يحتل النسيج الجمعياتي منزلة رفيعة في المشروع الحضارى للرئيس زين العابدين بن علي على إيمانا من سيادته بأهمية الدور الذي تضطلع به مكونات المجتمع المدني في تجسيم الخيارات الوطنية والدفع بالبلاد في مسار الحداثة والتقدم والازدهار.ومن هذا المنطلق تواترت الإجراءات الرئاسية للنهوض بالعمل الجمعياتي وتوسيع مجالات نشاطه فضلا عن ايلائه مكانة مميزة في المخططات التنموية الاجتماعية حيث افرد بباب خاص في المخطط العاشر للتنمية وتواصل اعتماد هذا التوجه خلال المخطط الحادي عشر. وتعزيزا لهذا التمشي نصت النقطة 21 من البرنامج الرئاسي لتونس الغد على إعطاء دفع جديد للحياة الجمعياتية وتسهيلات أكبر أمام النسيج الجمعياتي. كما تم الحرص منذ التحول على إدخال إصلاحات جذرية على الإطار القانوني المتعلق بإحداث الجمعيات وتم في 2 أوت 1992 إلغاء شرط الترخيص المسبق وتعويضه بنظام التصريح بما يبرز العزم الراسخ على فتح المجال واسعا أمام تكوين الجمعيات والمنظمات. وفي إطار الحفز على العمل الجمعياتي تم أيضا إحداث جائزة سنوية لأفضل عمل جمعياتي وإقرار تشجيعات مالية للجمعيات التي تتولى انجاز مشاريع في مجال البحث العلمي وتطوير التكنولوجيا فضلا عن تمكين الجمعيات المسندة للقروض الصغرى من منحة خاصة. العمل الجمعياتي تكريس للمواطنة وعامل من عوامل التحديث والتنمية وتمكن النسيج الجمعياتي في تونس التغيير بفضل ما حظي به من اهتمام وما خص به من مكانة وما تم توفيره له من أرضية ملائمة ومشجعة على النشاط من تحقيق نقلة نوعية يجسدها ثراء مضمونه وتنوع اهتماماته. فأصبح العمل الجمعياتي من ابرز مظاهر تكريس المواطنة في أنبل أبعادها وعاملا من عوامل التحديث والتنمية وعنوانا للعمل والبذل والعطاء والتضامن والتطوع. وتبرز هذه النقلة أيضا من خلال ما سجله عدد الجمعيات من تطور حيث ارتفع من 1976 جمعية سنة 1987 إلى 9350 جمعية تعمل في مجالات مختلفة ومصنفة حسب نشاطها من جمعيات ذات صبغة عامة وجمعيات نسائية ورياضية وأخرى علمية وخيرية واجتماعية بالإضافة إلى الجمعيات الثقافية والفنية التي تمثل النسبة الأكبر إذ يبلغ عددها 5930 جمعية. إسهام النسيج الجمعياتي في دفع مسيرة التنمية للبلاد كما تسنى للنسيج الجمعياتي على امتداد أكثر من عقدين اكتساب القدرة على الاضطلاع بمهام متنوعة من أهمها الإسهام في دفع المسيرة التنموية للبلاد.وهو ما يبرز عبر ما نصت عليه النقطة الأولى للبرنامج الرئاسي لتونس الغد حيث تضمنت إحداث جمعية تنموية مختصة في القروض الصغرى في كل معتمدية بما يساعد على الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للفئات ذات الدخل الضعيف. ويؤكد هذا التوجه انخراط العديد من الجمعيات التنموية في السياسة الوطنية لتشغيل الشباب تنفيذا للقرار الرئاسي الصادر في 29 أكتوبر سنة 2004 والقاضي بتحمل الصندوق الوطني للتشغيل 21/ 21 بنسبة 50 بالمائة من الأجور المسندة لحاملي الشهائد العليا المنتدبين للعمل بالجمعيات. وتضطلع الجمعيات ذات الصبغة الاجتماعية بدور هام في الإحاطة بالفئات ذات الاحتياجات الخصوصية. وتبرز في هذا السياق الجهود التي تقوم بها جمعية”بسمة” للنهوض بتشغيل المعوقين التي ترأسها السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الدولة والتي تعمل على إدماج المعوقين في سوق الشغل وذلك في سياق السعي إلى تمكين هذه الشريحة الاجتماعية من ممارسة حقها في التمتع بعمل يتوافق وإمكانياتها الذهنية والجسدية. ويتجلى التطور الذي شهده النسيج الجمعياتي أيضا من خلال تنوع نشاطه الذي لم يعد يقتصر على العمل الخيري والاسعافي والاجتماعي فقط بل شمل مجالات جديدة منها العلوم والتكنولوجيا والبيئة والتنمية. وقد شمل هذا العمل شرائح جديدة من المجتمع. ويندرج في هذا الإطار نشاط جمعية إدماج المساجين المفرج عنهم والتي تعد هيكلا تطوعيا فريدا من نوعه وقد تمكنت هذه الجمعية الفتية في ظرف سنة واحدة منذ إنشائها من إرساء علاقات شراكة جيدة ووضع برامج طموحة مع عدد من الوزارات المعنية وهياكل الدعم والمساندة بما مكنها من دراسة ملفات حوالي 700 من المفرج عنهم وإدماج نحو 70 منهم في المجتمع. تشجيع على إحداث جمعيات لنشر الثقافة الرقمية وتتجلى عناية رئيس الدولة بالعمل الجمعياتي أيضا في تشجيعه على إحداث جمعيات لنشر الثقافة الرقمية في كل الولايات مع توفير حوافز لتلك التي تنجز برامج لامادية ومواقع جديدة على شبكة الانترنات إلى جانب إقرار منحة بقيمة خمسة آلاف دينار وإيواء مجاني للجمعيات التي تنجز موقع”واب” يتضمن محتويات وطنية ذات صبغة ثقافية أو تربوية أو علمية أو ترفيهية . وتنشط في الجمعيات نسب كبيرة من الشباب التونسي إلى جانب الإسهام الفاعل والبارز للمرأة التونسية حيث تعمل حوالي 22 جمعية ومنظمة نسائية ضمن مكونات المجتمع المدني. ويعكس توسع النسيج الجمعياتي وتكثيف انخراط التونسيين والتونسيات من مختلف شرائح المجتمع في العمل التطوعي نجاح الخيار الوطني الذي راهن على هذا القطاع كرافد من روافد التنمية البشرية والاقتصادية وكشكل من أشكال الممارسة الديمقراطية ولا يزال يعتمد عليها كطرف أساسي في إطار الاستعداد لإنجاح الاستحقاقات السياسية القادمة وتكريس قيم الولاء لتونس وتعزيز مناعتها.