بعد الفاجعة الّتي أنهت حياة 15 رضيعا بمستشفى الرّابطة، قرّر وزير الصحة عبد الرؤوف الشريف الاستقالة من منصبه، لتصبح الوزارة التي مرّ عليها منذ الثورة 12 وزيرا، شاغرة. وهو ما يفتح بابا من التساؤلات حول طبيعة الشخصية التي ستسدّ هذا الشغور وكيف سيتجاوز رئيس الحكومة يوسف الشاهد عقبة تعيين وزير جديد للصحة وكيف سيتعامل مع حصة حزب مشروع تونس في الحكومة، علما وأن الوزير السابق ينتمي للمشروع. ولا يستبعد مراقبون في هذا السياق إمكانية أن يتعامل الشاهد مع وزارة الصحّة مثلما تعامل مع وزارة الداخليّة بتعيين وزير من داخل المؤسسة، تفاديًا لأي تجاذب سياسي حوله وباسم الكفاءة، فيما يتوقّع آخرون أن يوسف الشاهد سيتجّه نحو استشارة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي الذي لمّح له من خلال التذكير بتعيين بورقيبة لمعارض له (محمود الماطري) وزيرا للصحة. وقد أعاد رئيس الجمهورية إبداء امتعاضه، خلال خطاب ألقاه بمناسبة عيد الاستقلال يوم الأربعاء الماضي من إبعاده من مشاورات التحوير الوزاري الذي أعلن عنه يوسف الشاهد في نوفمبر الفارط، وهو ما يؤكد أن خطوة مراجعة الشاهد للسبسي قبل الإعلان عن التحوير غير مستبعدة. وتبقى حصة حركة مشروع تونس من الحقائب الوزارية محلّ تساؤلٍ خاصة وأنّ حصة الحزب قد تراجعت بعد استقالة وزير الصحة السابق عبد الرؤوف الشريف، لتنخفض أسهم الحزب في الحكومة من 3 وزارات وكاتب دولة يمثلها كل من وزير السابق الصحة عبد الرؤوف الشريف، وسنية بالشيخ (وزيرة شؤون الشباب والرياضة) ومحمد فاضل محفوظ (وزيرا لدى رئيس الحكومة مكلفا بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان) وسمير البشوال (كاتب دولة لدى وزير التجارة مكلف بالتجارة الداخلية)، إلى وزارتين وكاتب دولة وحيد. ونوّه الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق في تصريحات صحفية بقرار الاستقالة التي وصفها ب “الشجاعة” معتبرا أنه غير مسؤول مباشرة عن الكارثة. وقرّر رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، إثر ذلك تكليف سنية بالشيخ وزيرة شؤون الشباب والرياضة بتسيير وزارة الصحة بالنيابة، خلفًا لعبد الرؤوف الشريف. وعاشت تونس شهر مارس الجاري تحت الصدمة، بعد الإعلان عن وفاة 11 طفلا حديثي الولادة، في يوم واحد، داخل مستشفى وسيلة بورقيبة، وبسبب التحقيقات الأولية فان حالات الوفاة والّتي ارتفعت إلى 15 طفلا ناتجة عن تعفّنات سارية في الدم تسببت سريعا في هبوط في الدورة الدموية، وقد تمّ رفع العينات لتحديد نوعية ومصدر التعفّنات”. وقال وزير الصحة السابق سعيد العايدي، إثر الحادثة “توجد إرادة لهدم قطاع الصحة العمومية من قبل بعض اللوبيات مقابل غياب أي إرادة سياسية للإصلاح”.