برزت في السنوات الاخيرة في تونس ظاهرة تبذير الغذاء وبدأت الأرقام الصادمة في صعود متواصل في ظلّ تناقض غريب لدى التونسي الذي كثيرا ما اشتكى من غلاء المعيشة والأسعار ولكنه في الآن ذاته يساهم في تبذير الغذاء حيث يصل معدل التبذير إلى 200 كيلو غرام للشخص الواحد. وعقد المعهد الوطني للاستهلاك بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) دورة تدريبية للحد من إهدار وتبذير الغذاء في تونس موجهة لفائدة 60 امرأة من مختلف الجمعيات الفاعلة في الجهات التونسية. وتندرج هذه الدورة في إطار مشروع الحد من هدر الغذاء في كل من تونس ومصر، الذي أطلقته المنظمة منذ 2016، إثر قيام المنظمة بدراسة أسباب التبذير الغذائي في مجالي الحليب والحبوب في تونس وتحديد الأنشطة ذات الأولوية للحد منه، بهدف مواجهة الأرقام المخيفة حول نسبة الهدر الغذائي والتبذير في منطقة الشرق الأدنى وشمال افريقيا، والتي تصل إلى حوالي 200 كيلوغرام للشخص الواحد في السنة. ويهدف هذا المشروع، الممول من الوكالة الإيطالية للتنمية الدولية، بالتعاون مع وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، إلى تطوير سلاسل القيمة وضمان الأمن الغذائي وتقليص التأثيرات السلبية للتبذير الغذائي على الموارد الطبيعية والبيئة. وأبرزت المنظمة أهمية هذه الدورة في تزويد المنتفعات بها بالأدوات الضرورية للتقليص من التبذير الغذائي على المستوى الاسري، مؤكدة أهمية دورها في تثقيف أفراد عائلتها على تقليص التبذير الغذائي. كما سيقوم خبير تونسي في تحضير الطعام، خلال الدورة، بتقديم العديد من الأفكار المبتكرة لاستخدامها في المطبخ إضافة الى صنع أطباق سهلة مع إعادة طبخ بقايا الطعام إضافة إلى التصرف الجيد لتقليص التبذير الغذائي. من جانبه، قال مدير المعهد الوطني للاستهلاك طارق بن جازية إنّ تبذير الخبز لدى العائلات التونسية يقدّر ب15.7 بالمائة من تبذير الخبز بكلفة 100 مليون دينار أي حوالي 868 ألف قنطار مبيّنا أن الخبر أكثر المواد الذي يتلفها التونسي ثم تأتي المعجّنات ب10 في المائة ثم الفواكه ب6 في المائة واللحوم ب2 في المائة. وبيّن بن جازية في تصريح لموقع الشاهد أنّ اتلاف الغذاء ظاهرة عالمية ولكنه تطور بشكل كبير في تونس نظرا لعدّة عوامل أهمّها وفرة الغذاء وقلّة الوعي. وأضاف بن جازية أن معهد الاستهلاك قام بدورتين تدريبيتين حول الحدّ من التبذير وكان الأوّل للمدرسين من أجل إرساء ثقافة تعليمية تحدّ من اتلاف الغذاء وتم مدّ المتكونين بدليل أنشطة بيداغوجية للحدّ من التبذير ثم كانت الدورة الثانية موجّهة للمرأة وشاركت فيها وزارة المرأة واتحاد المرأة وتهدف للحدّ من التبذير داخل الأسرة. وتبذّر الأسرة التّونسية الواحدة قرابة 5 بالمائة من النفقات الموجهة للغذاء كما أنّ قرابة 80 بالمائة من اجمالي نفقات دعم المواد الغذائية المقدر ب1570 مليون دينار سنة 2017، موجه للحبوب ومشتقاتها.