لا تزال الرؤية متعذرة فيما يتعلق بالمشهد السياسي التونسي، وبالتحديد فيما يخص مآل حكومة الشاهد، في ظل تقلب المتغيرات والمستجدات التي تعيش على وقعها الساحة السياسية ، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام التأويلات والفرضيات حول الأحداث التي من المتوقع أن يشهدها واقع البلاد على الصعيد السياسي خلال الفترة القادمة. وقد تكثفت اللقاءات والمشاورات على الساحة السياسية في مساعٍ لحلحلة الأزمة السياسية فيما يتعلق بالجدل القائم حول مآل حكومة يوسف الشاهد، التي أدخلت البلاد في متاهة تصفية الحسابات بين الفرقاء السياسيين. و تتزايد الدعوات المطالبة في تونس بتدخل الرئيس الباجي قائد السبسي على خط الأزمة السياسية التي تعمقت بسبب صراع الأجنحة داخل حزب نداء تونس، قادت إلى تقسيمه إلى تيار موال لرئيس الحكومة يوسف الشاهد ورافض لإقالته وتيار يدعم المدير التنفيذي حافظ السبسي. الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي أكد الخميس 20 سبتمبر 2018، استحالة اسقاط حكومة يوسف الشاهد برلمانيا حتى من قبل رئيس الجمهورية مستندا في ذلك الى دعم حركة النهضة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، مصرّحا "من الصعب ازاحة الشاهد دون موافقة النهضة لانها اللاعب الحقيقي الذي يحكم اليوم في البلاد". واكد "إستحالة التعايش بين رأسي السلطة التنفيذية "وأن التسريبات المتأتية من قصر قرطاج تؤكد أن "قائد السبسي لم يعد بامكانه التعايش مع الشاهد في السنة الانتخابية المتبقية"، معتبرا أن المواطن التونسي قد دفع ضريبة باهضة نتيجة ما أسماه "التناحر" والخلاف داخل نداء تونس. وتابع الشابي "اتقوا الله في تونس لأننا قد ندخل في مغامرة غير محسوبة العواقب اذا ما تمسك الباجي بالتوجه للبرلمان لتفعيل الفصل99". وحذر من السيناريوهات التي قد تتبع عملية تفعيل الفصل 99 قائلا "على رئيس الجمهورية القبول بكل السيناريوات من بينها تجديد الثقة في الحكومة وبالتالي طرح سحب الثقة مرة ثانية والذي ينجر عنها ما يتضمنه الفصل 99 من استقالة الباجي في حال تجديد الثقة للحكومة للمرة الثانية أو حل البرلمان في حال سحب الثقة من الحكومة الحالية وفشل رئيس الجمهورية في تشكيل حكومة جديدة". و من جهته، دعا غازي الشواشي أمين عام حزب التيار الديمقراطي الأربعاء، رئيس البلاد إلى ممارسة صلاحياته وتطبيق الفصل 99 من الدستور. وقال الشواشي إن على رئيس الدولة أن يلعب دوره السياسي ويُفعل الفصل 99 من الدستور، خاصة بعد رفض رئيس الحكومة تطبيق الفصل 98 والقدوم إلى البرلمان من أجل عرض تجديد الثقة في حكومته، على غرار ما قام به رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد. ويقر الدستور التونسي بثلاث آليات دستورية لإنهاء أزمات الحكم في حال وقعت فيها البلاد؛ وهي الالتجاء إلى الفصل 97 من خلال تقديم ثلث أعضاء البرلمان طلب سحب الثقة من الحكومة، أو التجاء رئيس الحكومة إلى الفصل 98 بذهابه إلى البرلمان وطلب تجديد الثقة في حكومته، في حين يسمح الفصل 99 لرئيس البلد أن يطلب من البرلمان التصويت لحسم مصير الحكومة. وأضاف الشواشي ل"العرب" أن "الفصل 99 هو السبيل لحلحلة الأزمة السياسية الراهنة والتي تعمق بدورها الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد". وأوضح الشواشي أن "حزبه لديه معلومات عن نية الرئيس التوجه إلى البرلمان وتفعيل الفصل 99". واعتبر أن تمسك أطراف سياسية بإسقاط الحكومة وتباين وجهات النظر بين الأحزاب الحاكمة، يفقدان حكومة الوحدة الوطنية مشروعيتها ويدفعان بإقحام الرئيس على خط الصراع. فيما وطالب وليد جلاد نائب بالائتلاف عدم إقحام رئيس البلاد في الأزمة. ونقلت عنه وسائل إعلام محلية قوله "لا يمكن في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة أن يفعل الرئيس الفصل 99 وعليه تغليب المصلحة الوطنية". جدير بالذكر انه من المنتظر أن يدلي رئيس الجمهورية نهاية هذا الاسبوع أو بداية الاسبوع القادم على اقصى تقدير بحوار تلفزي سيحسم بشكل نهائي في الازمة السياسية المتواصلة منذ اشهر والتي افضت إلى اعلانه يوم 28 ماي 2018 تعليق مشاورات قرطاج 2 من جهة ورفض الاتحاد العام التونسي للشغل منذ ايام استئنافها من جهة اخرى.