صادق مجلس النواب في الجلسة العامة التي عقدها صباح الثلاثاء في قصر باردو برئاسة السيد فؤاد المبزع رئيس المجلس على مشروع قانون يتعلق بالمخدرات.واستهل المجلس أعماله بالترحم على روح النائب عبد الرحمان التوكابري الذي انتقل إلى جوار ربه يوم الخميس 01 جانفي 2009 . وألقى السيد فؤاد المبزع قبل وقوف أعضاء المجلس لتلاوة الفاتحة ترحما على روح الفقيد كلمة استعرض فيه مناقب وخصال النائب الراحل مذكرا بمسيرته النضالية والمهنية. وأوضح أن الفقيد انتخب بمجلس النواب تباعا من المدة النيابية الأولى إلى الخامسة عن دائرة باجة وعرف بوطنيته وجديته في أداء مهامه النيابية مشيرا إلى انخراطه في صفوف الحزب الحر الدستوري منذ سنة 1950 . وبعد أن بين أن الراحل كان مناضلا بالقلم إذ حرر عدة مقالات صحفية ضد السياسة الاستعمارية إلى أن استقلت تونس ذكر رئيس مجلس النواب أن المرحوم عبد الرحمان التوكابرى تحمل عديد المسؤوليات الحزبية والمنظماتية. ثم نظر مجلس النواب اثر ذلك في مشروع القانون المتعلق بالمخدرات والذي يندرج في إطار مواكبة التشريع لما يشهده الواقع من تطور في استعمال المواد المخدرة وملاءمته مع التشريعات الدولية الهادفة إلى تطويق هذه الظاهرة وتجريم استهلاك هذه المواد. ويهدف مشروع القانون إلى تحيين قائمة المواد المدرجة بالجدول “ب” الملحق بقانون المخدرات لسنة 1992 وذلك بإدراج ثلاث مواد جديدة تتعلق بالبيرينورفين والميتيلفينيدات والاوريبافين. وبالمناسبة سجل أحد النواب الارتياح لمواقف تونس الثابتة في نصرة القضية الفلسطينية مشيرا إلى أهمية الإجراءات العملية التي تضمنتها كلمة الرئيس زين العابدين بن علي في القمة العربية بالكويت. وأكد النواب لدى مناقشة مشروع القانون على التراجع المسجل في قضايا المخدرات والمواد السمية بفضل نجاح السياسية العقابية في تطويق هذه النوعية من الجرائم مستعرضين التأثيرات السلبية لترويج المخدرات واستهلاكها على الكيان الأسري وعلى المجتمع. كما أشار المتدخلون إلى أن الحد من انتشار هذه الظاهرة والتخفيف من حدتها يعزى في تونس أساسا إلى نجاح المنظومة الوقائية والى الدور التربوي والتحسيسي الذي تضطلع به كل من الأسرة ومكونات المجتمع المدني بهدف نشر الوعي في الأوساط الشبابية بخطورة هذه الظاهرة. وقد تمحورت أسئلة النواب بالخصوص حول طاقة استيعاب مركز جبل الوسط لعلاج الإدمان وكيفية التعامل مع السجناء الموجهين إلى هذا المركز. وتساءل احد النواب عن جدوى تصنيف قانون المخدرات وفق جدولين وأسباب هذا الاختيار. وتقدم بعض النواب بمقترحات تمحورت في مجملها حول التصدي إلى المروجين للمواد المخدرة وتشديد الرقابة في الأوساط الطبية والصيدلانية في ما يخص منح الوصفات الطبية. واقترح أحد المتدخلين تعديل النص الجزائي الخاص بالعقوبات المسلطة على مستهلكي المخدرات من خلال النظر في ظروف الجريمة والأسباب المحيطة بها خاصة في الأوساط الشبابية وإعطاء مجال أوسع لاجتهاد القاضي. ولدى تعقيبه على تدخلات النواب أكد السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان أن تونس تعد أرض عبور أكثر منها ارض ترويج للمخدرات مما يحسب لفائدتها في هذا المجال مبرزا الحرص على التصدي لهذه الظاهرة لا بوصفها جريمة تتطور في تونس ولكن بالنظر إلى خطورتها على مستقبل الشباب. وأفاد بأن التراجع المسجل في قضايا المخدرات يعود بالأساس إلى اعتماد تونس لمنظومة وقائية أسهمت إلى جانب المنظومة العقابية في تطويق ظاهرة المخدرات والحد من انتشارها. وأوضح الوزير أن مركز جبل الوسط الذي تم إنشاؤه سنة 1992 بإذن من رئيس الدولة يمكن أن يستقبل لمدة شهر معدل 20 مستهلكا وذلك وفق شروط معينة أهمها أن يكون مستهلك المادة المخدرة من المبتدئين. وبين أن هذا المركز يتولى الإحاطة النفسية بمتلقي العلاج قبل إيداعه بجناح خاص بالمساجين العاملين مما يمكنه من متابعة برنامج تأهيلي ومواصلة الإحاطة النفسية به فضلا عن إعطائه الأولوية في السراح الشرطي حال توفر مقتضيات هذا السراح. وفي ما يتعلق بمراجعة التشريع الخاص بالمخدرات أفاد الوزير أن هذا التشريع يحتاج اليوم بالفعل إلى التقييم بهدف مزيد الإحاطة بجريمة المخدرات وإيجاد الحلول المناسبة لها مشيرا إلى أنه لا يمكن معاقبة أي شخص دون وجود نص قانوني تدرج ضمنه المواد المخدرة بما يسمح بضبط تركيبتها الكيميائية وإجراء التقييم الطبي اللازم في الشأن. وبعد أن أشار إلى دور الصيادلة والأطباء في إحكام الرقابة على هذه المواد، أكد وزير العدل وحقوق الإنسان أهمية تضافر جهود جميع الأطراف لتطويق ظاهرة المخدرات في إطار منظومة متكاملة تشمل الجانب الوقائي والتوعوي إلى جانب العقوبات المضبوطة في الغرض.