التفرّدُ بالرّأي وعُقدة الزعامة والنرجسيّة القياديّة عادة ما تكون من أبرز مُسبّبات انفراط التحالفات على مستوى الأحزاب والجبهات، حيث أثبتت تجربة التحالفات في تونس فشلها، إما لغياب الديمقراطية صلب الكيان الواحد أو بسبب تصادم بين رأسي السلطة ما يتسبب في بقاء أحدهم ومغادرة الآخر. ويبدو أنّ عملية انصهار نداء تونس مع الاتحاد الوطني الحر توشك على التحلّل والتفكّك، خاصة بعد الاتهامات التي أطلقتها يسرى الميلي، المتحدثة باسم الوطني الحر سابقا وعضو الديوان السياسي المكلفة بالاتصال بنداء تونس، في وجه المدير التنفيذي للحزب حافظ قايد السبسي، في خطوة تُنذر في مضمونها باقتراب انحلال هذا “الهجين السياسي” الذي تكوّن على قاعدة المصالح الضيقة. وأعلنت يسرى الميلي عضو الديوان السياسي المكلفّة بالاتصال بنداء تونس تعليق نشاطها من الديوان السياسي بسبب ما وصفته ”باستحواذ رئيس الهيئة السياسية حافظ قايد السبسي على مهام الديوان دون موجب صفة”. وقالت في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء اليوم الثلاثاء ” إنّ قايد السبسي استحوذ منذ مدة على الديوان السياسي الذي يرأسه الأمين العام للحزب سليم الرياحي دون أن يكون عضوا فيه”. وأكدت الميلي أن رئيس الهيئة السياسية اتخذ قرارات أحاديّة الجانب خاصّة فيما يتعلّق بالتسميات والتعيينات المتعلّقة بالتنسيقيات في الجهات، وهي مسائل من صلب مهام اللجنة الانتخابيّة للحزب والمنتمية للديوان السياسي، حسب تعبيرها. ولفتت إلى أنّ غياب الرياحي لا يُبرّر تصرّفات قايد السبسي الابن بالنظر إلى وجود 12 أمينا وطنيّا يمثلون الديوان السياسي بإمكانهم تعويض الرياحي واتخاذ القرارات، مشيرة إلى عدم رضاء عدد من الأمناء الوطنيين على تصرّفات حافظ قايد السبسي وأنّ البعض منهم سيعلنون عن تعليق نشاطهم في الديوان السياسي في غضون الساعات القادمة . ويرى مراقبون أنّ فشل عمليّة انصهار الاتحاد مع النداء كان مُتوقعا نظرا لغياب الأمين العام للحزب سليم الرياحي لفترة تجاوزت الشهرين، إضافة إلى أن داء النداء يكمن في قيادته، حيث عرف هذا الحزب أزماتٍ كثيرًا عقب استقالة مؤسسه الباجي قايد السبسي وتوليه الرئاسة وترك الحزب لابنه حافظ قايد السبسي الذي استمات في إحكام قبضته على السُّلطة التنظيمية. وقد تعرّض الحزب لأكثر من أزمة بسبب صدام بين حافظ قايد السبسي و بقية قيادات النداء، حيثُ غادر الأمين العام السابق للنداء محسن مرزوق الحزب رفقة العشرات من القيادات الندائية سنة 2015 بحجّة تفرد حافظ بالرأي وغياب الديمقراطية في الحزب، وتواصلت منذ ذلك أزمات النداء بسبب مديره التنفيذي متسبّبة في انشقاقه وإضعافه. ويتّفق جلّ المغادرين للنداء على أنّ “السبسي الابن” هو الشخصية الرئيسة التي تقف وراء كل الأزمات التي يشهدها الحزب منذ تأسيسه، حيث يعمدُ حافظ قايد السبسي إلى اتخاذ القرارات الفردية وفرضها على الحزب دون استشارة أعضاء المجلس التنفيذي، ما جعله يُلقّب إعلاميّا “مولى الباتيندة”. يُذكر أنّ مصطلح مولى الباتنيدة أطلقه الوزير السابق ناجي جلول نسبة إلى رئيس الحزب الباجي قايد السبسي آنذاك