«دور القيروان في تأصيل المذهب المالكي ونشره» هو محور الدورة السادسة والثلاثين للندوة المولدية المغاربية التي انطلقت اليوم الأربعاء بالقيروان في إطار الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لسنة 1430 هجري – 2009 وتزامنا مع تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية سنة 2009 . وبين السيد بوبكر الاخزوري وزير الشؤون الدينية في كلمته بالمناسبة أن تنظيم هذه الندوة تحت سامي إشراف الرئيس زين العابدين بن علي يمثل أسطع دلالة على ما يحظى به الدين الإسلامي الحنيف من منزلة في سياسة التغيير التي تقوم على التكامل بين البعدين الروحي والمادي. وأضاف أن القيروان جديرة بأن تحتضن هذه الندوة المولدية المغاربية وأن يكون عنوانها « دور القيروان في تأصيل المذهب المالكي ونشره» فقد أضاء نور الإسلام في هذه المدينة العامرة مبكرا واقترن اسمها منذ أواسط القرن الهجري الثاني بالمذهب المالكي. وأشار الوزير إلى دور علي بن زياد وأسد بن الفرات في نشر المذهب المالكي مضيفا أن الإمام سحنون وطد هذا المذهب السني الأصيل في القيروان ومنها إفريقية والأندلس وكان لجهوده وجهود ابن القاسم أحد تلامذة الإمام مالك في مصر ثمرة طيبة هي ذلك الأثر الفقهي المالكي الخالد”المدونة” وقد أملاها ابن القاسم وحررها ودقق فيها الإمام سحنون وتولت المدرسة التونسيةالقيروانية الحفاظ على هذا المصنف الشهير الذي دعم تنمية المذهب وتغذيته بالاجتهادات والترجيحات وتوسيع الأنظار. وأردف الوزير أن الإمام سحنون وصف بأنه عالم في الفقه والكلام واشتهر بردوده على المخالفين للمنهج السني وعلى المبتدعين وتأسس بذلك المنزع الكلامي الإفريقي القائم على الاعتدال الذي رفض به الإمام مالك التكفير واللعن والذي ينأى عن مقالات الفرق المغالية وانسجمت بهذا الاعتبار المالكية والأشعرية في بلادنا إذ لا يخفى أن الأشعرية تجمع بين العقل والنقل في التأويل. وأكد السيد بوبكر الاخزوري أن تطارح المسائل المتعلقة بعراقة المالكية في تونس واستبيان الإسهام القيرواني الفاعل في تثبيت فكر هذا المذهب الوسطى المشهور ودعم تأثيره مشرقا ومغربا يدل على أن بلادنا هي مهد للفكر الأصيل المستنير. وشدد في هذا السياق أن الحضارة العربية الإسلامية كما هي في فكر الرئيس زين العابدين بن على حضارة الأخلاق والاجتهاد والإصلاح لا تريد إلا الخير للإنسان وتنبذ الانغلاق والتعصب. وأضاف أن القيروان اليوم لهى الامتداد الموصول المميز لقيروان الأغالبة فقد أخذت بأوفر حظها من معالم الحداثة والتمدن بفضل ما حباها بها رئيس الدولة من رعاية وانتعشت روحها الإسلامية ذلك أن الإسلام في فكر الرئيس بن على مقوم أساسي من مقومات هوية الشعب وشخصيته. وحضر الجلسة الافتتاحية والى الجهة وعدد كبير من الإطارات الجهوية والمحلية والأيمة الخطباء والوعاظ وضيوف الندوة من الجامعيين والباحثين. وانطلقت أشغال الجلسة الأولى لهذه الندوة برئاسة السيد أبو القاسم العليوي رئيس ديوان وزير الشؤون الدينية بمحاضرة بعنوان « خصائص المدرسة المالكية» ألقاها السيد محمد جمال الأستاذ بجامعة الزيتونة. وبين المحاضر أن المدرسة المالكية تشترك مع المذاهب الأخرى في قواسم مشترك تتمثل في الاعتماد على الأصول أو المصادر الأربعة المعروفة وهى الكتاب والسنة والإجماع والقياس لكن المدرسة المالكية لها خصائص معينة منها اللجوء إلى الإتباع وليس الابتداع أي التعامل مع أحكام الشريعة بانتهاج سبل السلف الصالح وكذلك « الاستحسان والمصلحة المرسلة» من حيث ارتباطها بالأمور المستجدة والموازنة بين المنافع والمضار قبل إصدار الأحكام وهو ما يبرز الفكر الاجتهادي في المذهب المالكي. ومن الخصائص الأخرى « يقول المحاضر» الاستصحاب وهو ملازمة الحكم الموجود على ما كان عليه في الماضي حتى يأتي ما يخالف ذلك و” العرف” أو العادة المحكمة والتيسير ورفع الحرج بالإضافة إلى خصائص ترتبط بالتسامح الديني وبمراعاة الخلاف. كما تشتمل أشغال الندوة على محاضرات أخرى يلقيها أساتذة من تونسوالجزائر والمغرب منها ” المذهب المالكي مقوما لوحدة المجتمع التونسي ” لمحمد الحبيب العلانى الباحث بمركز الدراسات الإسلامية بالقيروان و «صلات علماء فاسبالقيروان» لحميد الأحمر الأستاذ بكلية الآداب بجامعة فاس « المغرب» و ” صلات علماء الجزائربالقيروان ” لعمار طالبي نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين و” المرأة في الفكر المالكي” لجميلة ساسى الأستاذة بجامعة الزيتونة. من ناحية أخرى، يشار إلى أن وزير الشؤون الدينية اطلع بالمناسبة على التحسينات التي أدخلت مؤخرا على الفضاء المحيط بجامع عقبة بن نافع كما زار مقام الصحابى أبي زمعة البلوى الذي يشهد خلال فترة الاحتفال بالمولد النبوي إقبالا كبيرا من قبل الزوار.