يعتبر قطاع الفلاحة المنقذ الحقيقي للاقتصاد التونسي في السنوات الأخيرة في ظلّ تراجع عديد القطاعات وتدني مخزون الدولة من العملة الصعبة وجدت تونس الفلاحة الممون الاوّل للبلاد من العملة الصعبة والموارد المالية خاصة رغم ما يعانيه هذا القطاع من تهميش متواصل في ظلّ اهتمام الحكومة بالسياحة وإيلائها الأولوية المطلقة. ولكن في الأثناء تتجه تونس نحو توقيع اتفاقية التبادل التجاري الحرّ في المجال الفلاحي بين تونس والاتحاد الأوروبي “الأليكا” والتي ستسمح للفلاحين من الطرف بالتنقل الحر والتبادل الحر” للسلع وهو ما قد يؤثّر سلبا في الفلاح التونسي غير القادر على منافسة الفلاح الأوروبي. وحسب دراسة أطلقها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات في الفترة الماضية، فإن 68 بالمائة من الناشطين في قطاعي الزراعة والخدمات متخوفون من التأثيرات المرتقبة لهذا الاتفاق. ويأتي مشروع اتفاقية الأليكا كامتداد لاتفاقية التبادل الحر والشراكة التي أبرمتها تونس مع الاتحاد الأوروبي سنة 1995. من جهته،قال عبد الخالق العجلاني عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري في تصريح لل”شاهد” إن اتفاقية التبادل التجاري الحرّ في المجال الفلاحي بين تونس والاتحاد الأوروبي ستقضي على الفلاح التونسي الذي لا يملك وسائل منافسة فلاحي الاتحاد الأوروبي. وأضاف العجلاني أن الحكومة ليس لها أي برنامج لتأهيل الفلاح التونسي إلى حدود تفعيل اتفاقية التبادل الحرّ في المجال الفلاحي رغم ان الاتحاد الأوروبي طلب منها عرض خطة واضحة لذلك. واكّد العجلاني أنه على الدولة دعم الفلاح التونسي الذي يعاني من عدّة مشاكل مبيّنا أن الفلاح في فرنسا يتحصّل على دعم ضعف ما يتحصّل عليه الفلاح التونسي سبع مرات. وأضاف العجلاني أن اتفاقية التبادل الحرّ التي اقترحها الاتحاد الأوروبي على تونس ووافقت عليها تونس وأكّد رئيس الحكومة أن توقيعها يوجد في 700 صفحة يتضمّن 12 نقطة. ويرى عدد من المراقبين الى العرض الاوروبي الرامي الى تحرير قطاعي الفلاحة والخدمات انه مجازفة خطيرة تتطلب اولا، معرفة ماذا ستربح بلادنا وماذا ستخسر قبل الانطلاق في المفاوضات، ويستندون في ذلك الى تعليق عدد من البلدان على غرار مصر والاردن والمغرب للمفاوضات في قطاع الفلاحة، وتبرر هذه الدول موقفها، بان التبادل الحر في المجال الفلاحي له تداعياته الخطيرة على مجتمعاتهم وان منتوجاتهم الفلاحية غير قادرة على منافسة نظيرتها الاوروبية. وبخصوص العرض الاوروبي، الرامي الى تحرير الفلاحة التونسية، فان الاراء انقسمت حوله، بين من يرى ان تداعياته خطيرة في مجال تربية الابقار وزراعة الحبوب ومشتقاته، وهو ما قد يخلف أزمات اجتماعية جديدة، لكن آراء اخرى تعتبر ان العرض قد يكون ايجابيا اذا ما تم وضع سياسة فلاحية ناجعة قادرة على منافسة منتوجات الاتحاد الاوروبي، الذي يوفر منظومة حمائية للفلاح، في المقابل هذه الاجراءات غير متوفرة بالشكل المطلوب ببلادنا. ويتفق العديد من الفاعلين الاقتصاديين، ان اتفاقية الأليكا في الوضع الحالي للاقتصاد التونسي، تخدم فقط مصلحة الأوروبيين، وان انعكاساتها ستكون وخيمة خاصة على المجال الفلاحي والخدمات المحلية، وهو ما يتطلب مزيدا من التريث والتروي قبل إمضاء الاتفاقية.