أصدرت وزارة الخارجية البريطانية التقرير التالي الذي يرصد كيف واكبت المملكة المتحدة دعم المسار الديمقراطي في تونس : بعد ثلاث سنوات من اندلاع الثورة، فتحت تونس صفحة جديدة من تاريخها، بإقرار المجلس أول دستور تونسي بعد الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي، في 14 يناير/كانون الثاني 2011. والاتفاق على تشكيل حكومة جديدة من شخصيات مستقلة برئاسة مهدي جمعة. خطوة سياسية هامة على طريق تحقيق الاستقرار وبناء المؤسسات في تونس، رحبت بها الخارجية البريطانية ترحيباً كبيراً، واصفةً إياها ب "الإنجاز التاريخي الذي يمكّن للشعب التونسي أن يفتخر بتحقيقه"، كما جاء على لسان وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هيو روبرتسون، الذي أكد أيضاً دعم المملكة المتحدة للحكومة التونسية الجديدة، سواء بشكل ثنائي أو كجزء من دعم المجتمع الدولي، في جهودها للاستعداد لإجراء الانتخابات ومعالجة التحديات المستقبلية. وبالرغم من المسار الطويل والشاق الذي قطعته تونس للوصول إلى هذه المرحلة، والتحديات التي لا تزال تنتظرها، ترى الخارجية البريطانية أن هذه الخطوة مهمة في وضع البلاد على طريق تنفيذ خارطة طريق لتأسيس دولة مدنية ذات مؤسسات قوية تضمن حقوق جميع المواطنين. وفي هذا السياق، تعلق الناطقة الرسمية باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، روزماري ديفيس: " ما تحقق يشكل نموذجاً سياسياً سلمياً في العالم العربي، في السعي إلى تجاوز الخلافات، وتحقيق الديمقراطية عبر التراضي، وتغليب منطق الوفاق والدولة على مختلف المصالح الفردية والحزبية لإدارة المرحلة المقبلة." وأضافت روزماري: "نحن لا نزال ملتزمين بدعم مرحلة الانتقال الديمقراطي والإصلاح الاقتصادي في تونس، ونعتزم الاستمرار بالتواصل عن كثب مع الحكومة الجديدة لإيجاد أفضل الطرق التي من شأنها أن توفر لها المساندة العملية اللازمة للنهوض بمسؤولياتها ومواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية في الفترة المقبلة." يُذكر أن المملكة المتحدة وقفت إلى جانب الشعب التونسي، منذ بدء الثورة، حيث رصدت من خلال صندوق الشراكة العربية، مبلغاً بقيمة 9 ملايين جنيه استريني لدعم المرحلة الانتقالية في تونس. ويشمل هذا المبلغ تقديم مساعدات بقيمة أكثر من 4 ملايين جنيه استرليني، خلال السنة المالية 2013/2014، لدعم برامج التنمية الاقتصادية من خلال إنشاء الوظائف، ودعم قطاع التعليم؛ إضافة إلى دعم برامج إصلاحية وتوعوية لوسائل الإعلام، بتوفير برامج تدريبية للشباب، في الإعلام غير الموجه وحرية التعبير، وتعزيز المهارات اللازمة لإدارة المناقشات والمقابلات. وفي هذا المجال، قامت الخارجية البريطانية بتمويل المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابيةIFES لتطوير كتيّب، هو الأول من نوعه في تونس والمنطقة، لرصد ومراقبة تمويل الحملات الإنتخابية الإقليمية، لتحديد مبادئ الاحتراف والنزاهة والشفافية والحياد في العملية الانتخابية، وتمكين الشباب في تونس من محاربة الفساد ضمن الأطر القانونية التي تتماشى مع المعايير الدولية. كما قامت الحكومة البريطانية بدعم مؤتمر رفيع المستوى لتعزيز الشفافية والنزاهة في الإدارة العامة، في يونيو 2013، في تونس، للبناء على مبادرات الدولة لتحسين أداء إدارة المالية العامة والإصلاح بالإعلان عن الأصول، وتشجيع اعتماد أفضل الممارسات لتحفيز مشاركة المواطنين في القرارات المتعلقة بالسياسات العامة. وعبر سفارتها في تونس، تدعم المملكة المتحدة تطوير الاقتصاد التونسي، من خلال العمل مع منظمات دولية ذات صناديق تمويلية كبيرة، منها الاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي، وبنك التنمية الأفريقي وغيرها من المؤسسات. السفارة البريطانية في تونس تساند أيضاً الجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي للتفاوض على إنشاء منطقة تجارة حرة عميقة وشاملة (DCFTA) من شأنها أن تتيح فرص أكبر للحكومة التونسية للوصول إلى أسواق جديدة وتعزيز التجارة بينها وبين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وفي لندن، استضافت المملكة المتحدة، سبتمبر الماضي، وفداً وزارياً رفيع المستوى من تونس خلال مؤتمر شراكة دوفيل لللإستثمار، ركز على دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الدول الانتقالية. وفي مجال حقوق المرأة، ترى روزماري ديفيس بداية مرحلة تغيير جذري بالنسبة للمرأة في تونس، بإدراج الدستور الجديد مادة تنص على المساواة بين الجنسين في المجالس التشريعية، وعلى اتخاذ خطوات لمكافحة العنف ضد المرأة، وتعتبر أن ذلك يمثل سابقة في العالم العربي. وكانت بريطانيا من أكبر المناصرين لحقوق المرأة في تونس حيث قامت بتكريم سيدتين تونستين، خلال مؤتمر لدعم "دور النساء في الاقتصادات العربية"، في يونيو 2013، وذلك تقديراً على مساهمتهما في دعم التجارة ونمو الاقتصاد في تونس. وتواصل بريطانيا باستخدام برنامج التمويل لدعم تمكين النساء. ويعتبر هذا من المجالات التي تركز عليها مبادرة الشراكة العربية البريطانية تركيزا خاصا، وهي المبادرة التي سبق وأن ساعدت من خلالها في بناء قدرات النساء ليس فقط في تونس، بل في مصر، والمغرب وليبيا، أيضاً، كي يشاركن في الحياة العامة، بما في ذلك تدريب ودعم البرلمانيات من بينهن.