في الوقت الذي انتشر فيه الهلع بين البشر في شتى أصقاع العالم بسبب فيروس كورونا، إلاّ أنّ له تأثيرات إيجابية في كوكب الأرض الذي استعاد أنفاسه بعد عقود من التلوث الذي سببه الإنسان. ومن أهم الفوائد البيئية التي منحها فيروس كورونا خفض معدلات انبعاث الغاز الدفينة المسببة للاحتباس الحراري، بعدما كشفت وكالة ناسا الفضائية، أنه تم تراجع حدة التلوث في الصين، بسبب القيود المفروضة على السفر، وإغلاق الشركات الصينية ، مما ساعد في خفض انبعاث ثاني أكسيد النتروجين، وهو غاز ضار ينبعث من محطات توليد الطاقة والمصانع والسيارات. كما أظهرت صور الأقمار الصناعية التى أصدرتها ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية انخفاضا حادا في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين التي تطلقها السيارات ومحطات الطاقة والمنشآت الصناعية فى مدن صينية كبرى بين يناير وفبراير، وذلك بعد انتشار كورونا. وبحسب تلك الصور اختفت تقريبا السحابات المرئية من الغازات السامة التي عادة تحوم فوق المنشآت الصناعية. وأشارت شبكة سي إن إن أن ذلك يعود إلى توقف العديد من المصانع عن الانتاج فضلا عن تقييد حركات النقل منعا لانتشار الفيروس. ووفق تقرير لصحيفة ديلي ميل البريطانية فإن معدلات التلوث انخفضت بشكل كبير، حيث أشارت ملاحظات الأقمار الصناعية إلى انخفاض حاد في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين في أعقاب عمليات الإغلاق الصارمة في إيطالياوالصين، وهما الدولتان الأكثر تضررا حتى الآن. ويقول مارشال بيرك، اقتصادي الموارد البيئية، إن هناك صلة مثبتة بين نوعية الهواء السيئة والوفيات المبكرة المرتبطة بتنفس ذلك الهواء. وأضاف: “مع وضع هذا في الاعتبار، فقد تكون الأرواح التي أنقذت من هذا الانخفاض في التلوث الناجم عن الاضطراب الاقتصادي من فيروس COVID-19 يتجاوز عدد القتلى من الفيروس نفسه”، موضحا “في شهرين فقط من انخفاض مستويات التلوث، حياة 4000 طفل دون سن الخامسة و73000 بالغ فوق 70 في الصين وحدها تم إنقاذها”. وتابع مارشال: “هذا أكبر بكثير من عدد القتلى العالمي الحالي من الفيروس نفسه”، مضيفا “الشخص العادي يخسر نحو ثلاث سنوات من حياته بسبب تلوث الهواء، على غرار تأثير تدخين التبغ”. كما قالت سارة دي ماتيس من جامعة كالياري بإيطاليا، إن خفض مستويات التلوث على المدى الطويل سيساعد أيضًا في تقليل عدد الوفيات في أي وباء مستقبلي، فإن المرضى الذين يعانون من أمراض الرئة والقلب المزمنة التي يسببها التعرض الطويل الأجل لتلوث الهواء هم أقل قدرة على محاربة التهابات الرئة والفيروسات مثل كورونا وأكثر عرضة للوفاة. وأضافت، “من خلال خفض مستويات تلوث الهواء، يمكننا مساعدة الأشخاص الأكثر ضعفًا في مكافحتهم لهذه الأوبئة المحتملة في المستقبل”. وقال لوري ميلليفيرتا، كبير المحللين في مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف في هلسنكي بفنلندا، إن مستويات ثاني أكسيد النيتروجين انخفضت بنسبة 35% فوق الصين خلال فترة الإغلاق مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019. وأضاف: “تم إغلاق معظم المصانع أو تشغيلها بسعة منخفضة، إما بسبب القيود المفروضة على التشغيل أو لأن الموظفين لم يتمكنوا من العودة من العطلات، أو بسبب نقص الطلب”. واكتشف تحليل أجرته صحيفة واشنطن بوست أن أكبر انخفاض ملحوظ كان في سماء مناطق إيطاليا الشمالية. ويُوصف ثاني أكسيد النيتروجين بأنه مهيج للرئتين، ويمكن أن يؤدي استنشاق الهواء الملوث به إلى زيادة خطر الإصابة بالربو والتهاب الرئتين. ومن المفارقات أن وباء “كوفيد – 19″، يصيب الإنسان بالتهاب حاد في الجهاز التنفسي، ويضرب فيروس كورونا، بعد أن يجتاز جهاز التنفس العلوي، الرئتين تحديدا، مثله مثل التلوث البيئي.