يستهوى التكوين المهني أكثر من اى وقت مضى أعدادا متزايدة من الشباب باعتبار فرص التشغيل الهامة التي يوفرها وتطور برامج التكوين وفقا للمعايير الدولية في مختلف المجالات إلى جانب الحوافز التي تم وضعها لتشجيع المقبلين على التكوين في القطاعات ذات الأولوية. ويندرج الاهتمام المتزايد بهذا القطاع ضمن رؤية استشرافية للرئيس زين العابدين بن على تترجم الوعي برهانات المرحلة المقبلة وما تستوجبه من دعم لقدرة الاقتصاد الوطني على مسايرة المتغيرات العالمية. ويتصدر التشغيل أولويات برنامج رئيس الدولة لتونس الغد الذي وضع أهدافا طموحة للحفاظ على مواطن الشغل الموجودة والتقدم في إحداث مواطن شغل جديدة سيما في المجالات المجددة والواعدة وتوفير موارد بشرية رفيعة المستوى تسهم في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. وتؤكد تجارب البلدان المتقدمة التي توقفت في تطوير نظمها التربوية والتكوينية وربطها بحاجيات المؤسسات الاقتصادية أنها تمكنت من السيطرة على البطالة في أوساط الشباب حيث ترتفع نسبة إدماج خريجي التكوين المهني إلى 70 بالمائة في سوق الشغل وتبلغ 100 بالمائة في بعض الاختصاصات. كما تتطلع تونس إلى تأكيد موقعها كوجهة مفضلة للاستثمارات العالمية الكبرى فضلا عن الارتقاء بمستوى الخدمات لتصبح مركزا دوليا راقيا للخدمات. ويبرز في هذا الإطار صواب مقاربة تونس لتحديث قطاع التكوين المهني وتعصير آلياته وتمتين علاقته بالمحيط الاقتصادي. وجاء قانون فيفرى 2008 ليدعم هذه المقاربة سيما في ما يتعلق بتفاعل قطاع التكوين المهني مع منظومتي التربية والتعليم العالي ومواصلة الشراكة مع أوساط الإنتاج. واحدث القانون نقلة نوعية كفيلة بتوفير المهارات المطلوبة وبلوغ 65 ألف متخرج سنويا والترفيع من عدد المنتفعين ببرامج التكوين المستمر الى 300 ألف مع موفى 2009 واستكمال الاستعدادات الجارية بالنسبة إلى المعاهد الإعدادية التقنية ومختلف فضاءات التكوين لتكون وجهة هامة لعديد التلاميذ. وفي القطاعات ذات الأولوية على غرار البناء والتركيب المعدني والكهرباء والإلكترونيك يتركز العمل على بلوغ 100 ألف متخرج خلال الفترة 2007/2011 استعدادا للانطلاق في تنفيذ استثمارات هامة في ميادين تحتاج هذه الاختصاصات. ومثلت الاستشارة الوطنية حول التكوين المهني التي أذن بها رئيس الدولة سنة 2007 الإطار الأنسب لإعطاء دفع جديد للقطاع وتفعيل دور المتدخلين فيه عبر الأعداد لمهن المستقبل وأشكال العمل الجديدة. وتضع الوكالة التونسية للتكوين المهني على ذمة طالبي التكوين 322 اختصاصا موزعة على 135 مركزا0 ووفرت حوافز لتشجيع الشبان للإقبال على التكوين المهني في القطاعات ذات الأولوية على غرار الإعفاء من معاليم التسجيل ومجانية الإقامة والأكل بالمراكز وتمكين أبناء العائلات ضعيفة الدخل من منحة التمتع باشتراك نقل عمومي. وتطور عدد المتكونين من 95619 خلال السنة التكوينية 2007/2008 ليبلغ أكثر من 99 ألف متكون خلال السنة التكوينية 2008/2009 وفاق عدد الخريجين سنة 2007/2008 ال 34 ألف متكون بنسبة إدماج تفوق 82 بالمائة وتعد الجودة على مستوى التصرف وبرامج التكوين والتاطير والتقييم من أهم الرهانات المطروحة من اجل مسايرة مقتضيات المرحلة المقبلة وذلك لتوفير المهارات التي تتماشى وحاجيات المؤسسات الاقتصادية ومواطن الشغل. وتم وضع مرجع وطني لجودة التكوين يهدف إلى حصول مراكز التكوين المهني على المطابقة لهذا المرجع. ويؤمل أن تبلغ تونس نسبة 70 بالمائة في المراكز المتحصلة على المطابقة خلال سنة 2011 . كما تم بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي اعتماد برنامج تركيز منهجية الجودة داخل المنظومة التكوينية أفضى إلى حصول 7 مراكز على شهادة ايزو ومن المنتظر حصول 25 مركزا على هذه الشهادة مع نهاية المخطط الحادي عشر للتنمية سنة 2011. وقد اقر المجلس الوزاري المنعقد في 16 ديسمبر 2008 بإشراف الرئيس زين العابدين بن على إجراءات تتعلق بالخصوص بتوفير مكونين في مختلف الاختصاصات سيما في القطاعات ذات الأولوية وتكوين نخبة من المتخصصين في مختلف المهن وبعث قطب فاعل من المراكز المؤهلة لتقديم تكوين ذي جودة عالية. كما شهد القطاع إحداث مسالك تكوين جديدة على غرار شهادة المهارة وانطلاق التكوين الفعلي بمراكز التكوين والتدريب بعد إعادة هيكلتها بإنشاء آليات ناجعة لاستقطاب التلاميذ من ذوى المؤهلات لإضفاء مزيد من التكامل بين منظومتي التربية والتكوين.