بعد تساؤلات كثيرة عن أسباب اختفائه وعدم ظهوره في الوقت العصيب الذي تمر به تونس، أطلّ رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس الاثنين على التونسيين ببيان جديد أثار الاستغراب. وأشار بيان الرئاسة مساء الاثنين إلى أن سعيد التقى رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وقال البيان إنه "تم التأكيد أيضا خلال اللقاء على ضرورة تكامل عمل مؤسسات الدولة لخدمة المواطنين واحترام كل سلطة اختصاصاتها دون تداخل أو تضارب أو مضاربات سياسية"، بحسب عبارة البيان. واثارت هذه الفقرة جدلا واسعا، حيث استغرب نشطاء انشغال رئيس الجمهورية بالصراع بين السلطات في الوقت الذي يجب أن تتعاضد فيخ جميع السلطات لمقاومة الوباء المستجد وفي الوقت الذي لم يعد للمواطنين طاقةٌ لتحمّل حديث المسؤولين عن الصراعات السياسية بقدر انتظارهم لخطاب رصين ومسؤول من رئيس الجمهورية. وانهالت مئات التعليقات على صفحة رئاسة الجمهورية تعليقا على البيان المذكور، أغلبها عبّر عن استيائه من العبارات المضمنة فيه والتي توحي بوجود تجاذبات سياسية بين الرئاسات الثلاث. وأكّد أغلب المدوّنين أنّ همّ المواطنين هو الصحة والسلامة وليس الصلاحيات. فيما تحدّث آخرون عن خيبة أملهم من قيس سعيد الذي منحوه أصواتهم. ودوّن المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة معلقا على بلاغ رئاسة الجمهورية “الوضعية أصبحت خطيرة. ما هذا؟ نحن في معركة الصلاحيات وإلا في معركة الكورونا؟”. وعلق الإعلامي والناشط السياسي برهان بسيس على بيان الرئيس بالقول: “انتهى بلاغ رئاسة الجمهورية حول لقاء الرئيس برئيس الحكومة بهذه الجملة التي تؤكد لي أن ما يروج عن أن رئيس الجمهورية يعيش في عالم آخر خاص به غير العالم الواقعي للتونسيين هو رأي فيه الكثير من الوجاهة .معناها رئيس الجمهورية في هذا الظرف الذي تعيش فيه البلاد مشكله هي احترام كل سلطة لصلاحياتها.. ما هذا الكلام الفارغ.. ما هذا الهذر؟” وكتب الإعلامي سمير الوافي: “تونس لا تعاني من الكورونا فقط. بل من صراع الزعامات ونزاعات السلطات ومن الخلافات التي تشتت الجهود وتحبط العزائم. تونس في حاجة لمن يوحدها لمواجهة الخطر. وللحكمة والرصانة عوض هذه الصبيانيات والمراهقة السياسية.!” ودعا مراقبون في المقابل إلى توحيد الخطاب بين السلطات وتنسيق الجهود والتشاور لاتخاذ قرارات تتناسب مع خطورة الوضع، لتجاوز محنة كورونا بعيدا عن البيانات الصحفية المتشنجة، التي قد تورط البلاد وتزيد من خطورة الوضع. ومن المنتظر أن يتوجه رئيس الجمهورية ظهر اليوم بكلمة مباشرة للشعب التونسي في ظل ما تشهده البلاد من إجراءات للتوقي من فيروس كورونا المستجد.