أكد السيد محمد الغنوشي الوزير الأول أن الأزمة الاقتصادية العالمية بقدر ما تحمل من صعوبات تهيأت تونس لتجاوزها فإنها توفر فرصا يتعين الاستعداد الأمثل للاستفادة منها . وبين لدى إشرافه اليوم الخميس على افتتاح الندوة الوطنية حول “الاقتصاد الوطني في ظل المتغيرات العالمية :التحديات والفرص المتاحة” التي نظمها التجمع الدستوري الديمقراطي إن اليقظة والتفاعل السريع تمثل بالنسبة لتونس الحل الأمثل للتوقي من تداعيات الأزمة المالية العالمية التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي ولا سيما في المنطقة الأوروبية وذلك إيمانا منها بان قدرة أي بلد على احتواء التأثيرات المحتملة لتراجع نمو الاقتصاد العالمي ترتبط بقدرته على متابعة الوضع واستباق الأحداث واتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب. وبين أن الخطة التي تم الإعلان عنها خلال المجلس الوزاري الذي التام يوم 23 ديسمبر بإشراف الرئيس زين العابدين بن علي والتي عملت مختلف الأطراف المتدخلة على إدخالها حيز التنفيذ في آجال قياسية ترمي إلى مساندة الحركة الاقتصادية ودعم القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. وتتضمن هذه الخطة إجراءات ظرفية صادقت عليها السلطة التشريعية وهي تهدف إلى معاضدة المؤسسات التي تشهد تقلصا في نشاطها نتيجة الأزمة العالمية. ويحتوى القانون المتعلق بهذه الإجراءات الذي يتم تنفيذه على فترة ستة أشهر أحكاما ذات طابع اجتماعي وأخرى ذات طابع مالي وجبائي. وبين أن هذه الإجراءات الظرفية تستهدف بالخصوص المؤسسات المصدرة التي يبلغ عددها 3000 مؤسسة توفر 320 ألف موطن شغل أي ثلثي مواطن الشغل في قطاع الصناعة. كما تم إقرار إجراءات ذات طابع هيكلي ترمي إلى مزيد التقدم على درب تحسين القدرة التنافسية وتعزيز الاندماج في الدورة الاقتصادية العالمية إلى جانب تحسين محيط المؤسسة وتيسير إقحامها في الأسواق الخارجية ومزيد النهوض بالأنشطة الواعدة وذات الطاقة التشغيلية المرتفعة. وأشار الوزير الأول إلى أن منوال التنمية الذي ستعتمده تونس في ظل المتغيرات العالمية سيرتكز في المستقبل بالخصوص على دفع الطلب الداخلي الذي يعد الاستثمار أحد أهم مكوناته ورفع نسبته إلى 26 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 24 بالمائة سنة 20080. وأكد أن الترفيع بحوالي 20 بالمائة في اعتمادات التنمية لميزانية الدولة من شأنه أن يعزز هذا التمشي ويساهم في تسريع نسق انجاز مشاريع البنية الأساسية والتجهيزات الجماعية والنهوض بالتنمية الجهوية. وفي ما يتعلق بالبنية الأساسية التي تعد من أبرز العناصر في دفع الاستثمار، أوضح الوزير الأول أن أشغال ربط مدينة قابس بشبكة الطرقات السيارة ستنطلق خلال السنة الحالية فضلا عن انطلاق الدراسات المتعلقة بربط بوسالم في الشمال الغربي وولايات القيروان وسيدي بوزيد والقصرين وقفصة في الوسط والجنوب الغربي بهذه الشبكة. وأشار إلى أنه فضلا عن المجهود الذي يبذله القطاع الخاص في تونس فان المستثمرين الأجانب ابدوا تجاوبا كبيرا مع الجهود التي تبذلها تونس لتحسين محيط الأعمال من خلال تأكيد عديد المستثمرين ولا سيما الخليجيين تنفيذ مشاريعهم في الآجال فضلا عن إقرار مستثمرين أوروبيين وآسيويين إطلاق استثمارات جديدة في قطاع مكونات السيارات والطائرات في عدد من مناطق البلاد. وبين السيد محمد الغنوشي أن تحقيق الأهداف في مجال الاستثمار يتطلب التركيز على الجانب اللوجستي والرفع في الإنتاجية وتحسين الجودة التي تتضمن فرصا هامة لتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني الذي صنفه منتدى دافوس في المرتبة 36 من بين 130 بلدا. وبين في ذات السياق أن تونس حرصت في إطار تذليل الفارق الذي لازال كبيرا في مستوى تحسين الإنتاجية بين تونس والبلدان المتقدمة والمقدر بنسبة 27 بالمائة ويصل إلى 40 بالمائة في قطاع الخدمات و60 بالمائة في الخدمات الموجهة للسوق الداخلية على تكثيف الاستثمار في الموارد البشرية من خلال مراجعة التشاريع المتعلقة بالتعليم العالي والتكوين المهني في اتجاه ملاءمتها مع حاجيات الاقتصاد الوطني. وأشار إلى أن الفترة القادمة ستشهد إحداث 3 مدارس هندسية جديدة ستمكن من الرفع من عدد المتخرجين في الاختصاصات الهندسية من 4000 في السنة حاليا إلى 11 ألف متخرج سنة 2011 بما يعزز قدرة البلاد على الابتكار وتحسين الجودة. كما تحرص تونس على ضمان مصداقية شهائدها الجامعية من خلال بعث شهائد مزدوجة “بالتعاون مع جامعات أجنبية” يبلغ عددها حاليا 35 شهادة على أن تصل إلى 55 شهادة سنة 2009. وبين انه سيتم تنفيذ خطة للتكوين المقيس للكفاءات التقنية باعتماد شهادات المصادقة في المجالات الموجهة بالخصوص إلى أنشطة الإسناد الخارجي في مجالات أنظمة تطوير البرمجيات وقواعد البيانات وأنظمة التشغيل وقيادة المشاريع وإدارة الشبكات. وترمي هذه الخطة إلى بلوغ 20000 متحصل على شهادة مصادقة في هذه المجالات في ظرف 5 سنوات. ولاحظ أن قطاع تكنولوجيات الاتصال والإعلام يحتوى على إمكانات هامة لدفع مستوى النمو لانعكاسه الايجابي على مختلف القطاعات. وأكد الحرص على التخفيض من كلفة التجارة الخارجية من خلال إرساء مناطق لوجستية ومواصلة تعميم الاضبارة الوحيدة للتجارة الخارجية إلى جانب اضبارة النقل والضغط على آجال تسريح البضائع والتقليص من إجراءات الموانئ. وأوضح أن تونس التي تتمسك بسياستها المعتمدة في الأجور تحرص على تحسين جودة المنتوجات لضمان القدرة التنافسية في الأسواق العالمية مبرزا أن الهدف يتمثل في حصول 1300 مؤسسة على شهادة الايزو في سنة 2009. وأوضح أن دفع الاستثمار يتطلب كذلك إرساء منظومة تمويلية متطورة ترتكز في تقييمها للمشاريع على النجاعة الاقتصادية داعيا البنوك إلى تطوير أسسها المالية والى ضرورة تفعيل دور شركات الاستثمار ذات رأس مال تنمية. وبين الوزير الأول في ختام كلمته أن رجال الأعمال التونسيين مدعوون اليوم إلى الاستفادة من مختلف هذه الإجراءات الداعمة للاستثمار وما يوفره الظرف العالمي ولا سيما انخفاض أسعار المواد الأولية من إمكانات للمساهمة في دفع النمو وخلق مواطن الشغل.