برهنت التجربة على أهمية الاستقرار السياسي بصفته القاطرة التّي ستنقل البلاد إلى برّ الأمان بعد 8 سنوات من الحراك السياسي الذي شابته عدة هزّات، حيث تبدو تونس في حاجة مُلحة إلىمباشرة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية من أجل دفع النمو الاقتصادي والاستثمار الداخلي والخارجي وإعادة التوازنات للمالية العمومية بما يساهم في خلق مواطن الشغل وتنمية الجهات الداخلية وتحسين مستوى عيش التونسيين. وتحتاج تونس أكثر من أي وقت مضى إلى توافق وطني يُحدّد أوليات المرحلة المقبلة ويضع حدّا للنزيف الاقتصادي والاجتماعي، و لعل المبادرة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية الباجي القائد السبسي والتي تقتضي استئناف الحوار بين الشركاء السياسيين و الاجتماعيين بعد 6 أشهر من تعليق العمل بوثيقة قرطاج 2 تنضوي ضمن مساعٍ لتحقيق الاستقرار بعد الأزمات المتواترة التي شهدتها البلاد الأشهر الماضية . وعقد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أول أمس الجمعة، اجتماعا في قصر قرطاج، ضم الأطراف السياسية المكونة للائتلاف الحكومي والمنظمات الكبرى في البلاد، في محاولة لإيجاد حلول جذريّة كفيلة بتفكيك عناصر الأزمة الراهنة ، فيما أكدت حركة النهضة التزامها بنهج الحوار والتوافق مع رئيس الجمهورية ولا سيما في المرحلة القادمة . وشارك في هذا اللقاء رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر ، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس منظمة الاعراف سمير ماجول ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق ورئيس كتلة الائتلاف الوطني مصطفى بن احمد . وشدّد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي على ضرورة مواصلة الحوار بين كل الأطراف في تونس وإيجاد حلول جذريّة كفيلة بتفكيك عناصر الأزمة الراهنة الاقتصادية والاجتماعية وما رافقها من ارتفاع منسوب الاحتقان والتوتر السياسي واتّخاذ القرارات الشجاعة والجريئة الكفيلة بإعادة الأمل للتونسيين وصيانة المسار الديموقراطي وحماية الدولة من الأخطار المحدقة بها. وثمنت حركة النهضة بهذه المناسبة مبادرة رئيس الجمهورية بالدعوة إلى عقد اجتماع يضم الحكومة والأطراف الاجتماعية والحزام السياسي للحكومة. وأكدت في بيان لها الدور المحوري للرئيس الباجي قائد السبسي في إنجاح الانتقال الديمقراطي وحمايته من الانتكاس، وطمأنة التونسيين حول استعداد كل الفاعلين للبحث عن الحلول التوافقية التي تحفظ المصالح العليا للبلاد. وجددت الحركة التزامها بنهج الحوار والتوافق مع رئيس الجمهورية ولا سيما في المرحلة القادمة التي تحتاج فيها البلاد دوره كرمز لوحدة الدولة وشريكا رئيسيا في رعاية النموذج الديمقراطي التونسي لإنجاح ما تبقى من مسيرة الانتقال الديمقراطي وأكدت ان هذا الاجتماع والأجواء الطيبة والإيجابية التي دار فيها هي افضل رسالة لإدارة هذه المرحلة الصعبة وتفتح آفاقا ايجابية لخفض حدة التوترات الاجتماعية والسياسية وإفشال مخططات أعداء الثورة والمتخوفين من تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها. من جانبه أكد رئيس كتلة الائتلاف الوطني مصطفى بن أحمد في البرلمان بأن اجتماع قرطاج الذي انعقد يوم الجمعة بدعوة من رئيس الجمهورية كان ايجابيا. وأفاد بن أحمد في تصريح ل(وات)، بأن الأطراف المشاركة في الاجتماع قدمت تقييمها للأوضاع الصعبة التي تشهدها البلاد، وأكدت ضرورة التعاون من أجل تجاوز الأزمة الراهنة، مثمنة دور رئيس الجمهورية المحوري في التقريب بين وجهات النظر، ضمانا لوحدة البلاد واستقرارها. كما أكد أنه تم الاتفاق على موعد لاحق للاجتماع مجددا الاسبوع المقبل للنظر في تفاصيل وتطورات المفاوضات بين الحكومة واتحاد الشغل. يذكر أن الاجتماع الذي التأم بقصر قرطاج الجمعة 28 ديسمبر، هو أوّل اجتماع يجمع رؤساء الأحزاب الممثلين عن الحكومة و المنظمات الوطنيّة بعد تعليق العمل بوثيقة قرطاج 2 في ماي الماضي