عاشت تونس، الأسبوع الماضي، على وقع تجاذبات ومناكفات سياسيّة بغطاء دستوري، بعد اعلان رئيس الحكومة يوسف الشّاهد عن قائمة التّحوير الوزاري، وبعد اتّهامه بتجاوز الدّستور لعدم استشارة رئاسة الجمهوريّة في الأسماء المطروحة، أكّد أساتذة القانون الدّستوري أنّه لا لبس قانوني في قرار الشّاهد، وأنّ ماقام به في صلب صلاحيّاته. على اثر ذلك، انعقدت أمس في البرلمان جلسة مناقشة منح الثّقة من عدمها للحكومة الجديدة من قبل نوّاب البرلمان، وذكر الشّاهد في مداخلته في البرلمان أمس، ملامح الوضع العام للبلاد سياسيا واقتصاديّا واجتماعيّا، وأكّد الشّاهد أنّ الأزمة السياسيّة ألقت بظلالها على الوضع العام للبلاد وأنّه لم يعد من الممكن المواصلة في التّعطيلات الدّستوريّة والمناكفات السياسيّة والبلاد مقبلة على مرحلة انتخابيّة تشريعيّة ورئاسية. ويرى محلّلون أنّ قرار التحوير الوزاري على هذه الشّاكلة وتفعيل رئيس الحكومة لصلاحيّاته التي منحها له الدّستور، تمثّل سابقة، لأنّه ومنذ الاستقلال كان النّظام رئاسيا بامتياز، أي أنّ رئيس الجمهوريّة هو الآمر النّاهي وما على الوزير الأوّل إلا السّمع والطّاعة والتنفيذ. وبعد تغيير نظام الحكم من رئاسي إلى برلماني في دستور 2014، بقيت النواميس النّظام الرئاسي سارية العمل تحت مسمّى العرف الدّستوري. “أنا رئيس حكومة ولست وزيرا أوّل”، هكذا عبّر الشّاهد أمس في مداخلته في البرلمان، لرفع لبس تعمّد البعض جرّ رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السبسي للوقوع فيه، لكنّ الباجي أثبت احترامها والتزامه بالدّستور وأبدى أولويّة لمصلحة الدّولة وترك المشاحنات السياسيّة جانبا، بل ودعى الطبقة السياسية إلى التّحلي بالمسؤوليّة تجاه وضع البلاد والاشتغال على تحسين المؤشّرات الاقتصاديّة والاجتماعيّة. واعتبر المحلّل صلاح الدين الجورشي، خلال حضوره في احدى القنوات، أنّ تونس مقبلة على مرحلة جديدة انتصر فيها العقل والحكمة، وانتصر فيها القانون لأنّه من غيرالمعقول أن يمنحنا الدّستور صلاحيّات ونتركها لنتمسّك بالعرف القديم الذي أكل عليه الدّهر وشرب، حسب تعبيره. وأضاف الجورشي، أنّ تونس مقبلة على مرحلة سياسيّة جديدة، بدأت تتّضح ملامحها، عبر تشكّل خارطة جيوسياسيّة جديدة قائمة على قوّتين أساسيّتين، هما حركة النّهضة والقوى التّقدميّة الرافضة لسياسات نداء تونس الحاليّة وقيادته.