عاد ملف الزكاة ليصبح موضوعا للنقاش بين النخب والقيادات السياسية، بعدما أن قدمت كتلة حركة النهضة بمجلس نواب الشعب مقترحا يتمثل في إحداث صندوق للزكاة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2020 تحت عنوان (الزكاة والتبرعات). وأثار الموضوع جدلا كبيرا، وانقسمت الساحة السياسية بين مرحب بهذا القانون باعتباره يعتبر عنصرا من عناصر مقاومة الفقر والتهميش، وبين من رفع الفيتو لأسباب متعلقة بالأمر العقائدي، حيث يعتبر البعض أن مصطلح زكاة يحمل أبعادا دينية لا تتناسب ومدنيّة الدولة وسعيا إلى “تركيز أحد أعمدة الدّولة الدّينيّة المنشودة”. واستنكر القايدي بائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي رفض البعض لهذا القانون لمجرد الاختلاف الإيديولوجي قائلا في تدوينة نشرها على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”: “بدأ النباح على صندوق الزكاة! بدأ الحكاك من الجرب الإيديولوجي! اطمئنّوا… هذه المرّة لستم في مواجهة النهضة وحدها”. من جانبه، أشار النائب عن حركة النهضة معز بالحاج رحومة إلى أنّ صندوق الزكاة سيعتني بالفقراء والمعوزين والمعوقين والمديونين والطلبة والتلاميذ والمعطلين عن العمل والفئات المهمشة جهويا أو طبقيا. أمّا الإعلامي والمحلل السياسي كمال الشارني فقد اعرب عن ترحيبه بقانون الزكاة لكن بشرط تطبيق قوانين التهرب الضريبي واستخلاص كل الخطايا التي لها علاقة بالضرائب ومستحقات الدولة، وهي لا تقل عن 24 مليارا من الدنانير سنويا، حسب قوله. في المقابل، اعتبرت بشرى بلحاج حميدة أن "صندوق الزكاة هو صندوق 26 /26 مع إضفاء صبغة دينية، قائلة “الزكاة واجب ديني ولا دخل للدولة المدنية فيه وإن تدخلت فهي تشجع على التهرب الجبائي بل وأصبحت شريكة فيه”. أما المدون والصحفي ياسين لاكود فقد أكد أن الإشكال بالنسبة لمعارضي هذا القانون يكمن في تسميته، مشيرا إلى أن مصطلح “الزكاة” فيه إحالة على المرجعية الإسلامية وهذا لوحده كفيل بمحاربته وتجنيد أمثال مايا الكسوري لأخونته وترذيله حتى وإن كان من ورائه مصلحة تعم الجميع . بدوره علق القيادي بالتيار الديمقراطي عبد الواحد اليحياوي على صندوق الزكاة، مشيرا إلى أن “الطبيعي أن يكون هذا الصندوق تابعا لوزارة الشؤون الدينية في إطار تنظيم الزكاة وأن يقع ذلك في إطار قانون خاص يفضل أن تقترحه الحكومة وليس احزاب للنأي به عن أي تجاذب إيديولوجي أو شبهة توظيف سياسي لمؤسسة دينية”، وفق تعبيره. وقدّمت كتلة حركة النهضة خلال مناقشة قانون ميزانية الدولة لسنة 2019 مقترحا بإضافة فصل يتعلّق بإحداث صندوق للزكاة تحت عنوان “المكان والتبرعات” تشرف عليه هيئة وطنية ممثلة عن رئاسة الحكومة وزارات المالية والشؤون الاجتماعية والدينية وهيئة مكافحة الفساد وجامعة الزيتونة وديوان الإفتاء والجمعية التونسية لعلوم الزكاة. ويهدف الصندوق الزكاة الذي يتوقع أن تتجاوز مداخيله 2 مليار دينار إلى دعم الدولة في العمل الاجتماعي الموجه للأفراد والعائلات المعوزة والأيتام وفاقدي السند وأصحاب الإعاقات وتقديم منح سنوية تخصص للطلبة والتلاميذ وللعاطلين عن العمل من أبناء العائلات المعوزة وغيرها من المساعدات، وستكون مداخيل الصندوق من موارد زكاة الأفراد والمؤسسات والشركات الخاصة والتبرعات والهبات، وفق ما أفاد به النائب بالبرلمان معز بالحاج رحومة.