تظهرُ الكوارث والوباءات في العادة أجمل في المجتمعات من سلوكيات حميدة وأسوا ما فيها، ولعل الجوانب السلبية التي بدت على جزء من الشعب التونسي هو توجهه نحو شيطنة او تمييز المصابين بفيروس كورونا، حتى ان البعض منهم تحوّل الى ازدراء موتى كورونا ورفض دفنهم في المقابر الجماعية، الأمر الذي اثار جدلا كبيرا خاصة وان حالات التنمّر تحولت من حالات شاذة إلى ظاهرة مثيرة للريبة. و فوجئ الجميع خلال الأسابيع القليلة الماضية بحالة من حالات التنمر المخيفة اتسم به جزء من التونسيين ، ضد المصابين بفيروس كورونا، لدرجة أن هناك أهالي رفضوا دفن الجثث، خوفا من الإصابة بالفيروس، وآخرون التجؤوا الى التكتم عن مرضهم خوفا من الوصم والتمييز والشيطنة. ويقول الباحث سامي براهم حول هذه المسالة أن الموقف من مصابي الفيروس تحوّل من مجرّد إجراءات طبيّة لحمايتهم وحماية المجتمع من انتقال العدوى إلى سلوك قائم على التّأثيم والوصم والتّمييز والشّيطنة التي طالت حتّى جثامين الموتى سيؤدّي إلى مضاعفات خطيرة حيث سيدفع ذلك السّلوك المصابين إلى التكتّم على إصابتهم وإصابة أقاربهم فيتفشّى المرض دون القدرة على محاصرة خريطة انتشاره وملاحقة سلاسل العدوى. وتابع براهم في تدوينة نشرها على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” :”لم يستوعب بعد كثير من النّاس أنّ الإنسانيّة جمعاء فما بالك بمجتمع مصغّر في سفينة واحدة إمّا أن يغرق الجميع أو ينجو الجميع … وكلّما تطهّرت البشريّة من أدران الثّقافة الماديّة والتوحّش اليبيرالي والخلاص الفردي والأنانيّة ستنجو السّفينة مهما كان حجم الضّحايا” . بدورها حسمت منظمة الصحة العالمية الجدل عن احتمال أن ينقل الموتى بفيروس كورونا العدوى إلى الأحياء الذين يقومون بدفنهم، ونشرت دليلاً أكدت فيه عدم وجود دليل على نقل الموتى للفيروس، وذلك بعد حدوث حالات رفض في عدد من الأماكن لدفن المتوفين جراء كورونا. ويتزامن توضيح منظمة الصحة مع حادثة حصلت بولاية بنزرت، بعد أن رفض أهال دفن امرأة توفيت بفيروس كورونا، ورشقوا أعوان الصحة والعناصر الأمنية بالحجارة، ما اضطر الشرطة إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع، واعتقال عدد من المحتجين. كما رفض عدد من سكان باجة، دفن رجل توفي بكورونا في مقبرة الجهة التي تضم قبري والدته وشقيقه، طالبين دفنه في مسقط رأسه ب”مجاز الباب” خوفاً من تسرب العدوى من الجثة، ما أجبر السلطات على نقله إلى مقبرة أخر في المقابل، أكد رئيس قسم الطب الشرعي بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة تونس، منصف حمدون، إن “العدوى لا تنتقل من المقابر عند دفن المتوفين بفيروس كورونا، فعند وضع الجثة في القبر، ووضع التراب فوقها، فإن الفيروس يموت، وبالتالي لا يمكن أن تنتشر العدوى”. بدوره، اشار كاتب عام نقابة الأئمة، فاضل عاشور أنّ رفض دفن موتى كورونا ببعض المقابر ينم عن جهل بالتعاليم الدينية، وتقصير من المرشدين الدينيين، والسلطات الطبية، مبيناً أنه “لا خوف من انتقال العدوى من المتوفين بعد دفنهم، خاصة وأن كل الخلايا تفقد الحياة، والفيروس لا يعيش إلا في خلايا حية”.