تسجل تونس سنويا انقطاع اكثر من 100 ألف تلميذ عن الدراسة بالإضافة الى مغادرة اكثر من 4 ملايين تونسي للمؤسسات التربوية في مراحل ما قبل التعليم الجامعي. ولئن راهنت تونس بعد الاستقلال على التعليم لبناء دولة حديثة ومقاومة أصناف التخلّف واعتبرت أن الاستثمار في التعليم بمثابة المصعد الاجتماعي ورأس مال الدولة، فإن ظاهرة الانقطاع عن التعليم أصبحت تهدّد المسار الذي رسمته تونس وحققت من خلاله نجاحات تحسب لها. ورغم وعي المسؤولين التونسيين بخطورة هذه الظاهرة وتبعتها على الأطفال المنقطعين الذين يصبحون عرضةً لشتى أنواع الانحراف وفريسة سهلةً لاستقطاب من قبل المجرمين أو الإرهابين فإنّنا لا نعاين إجراءات قويةً من شأنها أن توقف نزيف الانقطاع المبكر عن الدراسة. وأكد وزير التربية، حاتم بن سالم خلال جلسة استماع له بلجنة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن بالبرلمان أن 280 تلميذا ينقطعون يوميا عن الدراسة، مؤكدا أن هذه الظاهرة تمس أساسا الذكور وتكبد الدولة 1135 مليون دينار، أي ما يمثل نسبة 20 بالمائة من ميزانية وزارة التربية، وتستوجب ضبط استراتيجية وطنية شمولية لمقاومتها. كما أنه أقر بعجز الوزارة عن مقاومة ظاهرة الانقطاع المدرسي بمفردها ومتابعة المنقطعين لاسيما في ظل غياب التنسيق مع وزارة التكوين المهني والتشغيل، مشيرا إلى أن الانقطاع الدراسي يتسبب في كثير من الإشكاليات الكبرى التي تعيشها تونس امام ارتفاع عدد المنقطعين من سنة إلى أخرى، حيث بلغ عددهم السنة الماضية 101 ألف منقطع، وأكثر من 526 ألفا خلال الخمس سنوات الأخيرة. وقد تمكنت وزارة التربية من إرجاع 12 الفا و700 منقطع يمثلون 60 بالمائة من النسبة الجملية للمنقطعين وعملت على توفير الظروف المناسبة للتدارك. وتتباين أسباب الانقطاع المبكر عن الدراسة بين الظروف البيئية والاجتماعية والاقتصادية وبين عدم قدرة على الاندماج في المنظومة التربوية وضبابية مستقبل خريجي الجامعات. وكشفت عديد الدراسات أن النتائج الضعيفة للتلاميذ التونسيين سببها أن المدرسة التونسية لا تمنح التلاميذ المهارات والاندماج لاحقا بالحياة الاقتصادية، إلى جانب ضعف مكتسبات التلاميذ وكذلك ضعف التكوين وجودة التعليم يلتجئ 70 % من التلاميذ التونسيين الي الدروس الخصوصية ما يفرض على العائلات مزيدا من الدفوعات. وباعتبار أن الأرقام والإحصائيات تؤكد أن التعليم في تونس لم يعد يؤمّن التشغيل للشباب، فإن عزوف التلاميذ في سنوات الدراسة الثانوية مقترن اقترانا وثيقا بانسداد أفق التشغيل
