وافق وفد صندوق النقد الدولي الذي زار تونس على صرف القسط السادس حوالي “247 مليون دولار” من قرض 2.9 مليار دولار المُسند إلى تونس بعد مراجعة خامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي التونسي، الذي يدعمه هذا الهيكل المالي الدولي بموجب اتفاق “تسهيل الصندوق الممدد”. وأكد رئيس بعثة تونس، بيرون روذر أن خبراء الصندوق سيقومون بإعداد تقرير سيقدم إلى المجلس التنفيذي للصندوق، بعد موافقة الإدارة العليا، للمناقشة واتخاذ القرار. وستستفيد تونس من صرف القسط السادس بقيمة تقدر بنحو 247 مليون دولار في أعقاب انتهاء المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي من النظر في المراجعة المتوقع في أوائل شهر جوان 2019″. وأفاد المتحدّث أنه وفق ذلك “سيصل مجموع المبالغ المتحصل عليها، في إطار الأقساط المبرمجة ضمن “تسهيل الصندوق الممدد”، إلى حوالي 1،6 مليار دولار (ما يعادل 4،82 مليار دينار) مما يفسح المجال أمام تونس للحصول على تمويلات إضافية من شركاء آخرين”. وأبرز أنه “بالتوازي مع ذلك تعمل السلطات التونسية، حاليا، على تقوية شبكة التغطية الاجتماعية للأسر محدودة الدخل لحمايتها من التأثير المحتمل للإصلاحات، استنادا إلى قاعدة البيانات الجديدة لهذه الأسر. وستظل السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف موجهة نحو الضغط على التضخم، الذي يهدد مستويات عيش جميع التونسيين، ونحو مزيد التخفيض من العجز المسجل بالحساب الجاري من خلال تحسين تنافسية الأسعار”. وقد نشر صندوق النقد الدولي تقريرا عن السياسات التي يوصي بها لتخفيض التضخم في تونس، حيث بلغ التضخم 7.6% في مارس 2018، وهو أعلى مستوى وصل إليه منذ 25 عاماً. وأوضح أنّه لمواجهة هذا الارتفاع، قام البنك المركزي برفع سعر الفائدة الأساسي بمقدار 75 نقطة أساس ليصل إلى 5.75%، وهو قرار يؤيده الصندوق. وسيساهم تخفيض التضخم المرتفع في حماية القوة الشرائية للمواطنين، وخاصة محدودي الدخل، وتحفيز الاستثمار وخلق الوظائف، موضّحا أنّه إن لم يتراجع التضخم بسرعة، فيجب القيام بزيادات أخرى في سعر الفائدة الأساسي لإبطاء النمو النقدي، إذ أن سعر الفائدة الحالي لا يزال شديد الانخفاض بل ويصبح سالباً بعد احتساب التضخم. وبخصوص التخفيض سعر الدينار، بيّن صندوق النقد الدولي أنّ كل قرارات السياسة الاقتصادية هي قرارات سيادية ترجع للحكومة التونسية والبنك المركزي التونسي، موصيا باستمرار العمل بنظام سعر صرف أكثر مرونة بما يسمح بتغير قيمة الدينار حسب العرض والطلب في سوق النقد الأجنبي وحماية الاحتياطيات الدولية. وأكّد أنّ هذه السياسة ستكون بالغة التأثير في تحفيز خلق فرص العمل ودعم قطاع التصدير التونسي، مما حقق تحسناً بالفعل في الثلاثة أشهر الأولى من هذا العام. وليست هناك حاجة لإجراء تصحيح مفاجئ في هذا الصدد، “وهم لم يطلبوا مثل هذا التصحيح”. وعن كيفية تخفيض الدين العام دون الإضرار بالفقراء، أكّد صندوق النقد الدولي أنّ الحكومة التونسية تعتزم تحقيق الضبط المالي على نحو مواتٍ للنمو ومراعٍ للأبعاد الاجتماعية. وتمشياً مع الممارسات الدولية الجيدة في هذا الخصوص، تتضمن استراتيجية الحكومة عناصر أساسية وهي تعزيز الإيرادات عن طريق زيادة الضرائب وتخفيض الدعم (على الطاقة، مثلاً) بالنسبة للمنتجات التي تستهلك معظمها الفئات الأكثر ثراءً؛ وتعزيز التحصيل الضريبي؛ ومكافحة التهرب الضريبي؛ وضمان الاعتماد في تخفيض فاتورة الأجور على نظم المغادرة الطوعية والتقاعد المبكر، وليس التسريح الإلزامي. وسيتم توجيه جزء من الموارد التي يتم تحريرها بهذه السبل إلى الاستثمارات العامة الداعمة للنمو والوظائف وإلى الإنفاق الاجتماعي. ومن الموضوعات الشائعة التي ترتكز عليها كل هذه الجهود ضرورة اقتسام عبء الإصلاح بصورة عادلة بين مختلف شرائح المجتمع، عن طريق معالجة ضعف التحصيل الضريبي وارتفاع المتأخرات الضريبية والجمركية، على سبيل المثال وحماية الأقل دخلاً في المجتمع من تأثير هذا الإصلاح بالحفاظ على الإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة والإبقاء على دعم المواد الغذائية الأساسية وزيادة التحويلات إلى الأسر الفقيرة، على سبيل المثال. وتثير علاقة الحكومة التونسية بصندوق النقد الدولي، انتقادات حادة من قبل المنظمات الاجتماعية وسياسيين وخبراء اقتصاديين. وتتعلق المآخذ بما يشترطه الصندوق من إجراءات “مؤلمة” على حساب الأجراء والطبقات الضعيفة والمتوسطة، تستجيب لها الحكومة للحصول على مزيد من القروض من أجل إنقاذ المالية العمومية.