"كان" المغرب 2025.. المنتخبات المتأهلة إلى دور ال16 الى حد الآن    مشروع قانون يميني متطرف لحظر الأذان داخل الأراضي المحتلة عام 1948    جنوب إسبانيا: أمطار غزيرة تتسبّب بفيضانات في محيط مالقة    المنطقة السياحية طبرقة عين دراهم: إقبال متزايد والسياحة الداخلية تتصدر عدد الوافدين    دراسة: حفنة مكسرات قد تغير حياتك... كيف ذلك؟    «أصداء» تفتح ملفات التنمية والحوكمة في عدد استثنائي    توقّعات مناخية للثلاثية الأولى    وراءها عصابات دولية .. مخابئ سرية في أجساد الأفارقة لتهريب المخدّرات!    ما بقي من مهرجان «خليفة سطنبولي للمسرح» بالمنستير...ذكاء اصطناعي وإبداعي، مسرح مختلف وتفاعلي    نابل .. حجز أكثر من 11 طنا من المواد الغذائية الفاسدة    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    بعد فضيحة الفيديوهات.. هيفاء وهبي تعود إلى مصر    والي قفصة يقيل المكلف بتسيير بلدية المتلوي    عاجل/ جريمة مروعة: شاب يقتل صديقته داخل منزل بالمنزه 7..    المنزه السابع: إيقاف مشتبه به في جريمة قتل فتاة خنقًا    بني مطير: وفاة طفلة ال11 سنة في حادثة انزلاق حافلة واصطدامها بعدد من السيارات    تونس تعلن رفضها القاطع لاعتراف "الكيان الص.هيوني بإقليم "أرض الصومال"    طقس مغيم جزئيا وظهور ضباب محلي خلال الليل    "كان" المغرب 2025.. السودان تنتصر على غينيا الاستوائية    السجل الوطني للمؤسسات يطالب بإيداع أصول العقود والمحاضر فوراً    اعتقالات جماعية قرب برج إيفل علاش؟    عاجل/ "حنظلة" تخترق هاتف "كاتم أسرار" نتنياهو وتعد بنشر محتواه قريبا..    البنك الوطني للجينات يقوم بتركيز ثلاث مدارس حقلية بولايات سوسة وصفاقس وبنزرت    مدنين: انطلاق المخيم البيئي الثالث للكشافة التونسية بجزيرة جربة    وزارة النقل تدرس فرضيات توسعة محطة الحاويات بميناء رادس    مدرب منتخب مصر: "سنلعب للفوز على أنغولا رغم التأهل لدور الستة عشر    التوقيع على 5 وثائق بين اتفاقيات ومذكرات تفاهم خلال اللجنة المشتركة التونسية السعودية    مصر.. تحرك أمني عاجل بعد فيديو الهروب الجماعي المروع    ''مقرونة باللحمة'' تُدخل 17 عاملاً مصرياً المستشفى    سوسة: ايقاف صاحب مطعم بعد حجز كميات من الأسماك الفاسدة    النيابة تأذن بإيقاف صاحب مطعم بسوسة يخزّن أسماكا غير صالحة للاستهلاك    توزر: إشكاليات تراث جهة الجريد وسبل تثمينه في ندوة فكرية بعنوان "تراث الجريد بين ضرورة المحافظة ورهانات التثمين المستدام"    فيلم "فلسطين 36" في القاعات التونسية بداية من الأربعاء 7 جانفي 2026    الركراكي: وعد التتويج ما زال قائمًا وتصدّر المجموعة يمنح الأفضلية للمنتخب المغربي    نابل: "العلوم الإنسانية والاجتماعية بين تحديات التحول الرقمي وفرص تحقيق التنمية المستدامة "محور أعمال منتدى تونس الثاني للعلوم الإنسانية والاجتماعية    علاج للسرطان.. من أمعاء الضفادع...شنيا الحكاية؟    عاجل-فرجاني ساسي: ''نسكروا صفحة نيجيريا والتركيز على مواجهة تنزانيا''    وفاة الممثلة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر يناهز 91 عاما    المهدية :انطلاق عملية التصويت على سحب الوكالة من أحد أعضاء المجلس المحلي بشربان عن عمادة الشرف    احذر.. إشعاع غير مرئي في غرفة النوم!    اختتام البطولة الوطنية للرياضات الإلكترونية لمؤسسات التكوين المهني    تونس تودّع سنة 2025 بمؤشّرات تعافٍ ملموسة وتستشرف 2026 برهان النمو الهيكلي    هام/كميات الأمطار المسجلة خلال 24 ساعة الماضية..#خبر_عاجل    ماسك: «الاستبدال العظيم» حدث في بروكسل    غزة: خيام غارقة في الأمطار وعائلات كاملة في العراء    كأس إفريقيا للأمم... الجزائر- بوركينا فاسو: "الخضر" على بعد انتصار من الدور ثمن النهائي    مرض الأبطن في تونس: كلفة الحمية الغذائية تثقل كاهل المرضى والعائلات محدودة الدخل    زيلينسكي يصل إلى الولايات المتحدة استعدادا لمحادثات مع ترامب    علي الزيتوني: بالعناصر الحالية .. المنتخب الوطني قادر على الذهاب بعيدا في الكان    تونس تُشارك في الصالون الدولي للفلاحة بباريس    سفيان الداهش للتونسيين: تُشاهدون ''صاحبك راجل 2" في رمضان    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    عاجل/ بشرى سارة لمستعملي وسائل النقل..    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدرستي الجميلة
نشر في الشاهد يوم 15 - 05 - 2019

عادة عندما انظر إلى شيء ولا أرى شيئا، فلأنّ بصري ينتقل إلى ذاكرتي ويعود بمرآة عقلي إلى أحداث ووقائع وعواطف بالية. البعض منها مرت عليها الأشهر والبعض الأخر سنوات وربما عشْريات. أرسل إليّ صديقا شريط فيديو يكرّم فيه الرئيس الروسي بوتين إحدى معلمّاته متسائلا على ما يمكن أن يستلهمني هذا التّكريم من خواطر وأفكار. فرفعت نظري إلى سقف البيت لاني كنت وقتها متكئا على فراشي وسافرت في التو إلى شهر اكتوبر من سنة 1965 على ما اضن لألتقي بذلك الطفل الذي هو أنا وعمري آنذاك ست سنوات.
كنت وقتها ارتدي تبانا لا أتذكر لونه (شورط) وميدعة (منديلة) زرقاء وانتعل صندلا (صندال) واحمل في يدي اليمنى محفظة (كرتابة) من القماش المقوى ملونة في شكل خطوط عريضة في لون اخضر الزيتون على خلفية سوداء (كاروات كاروات). أنزلني والدي رحمه الله من فوق الدّراجة أمام المدرسة الابتدائية التي تسمى اليوم أبو القاسم الشابي، فكنّا نقيم حينها في حقلنا الذي يبعد خمسة كيلومترات على وسط المدينة، قبل أن ينصرف بعد ما تأكد من دخولي ساحة المدرسة.
لا أتذكر شيئا مما فعلته بعدما دخلت إلى المدرسة ومن استقبلني وكيف وجدت نفسي في قسمي. كلّ ما أشاهده الآن هو ذلك الطفل الذي هو انأ وهو جالس في الطاولة الأولى في الصف الأوسط أمام سيدي المعلم “سي الطاهر العاصمي” رمحه الله وهو ينادي لكلّ تلميذ باسمه، ويجيب كلّ تلميذ عندما يسمع اسمه “حاضر سيدي”. وبعد ما انتهى من المناداة سائلنا إن هناك منّا من لم تتم مناداته. فرفعت إصبعي وقلت له “أنا سيدي”. وعندما سائلني عن اسمي قلت له “رضا الزهروني”. وبعدما تثبت في قائمة التلاميذ نظر إليّ قائلا “الزهروني رضا، أنت آخر من ناديته”. وبالفعل سمعت اسم “الزهروني رضا” لكنّني كنت اعتقد حينها أنّ هذا الاسم ليس باسمي لاني الاسم الوحيد الذي كانوا ينادوني به هو “رضا ” واعرف انيّ ولد “الزهروني” لان هناك من كان ينادي أبي “الزهروني”.
هذه كانت أول مصافحة لي مع المدرسة وأول حادثة لي في أول ساعة من مشوار الدراسي. تبعث فيَ الابتسامة كلما أتذكرها لكنها تتضمن الكثير من المعاني، فالطفل الذي كنت أنا لم يسبق لأحد أن يفسر لي أنّ اللقب قبل الاسم كالسم قبل اللقب.
مرت السّنوات لأجد نفسي في السّنة الخامسة ابتدائي، أدرُسُ عند سي عبد الحق العاصمي أطال الله في عمره وهو شقيق سي الطاهر العاصمي. سي عبد الحق كان له غرامٌ كبيرً بالإنشاء وكان دائما يطلب منّا أن نحافظ على التمّارين بمنازلنا. وأتذكرّ انه أعاد لنا في يوم من الأيام تمرين إنشاء بعد ما قام بإصلاحه. وكنت أجلسُ وقتها أيضا بالطاولة الأولى قبالة مكتبه. ومن الغد وبعد دخولنا القسم سائلني سي عبد الحق قبل بداية الدرس: “الزهروني، أين الإنشاء التي أعدتها إليك البارحة”. فأجبتُه بكل تلقائيّة وأنا متأكد من إجابتي “في الدّار سيدي” فقال لي ” أحلف” وخال انطلاقي في القسم ولم اتمم بعد “اقسم باله سيدي” إلاّ وشعرت بصفعةٍ تُزلل أحد خَدَّيَّ ( لا أتذكر إن كان الخدُّ الأيمن أو الأيسر) قبل أن يخرج من محفظته الإنشاء الملعونة ويعطيني إيّاها.
التقيت بسي عبد الحق العاصمي منذ عدة اشهر في مقهى سيدي بوحديد بالحمامات بعد أكثر من أربعين سنة، انطلق خلالها كل واحد منا في طريقه وانشغل بشؤونه ومآربه. تجاذبنا الحديث وبدأنا في سرد النّوادر التي ميزت هذه المحطّة الدراسية وتذكرّنا بالّذات معا قصّة الإنشاء والصّفعة التي نلتُها بسببها. ومع توالي الحكايات شعرنا وكانّ عشرات السنوات الّتي انقضتْ بدأت تتقلص شيئا فشيئا لنتدثر تماما عند كلّ ذكرى من ذكرياتنا. وما يُثلج الصدر هو الشّعور النّبيل والصّادق الذي كان يحمله سي عبد الحق تجاهي، فهو بقي يفتكرُني بالرّغم من عدم تواصلنا على امتداد عشرات السّنوات وما أكنُّه له أنا أيْضا من احترام وتقدير كبيرين. فدائما ما اشعر أنّي مُدان له بما ربّاني عليه وعلّمني إياه، لا هو فحسب بلْ كل معلميّ وأساتذتي، فهو الذين جعلوا منّي الإنسان الذي هو أنا الآن.
بقلم رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.