عمل المشرّع التونسي، منذ الثورة التي أطاحت بالنظام السابق على بناء توليفة تشريعية تعمل على حماية حقوق الإنسان بأبعادها العامة و حماية ذوي البشرة السوداء بوجه خاص. و رغم الخطوات الهامة المسجلة لصالح تحركات المشرع التونسي في هذا الإتجاه ، إلاّ أنّ الكثير من أشكال التمييز ضد ذوي البشرة السمراء لا يزال متغلغلا في أعماق المجتمع التونسي بل وصل مستوى العنصريّة بالنسبة بالبعض إلى حدّ الاعتداء بالعنف على الأفارقة وهو ما حصل رئيس جمعية الجالية الإيفوارية بتونس فاليكو كوليبالي، إثر تعرضه للطعن بسلاح أبيض من قبل مجموعة من الشبان مساء أمس الأحد. وطالبت النائبة عن حزب النهضة وعضو البرلمان الأفريقي، جميلة دبش كسيكسي، بمعاقبة المعتدين بصرامة وكشف حقيقة ما جرى، متسائلة إلى متى تتكرر هذه الجرائم ضد الأجانب في تونس وضد الأفارقة بالذات؟ وقالت النائبة في تصريح ل”العربي الجديد”: “أضعف الإيمان، الاعتذار للشعب الإيفواري على الاعتداء الوحشي الذي تعرض له أحد مواطنيها ومعاقبة المجرمين بصرامة” على حد تعبيرها. و أثارت عملية الاعتداء الشنيعة على الشاب الإيفواري موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي ،حيث استنكر رواد الفايسبوك ما اعتبروه بلوغ مستوى الاجرام و التمييز العنصري في تونس إلى حدود غير معقولة. وشهدت تونس في السنوات الأخيرة حوادث كثيرة تتعلق بالتمييز العنصري، حيث تعاطف العشرات مع فتاة تُدعى صابرين أنقوي أكدت تعرضها مراراً لسوء المعاملة بسبب لون بشرتها، كما تعرض عدد من الطلبة الأفارقة إلى اعتداء بسكين وسط العاصمة، وهو ما تسبب بموجة استنكار كبيرة من قبل عدد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، فيما تعهدت الحكومة بوضع استراتيجية مكافحة هذه الظاهرة. و في التاسع من أكتوبر 2018، صادق البرلمان التونسي على أوّل قانون للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في البلاد، في نص كان ينتظر بترقب كبير واعتبرته منظمات مدافعة عن الأقليات “تاريخيا”، وقد أقر عقوبات تتراوح بين ثلاث سنوات سجنا وغرامة مالية تصل إلى خمسة آلاف أورو على من تثبت عليه ممارسة عنصرية. وتقول رئيسة منظمة “منامتي” للدفاع عن الأقليات، سعدية مصباح، إن إقرار الدولة بوجود تمييز عنصري يعني أن على المؤسسات تطبيق القانون المتعلق به، وترى أن “العمل الحقيقي يبدأ الآن”، معتبرة أن هذه المشكلة “متجذرة في عقليات كثير من التونسيين”.