخصوص المفاوضات الاجتماعية، ذكر وزير الشؤون الاجتماعية، أنه سيتم الاتفاق على إنهاء الإطار العام للمفاوضات في القطاع الخاص وعلى شكل الزيادات ومفعولها قبل نهاية جويلية الجاري أما بالنسبة للمفاوضات في القطاع العام فقد تم الاتفاق على إنهائها وعلى نسبة الزيادات ومفعولها وصيغتها بعنوان سنوات 2017 و2018 و2019 قبل 15 سبتمبر القادم. ولكن في المقابل يبدوا ان الاتحاد عازم كل العزم على الإطاحة بالحكومة حيث قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، أن البلاد تعيش "تعفنا سياسيا" أضر بهيبة الدولة وصورة تونس، مشددا على أن مطالبة الاتحاد المطالبة بتغيير الحكومة " ليست مواقف اعتباطية بل هي مدروسة ومتأنية، لا تتغير ولا تباع ولا تشترى". وأضاف أنه يجب على مجلس النواب أن يتحمل مسؤوليته في حسم الوضع، متابعا "الآن لا وجود لوثيقة قرطاج، تم تعليقها من طرف رئيس الجمهورية". كما صرح بأن " التنازل من شيم الكبار و ليس ضعفا ولا بد أن تتحمل المؤسسات الدستورية وفي مقدمتها مجلس نواب الشعب مسؤوليتها في حسم الخلاف وحيال ما آل إليه الوضع السياسي". ومن جانبه، قال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، "إن الحكومة الحالية فاشلة، مطالبا رئيسها يوسف الشاهد إما بالاستقالة أو الذهاب إلى البرلمان لطلب تجديد الثقة في حكومته". كما دعا الطاهري، رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي إلى تفعيل الفصل 99 من الدستور الذي ينص على حقّ الرئيس في طرح تجديد الثقة على الحكومة على التصويت بمجلس نواب الشعب.