مساء السبت 14 ديسمبر 2013 اعتبر أنصار الجبهة الشعبية اختيار مهدي جمعة رئيسا للحكومة التي ستحل محل حكومة السيد علي العريض بمثابة النكسة والهزيمة النكراء بسبب ضعف أداء قيادتها خلال جلسات المهلة الأخيرة التي أعطاها الرباعي الراعي للحوار الوطني للأحزاب السياسية ، وبلغت الانتقادات الموجهة لحمة الهمامي إلى حد اتهامه بالفشل وتحميله مسؤولية الانتصار المعنوي الذي حققته النهضة " الخصم الإيديولوجي " اللدود ، كما تهكمت قيادات تاريخية لليسار التونسي على أسلوب الصمت الذي اعتمده ممثلوه في الحلقات الأخيرة من الحوار "حتى لايتهموا بالتشويش عليه " وسياسة الورقة البيضاء التي رفعوها ، وكأنهم يرفعون إشارة الاستسلام في الأمتار الأخيرة من اللحظات الحاسمة . مهدي جمعة ، ومنذ إعلان التوافق عليه ، قرر أن يتخذ من لطفي بن جدو وزيرا للداخلية في حكومته بسبب مااكتسبه من خبرة ومصداقية ، ومعرفة بالملفات الساخنة والتحديات الأمنية التي تعيشها البلاد بالإضافة إلى نجاحه في بسط الأمن على كامل تراب الجمهورية ، فضلا عن استقلاليته السياسية البيّنة . كما ان جمعة يعلم أن البلاد وهي تخوض "حربا على ظاهرة الإرهاب " لاتحتمل أن يقود وزارة الداخلية وزير متربص يحتاج فترة لفهم ملفاتها الحارقة . هذا الاختيار أثار حفيظة الجبهة الشعبية التي تتوجس من شخص وزير الداخلية التي قيل منذ توليه مسؤوليته بأنه يؤدي (فرائضه الدينية ) ، فضلا عما تعتبره فشلا له في إلقاء القبض عن قتلة قيادييها بلعيد والبراهمي ، فكلفت أرملتيهما بعقد ندوة صحفية للتعبير عن رفض تولي بن جدو لحقيبة الداخلية في حكومة جمعة. كما توالت التصريحات التي ترفض رفضا باتا أن تضم الحكومة الجديدة أي وزير من وزراء حكومة علي العريض (انظر تصريحات حمة الهمامي ، زياد الأخضر ، منجي الرحوي ، احمد الصديق …) والتي تتعهد بعدم التصويت لفائدتها ( وكأنّ لأصواتها قيمة عددية في المشهد ) بل وتذهب إلى حد التهديد بمواجهتها ومعاملتها بنفس الأسلوب الذي تعاملت به مع حكومة النهضة باعتبارها حكومة "الترويكا 3 " . وفي نفس السياق اتهم احمد الصديق القيادي في الجبهة الشعبية وأمين عام حزب الطليعة الديمقراطي مهدي جمعة بالانقلاب على التفويض الذي منحه له الحوار الوطني . وإذا صح ان الجبهة الشعبية تعتبر وجود بن جدو ، وغيره من وزراء حكومة العريض في حكومة جمعة انقلابا ، وان "الإبقاء على وزراء من الحكومة المستقيلة في الحكومة مهدي جمعة الجديدة هو إعلان لترويكا ثالثة سيتم التصدي لها لأنها دليل على خضوع جمعة لإملاءات حركة النهضة وضغوطاتها" على حد قول زياد الأخضر فكيف تعتبر تعديل الفصل 19 من القانون المؤقت للسلط قضية حياة أو موت ؟ أي بلغة أبسط كيف تستميت الجبهة على إعطاء كل الضمانات لحكومة ضرب رئيسها عرض الحائط بكل احتجاجاتها ، ولم يبال بالضجيج الذي تحدثه حول تشكيلته وتعتبرها في الآن نفسه انقلابية وخاضعة لإملاءات النهضة كما تعتزم إسقاطها ومواجهتها ؟؟؟؟؟ لطفي هرماسي