تونس الشروق: "نحن في حالة حرب مع العدو الصهيوني والتطبيع خيانة عظمى "..كلمات صاغت أهم ملامح الشخصية السياسية لرئيس الجمهورية قيس سعيد، ويعتبرها البعض أحد مرتكزات نجاحه في الفوز بالرئاسة ، لكن خروج الرئيس من مرحلة التنظير والتصريحات السياسية الى الموقف والتحرك الرسمي ،يبقى أهم اختبار لقيس سعيد أثناء الحوارات الإعلامية ، وفي المناظرة التلفزية ، كان موقف قيس سعيد من القضية الفلسطينية من اهم النقاط اللافتة للراي العام التونسي او حتى العربي والدولي ،فالنبرة القطعية التي تحدث بها قيس سعيد عن ملف القضية الفلسطينية باعتبارها "قضية لا تسقط بالتقادم " ، وتأكيده على أن "العلاقة الطبيعية هي أننا في حالة حرب مع الكيان المغتصب الذي شرّد الشعب الفلسطيني، ومازال يحتل الأرض العربية"، أدارت الاعناق لمترشح لاحد اهم المناصب في الدولة التونسية ، يتحدث بلهجة تقطع كليّا مع "بروتوكول " دأب أغلب المترشحين على اتباعه . الخيانة العظمي قيس سعيد يعتبر ان حتى الحقل المفاهيمي الذي يتم اعتماده في الحديث عن القضية يجب ان يتغيّر فحتى عبارة "التطبيع " مع الصهيونية يجب ان تُعوّض بعبارة "الخيانة العظمى " .. هذا الخطاب رفّع سقف المطالب من رئيس الجمهورية في هذا الملف الى درجة غير مسبوقة ، حتى ان الهيئة الوطنية الفلسطينية لمسيرة العودة وكسر الحصار في قطاع غزة وجهت الدعوة لقيس سعيد لزيارة غزة "كضيف عزيز على مسيرات العودة''، وفق ما تم الإعلان عنه . سعيد وعد بالكثير قال نائب المجلس الوطني التاسيسي سعيد الخرشوفي " إلى قيس سعيد ..غزة تتعرض للقصف الصهيوني والحصار السياسوي .. وأنت لم تفتح فمك ولو ببيان تنديد ..أكثر من أسبوعين والرئيس لم يعبّر عن موقفه مما يحدث في غزة ..انتخبناه ونريد منه ان يعبر عن توجهاتنا كما وعدنا وقد وعد بالكثير في هذا الملف ولم نطالبه الا بالحد الأدنى " قوة خطاب قيس سعيد في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ،بقدر ما أثار اعجاب الفلسطينيين ،بقدر ما ازعج الكيان الصهيوني ،حيث قاد عدد من الإعلاميين والسياسيين حملة ضد قيس سعيد ، بلغت حد تأكيد بعضهم على ضرورة الضغط على قيس سعيد حتى يُغيّر موقفه ، وذهب بعضهم حد القول بضرورة الاتصال بفرنسا لتضغط على قيس سعيد وتُحذره من خطورة موقفه . انقسام بشأن خطاب سعيد في الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات مناصري قيس سعيد ، مبشّرة برئيس جديد يحمل مواقف ثورية تُجاه القضية الفلسطينية ، ارتفعت أصوات أخرى اعتبرت ان ما يقوله سعيد في هذا الملف مجرد شعرات "شعبوية " لا علاقة لها بالواقع ،مشددين على انه بعد دخول القصر الرئاسي وممارسته لمنصب رئيس الجمهورية سيتغيّر خطابه . من هؤلاء سياسيون واعلاميون عرب وتونسيون ، من بينهم الإعلامي محمد بوغلاب الذي انتقد ما قاله قيس سعيد في احد الحوارات التلفزيونية بأنه كان " يتمنى وجود علم فلسطين بجواره" وتساءل محمد بوغلاب، "هل انتخب قيس السعيد الشعب الفلسطيني، أم الشعب التونسي خرج لانتخابه، ولابد أن يتحدث إلى التونسيين". وأضاف محمد بوغلاب، موجّهًا حديثه إلى الرئيس التونسي "تخرج وتقول كنت أتمنى وجود علم فلسطيني بجانبي، ما الذي ستفعله هل ستحرك الجيوش الجرارة لتحرير فلسطين، وعندنا همّ أكبر ينتظرنا، وعندنا مائة ألف عاطل عن العمل أعمارهم فوق 40 سنة، وأنت تقول لي علم فلسطين". أول اختبار بقي الصراع بين مناصري قيس سعيد ومنتقديه متواصلا وبانتظار أوّل اختبار حقيقي بعد تولي سعيد منصب رئيس الجمهورية ،حتى تتضح الصورة أكثر ، ويمكن اعتبار العدوان الصهيوني الأخير على غزة ، والذي امتد أيضا الى الأراضي السورية ، اكبر اختبار حقيقي لمدى تطابق ما كان يقوله قيس سعيد قبل توليه منصب الرئاسة ، مع ما يمكن ان يقوله حاليا بعد ان مارس المهمة وخبر حقيقتها. العدوان الأخير على غزة ،والأراضي السورية ، والذي راح ضحيته العشرات ا ، لم يتم الرد عليه رسميّا ،سوى ببيان يتيم لوزارة الخارجية ، بيان كان متماهيا شكلا ومضمونا مع البيانات التي أصدرتها وزارة الخارجية على امتداد سنوات طويلة ، حيث نعت وزارة الخارجية التونسيّة الشهداء الذين سقطوا من جرّاء الاعتداءات المتكررة لقوات الاحتلال الإسرائيليّ على قطاع غزة. وأكدت وزارة الخارجية موقف تونس "الثابت والمساند للشعب الفلسطينيّ"، ودعت المجتمع الدوليّ وخاصة الأممالمتحدة إلى "تحمّل مسؤولياته بتوفير الحماية الدولية اللازمة للشعب الفلسطينيّ الأعزل والتدخل لوقف ما يتعرّض له من انتهاكات وجرائم واعتداءات سافرة". صمت رئاسة الجمهورية عما يحدث في غزة والاراضي السورية ،بالرغم من ان السياسة الخارجية تدخل في صلاحيات الرئيس ، أنتج موجة غضب في صفوف بعض من ناصروا قيس سعيد مؤخرا ، كما انتج موجة سخرية في صفوف بعض من انتقدوا قيس سعيد منذ البداية .