حضرت في كثير من المحطّات السياسية وفي أكثر من حزب، قبل الثورة باعتبارها عضوا بمجلس النواب ممثّلا عن “المعارضة”، وبعد الثورة بصفتها ناطقا رسميّا باسم أول حزب تجمعي. سلاسةُ لغتها وطلاقة لسانها جعلتها تشغل خطّة الناطق الرسمي باسم أكثر من حزب، فكانت ناطقا باسم “المبادرة” ثم باسم حزب سليم الرياحي قبل أن تغادره وتصبح ناطقا باسم حزب نبيل القروي “قلب تونس”. سميرة الشواشي، هي أصيلة منطقة “الغريبة” من ولاية صفاقس بدأت اهتمامها بالشأن السياسي منذ صغرها ثم تدعّم ذلك بدراستها للحقوق وممارستها لمهنة التعليم، لكنّ ممارستها الفعلية للحياة السياسية انطلقت سنة 2000 وانضمّت بعد علاقة مصاهرة مع محمد بوشيحة أمين عام حزب الوحدة الشعبية، إلى هذا الحزب القريب من حزب البعث العربي الاشتراكي السوري، وشاركت في المؤتمر الوطني السادس للحزب ببنزرت سنة 2002، ثم ترأست قائمته التشريعية سنة 2004 عن ولاية أريانة وانتمت إلى المؤسسة التشريعية في مدتين متتاليتين من 2004 إلى 2011، وكانت عضوا باللجان المالية ولجنة الشؤون السياسية والعلاقات الخارجية بمجلس النواب وكذلك كانت عضوا سابقا بالجمعية البرلمانية الأورو متوسطية. الشواشي بعد الثورة رغم انتمائها السابق لحزب الوحدة الشعبية الذي كان يحصل على مقاعد المعارضة “الصورية” في برلمان بن علي، حيث تحصل الحزب على 11 مقعدا سنة 2004 كما تحصل على 12 مقعدا سنة 2009، في إطار الحصّة الممنوحة لمقاعد المعارضة، لم تردّد سميرة الشواشي في أن تكون ناطقا رسميّا باسم أول حزب بقيادة تجمعية محسوبة على نظام بن علي بعد الثورة، وهو حزب المبادرة، فكانت عضوا بالمكتب السياسي لحزب المبادرة الوطنية الدستورية وكانت تشغل خطّة ناطقا رسميا باسمه قبل أن تستقيل سنة 2014 بسبب دعمها للباجي قايد السبسي على حساب مؤسس حزب المبادرة كمال مرجان. خارج أسوار المبادرة شكّل دعم سميرة الشواشي للباجي قايد السبسي للانتخابات الرئاسية لسنة 2014 نقطة تحول في علاقتها بحزب المبادرة، حيث عاتبها بعض أعضاء حزبها على خلفية تصريحات التي كانت قد أدلت بها خلال اليوم الثاني من الانتخابات حول دعم حزب المبادرة للمرشح الباجي قائد السبسي في الدور الثاني للانتخابات، ما أدّى إلى إعلان استقالتها. وتقول الشواشي معلقة عن تلك الاستقالة، انها كانت مقتنعة في تلك الفترة أنّ الخيار الأنسب لإنقاذ تونس هو بدعم المرشح الباجي قايد السبسي ولذلك السبب طلبت من كمال مرجان لانسحاب وعدم خوضه الانتخابات الرئاسية لفائدة السيد الباجي قايد السبسي. ناطقًا باسم الرّياحي بعد حادثة الباجي وكمال مرجان، غابت سميرة الشواشي عن الساحة السياسة لمدة سنتين، وانقطع اتصالها بشكل نسبيّ بوسائل الإعلام، إلاّ أن فترة “البرود السياسي” لم تدم طويلا حيث التحقت النّاشطة السياسية بالاتحاد الوطني الحر في 18 أفريل من سنة 2016 لتكون بذلك ناطقا رسميا لحزب رجل الأعمال الثريّ سليم الرياحي. إلاّ أن خروجها من المبادرة لم يمنعها من أن تكون همزة وصل بين حزبها الجديد الاتحاد الوطني الحرّ وحزبها القديم المبادرة، من أجل الاندماج، ولكن رغم جديّة المحاولات فإن مساعيها باءت بالفشل على خلفية الضبابية التي يشهدها موقف حزب المبادرة من هذا الاندماج حيث ان الطرف المقابل شعر بعدم جدية مساعي الشراكة وقرر وقف التفاوض بشأنها. الشواشي تغادر الرياحي شغلت الشواشي خطة الناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني الحر لأربع سنوات، وكانت لسان الحزب وهو مشاركٌ للحكومة ومعارضٌ لها، تحملت الشواشي هفوات وتقلبات رئيسها في الحزب سليم الرياحي الذي كان لا يستقرّ على رأي او موقف سياسي، تارة يعارض الحكومة وطورا يدعمها، تارة يقرر الاستقالة وطورا يعود للمواصلة، تارة يقرر الاندماج مع نداء تونس وطورا يقرر الانفصال، وإلى ما ذلك من تقلبات لا محدودة جعلت الشواشي ترفع الراية البيضاء وتقرر الاستقالة شهر ماي الماضي، عقب فك اندماج حزبها بنداء تونس. وتقول الشواشي في نص استقالتها “إثر قرار حزب الاتحاد الوطني الحر الخروج من الاندماج صلب نداء تونس ومع تعطل عملية استرجاع الوطني الحر لسالف موقعه في الساحة الوطنية. ولأسباب شخصية وإيمانا مني بان الاهتمام الشأن العام وخدمة تونس يمكن أن يكون من أي موقع وطني، فإني أعلن استقالتي من كافة هياكل حزب الاتحاد الوطني الحر”. في قلب تونس استقالة الشواشي من الاتحاد الوطني الحر لم تعن استقالتها من الحياة السياسية، فبعد شهرين من نشر نص استقالتها اعلن حزب “قلب تونس” لصحابه نبيل القروي تعيين سميرة الشواشي ناطقا رسميّا باسم هذا الحزب. وأثار تعيين سميرة الشواشي جدلا كبيرا خاصة وأنّ الشواشي انتقلت إلى أكثر من حزب بعد الثورة حيث ظهرت في البادرة الدستورية قبل أن تتحول إلى الوطن الحرّ ثم تحوّلت مع حزبها إلى نداء تونس لتشدّ الرحال هذه المرّ إلى الحزب الجديد لنبيل القروي. ناطق رسمي تحت الطلب كانت سميرة الشواشي من أبرز الاسماء النسائية النّاشطة في الحياة السياسيّة، بصفتها نائبة وقيادية وناطقة رسمية، انضمّت لخمسة احزاب سياسية في اقل من 10 سنوات، لم تكن في كل تلك المراحل السّالف ذكرها تبحث عن أرضيّة إيديولوجيّة مشتركة بقدر ما كانت تبحث عن واجهة للتّموقع، فصاحتها ولغتها الثرية وتمترسها في الحياة السياسية جعل انتقالها بين الأحزاب السياسية وتلوّنها أسهل حتى من تلوّن مواقفها، حيث أنها كانت تعارض بن علي في حزبٍ قوميّ ديكوريّ قبل الثورة، وتدعمه في حزب تجمعي بعد الثورة، وتماهت مع من نطقت باسمهم من الأحزاب كما لو كانت صاحبة الحزب ومؤسسته، فتراها تدعم وتعارض الحكومة حسب تموقع حزبها وأهواء رئيسها في الحزب، وكانت مضطرة في بعض المراحل إلى تبرير “شطحات” وخيارات سليم الرياحي غير المفهومة، فكانت لسانه وقلمه حين يعجز وكانت وجهه البديل عندما فرّ وغاب، ولكن مع ذلك فإن الشواشي لم تردّد في القفز من سفن الأحزاب كلما استشعرت الغرق، فبعد سنوات من اقتران اسمها بسليم الرياحي رفعت الشواشي الراية البيضاء لتترك رئيسها السابق يتخبطّ وحيدا في مشاكله، ولتنضمّ للرجل الصّاعد نبيل القروي، ولتكون بذلك الشواشي ناطقا رسميّا تحت الطّلب.