تعيش الجامعة التونسية فترة انتقال من فضاء للمعارف والعلوم الى قطب مفتوح على المحيط الاجتماعي والاقتصادي تتوسع فيه وظائف الجامعة مواكبة للتغيرات على مستوى سوق الشغل وتطور المعايير الدولية فى مجال التعليم.ودخل التعليم العالي طورا جديد من النمو يعكسه تعزيز البنية الاساسية والهياكل التنظيمية والعروض التكوينية وفق التوجهات والاهداف التى تضمنها برنامج رئيس الدولة لتونس الغد باتجاه ارساء مجتمع المعرفة وتكوين كفاءات عليا تسهم فى دفع التنمية وتحسين تنافسية المؤسسات الاقتصادية. وامام تزايد عدد الوافدين على الجامعة بفضل اصلاح منظومة التعليم العالى تاكدت الحاجة الى احكام توزيع الطلبة بين قطاعات التكوين فى اطار مسايرة حاجات سوق الشغل علاوة على التخفيف من اكتظاظ الجامعات المتمركزة بالعاصمة. وافاد السيد جميل شاكر مستشار بوزارة التعليم العالى والبحث العلمى والتكنولوجيا ان من اهم اهداف اللامركزية الجامعية الحد من ظاهرة تمركز الكفاءات الجامعية بالعاصمة والعمل على تثبيتها بالجهات لمزيد انخراطها فى مسيرة التنمية الشاملة والمتوازنة بتوجيه التكوين الجامعي والبحث العلمي نحو حاجيات الجهات والاقتصاد الوطني. وتعززت فى هذا الاطار الخارطة الجامعية فى تونس لتشمل 13 جامعة كبرى موزعة على مختلف الاقاليم الى جانب جامعة تونس الافتراضية وكلها جامعات متعددة الاختصاصات باستثناء جامعة الزيتونة المختصة بتدريس علوم الدين. وتتوزع هذه الجامعات على ولايات تونس الكبرى والمنستير وصفاقس وسوسة وقفصة وجندوبة وقابس. كما تم خلال 2009 ضمن دعم اللامركزية احداث 37 مدرسة دكتوراه موزعة بكامل الجامعات التونسية وتعزيز محاضن المؤسسات التي ارتفع عددها الى 232 محضنة. ويتزامن توسيع هذه الخارطة مع احداث اقطاب تكنولوجية بالجهات بهدف ارساء تقليد التجديد التكنولوجي والبحث العلمي فى الاقطاب الجامعية باعتبار البحث قاطرة للنمو والانتاج ودفع التشغيل بالجهات فضلا عن دوره فى اشاعة ثقافة المؤسسة لدى الطلبة. وابرز السيد جميل شاكر فى هذا الخصوص ان نظام “امد” عزز مكانة الجامعة العلمية والاجتماعية من خلال مزيد ربطها بمحيطها الاقتصادي عبر احداث الاجازات التطبيقية وتشريك المهنيين فى تصور ووضع برامج التدريس حسب ما تتطلبه سوق الشغل من كفاءات الى جانب مزيد تقريب الطالب من الواقع العملى وعدم الاقتصار على تدريبه على المعارف النظرية وتسيير اندماجه فى سوق الشغل. ولا يقتصر دور الجامعة على التكوين بل يشمل متابعة مسيرة الطلبة فى سوق الشغل وذلك من خلال هياكل الادماج المهني التى سيتم تعميمها على الجامعات وهى تعمل على ارشاد وتوجيه الطلبة نحو سوق الشغل فضلا عن مراصد الجامعات التى تتابع متغيرات سوق الشغل فى الجهة. ويستوجب ذلك مواكبة الجامعات لهذه المتغيرات ووضع البرامج والتصورات المجدية والعملية الى جانب ارساء الجودة فى التعليم العالي. ولهذا الغرض تم احداث قانون جديد لتقييم اداء الجامعات فى اطار نظام تعاقد للتصرف بين الدولة والجامعة بما يدعم استقلالية الجامعة ومسؤوليتها اذ ان الجامعة وكل مؤسسة تابعة لها مطالبة باعطاء مشروع مستقبلي تلتزم بتنفيذه خلال 5 سنوات ويخضع لعملية تقييم نصف مرحلية ونهائية. ويهدف هذا القانون الى ارساء ثقافة التجديد فى الجامعة وتشجيع الاساتذة والادارة على مزيد الجهد وتجويد الدروس لتحقيق التميز والارتقاء بالمستوى العلمي للطلبة. كما تبرز وظيفة اخرى هامة تظطلع بها الجامعة وهى تدريس الوحدات الافقية او ذات الجذع المشترك خصوصا تلك التى تساعد الخريجين على اقتحام سوق الشغل مثل مادتي الاعلامية والانقليزية ذلك ان التشغيل يبقى دوما ارحب من الاختصاص. وتفتح الجامعة المجال امام التكوين الذاتي من خلال الجامعة الافتراضية التى تعد اداة لتجويد عروض التكوين وملاءمته مع التطورات العلمية فضلا عما تتيحه من مجال امام الاساتذة لتحيين الدروس. وتم حتى الان رقمنة حوالي 25 بالمائة من التكوين الجامعي خصوصا الوحدات الافقية وهو الهدف المرسوم لهذه المرحلة. علما ان الجامعة الافتراضية تسند شهادة تاهيل فى الاعلامية ويتم احتساب العدد الذى يحصل عليه الطالب فى الامتحانات بالمؤسسة الام. كما تمثل مراكز التحاور عن بعد بالجامعات من الصيغ الاخرى للانتشار الجامعي والتي لا تشترط تنقل الطالب. وبين السيد جميل شاكر ان تطوير البحث العلمي يعد من اهم وظائف الجامعة الحديثة وان انشاء مخابر ووحداث البحث اصبح يخضغ لمعايير وشروط جديدة تهدف الى تجميع الكفاءات البحثية فى هياكل ذات قدرات بحثية عالية لضمان جودة ونجاعة التاطير وتثمين نتائج البحوث وتوظيفها لاغراض التنمية الاقتصادية.