اطلع الرئيس زين العابدين بن علي لدى استقباله يوم الاربعاء للسيد محمد الغنوشي الوزير الأول على أشغال الدورة السادسة للمجلس الاعلى للسكان المنعقدة بتونس يوم السبت المنقضي بمشاركة ممثلي الاحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والجمعيات ذات العلاقة. وأوصى رئيس الدولة في هذا السياق بايلاء الأفكار والمقترحات المنبثقة عن هذه الدورة ما هي به جديرة من اهتمام ومتابعة في اطار السعي الى مزيد تفعيل الخطط والبرامج المتصلة بالتنمية البشرية والارتقاء بموءشراتها الى أفضل المستويات والنهوض بالخدمات الصحية وتأمين تلبية الحاجيات الاجتماعية الجديدة الناجمة عن التحولات الديمغرافيه التي تشهدها تونس في ضوء الارتفاع المتواصل لمؤمل الحياة ولعدد السكان النشطين. ومنذ بداية سنة 2009 عقدت عدة مجالس قطاعية عليا أخرى اجتماعاتها برئاسة الوزير الاول لبحث عديد الملفات الحيوية من بينها الموارد البشرية والتنمية والطفولة والشباب والمؤسسة والتكنولوجيا. وتجسد هذه الاجتماعات تقليدا راسخا لدى المجتمع التونسي منذ التحول الذي جعل من الحوار خيارا جوهريا وثابتا وأساسيا وجزءا لا يتجزا من المعادلة الديمقراطية وممارسة يجرى تكريسها في مختلف أوجه تصريف شوءون البلاد. كما تشكل اجتماعات هذه المجالس وعلى أكثر من صعيد صورة تعكس بجلاء الممارسة الديمقراطية في تونس ذلك أن المجالس العليا القطاعية تمثل من خلال تركيبتها والمهام الموكولة اليها فضاءات ملائمة لتعميق الحوار والتفكير والتشاور حول كبرى الملفات الوطنية التي تهم واقع البلاد ومستقبلها. ومن منطلق ايمانه العميق بأهمية هذا التمشي بادر الرئيس زين العابدين بن علي منذ الاسابيع الاولى للتحول الى ادخال الاصلاحات واقرار العديد من الاليات بما دشن بداية عهد جديد من الديمقراطية والحرية عنوانه التشاور والشفافية وتعددية الاراء. ويندرج احداث هذه المجالس في جوهر الحركية السياسية وفي اطار مقاربة شاملة تعتبر الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعي والثقافية والاقتصادية حقوقا مترابطة ومتكاملة لا مفاضلة بينها وذلك طبقا لاحكام الدستور ولقيم الجمهورية0 وينبع إحداث هذه المجالس أيضا من إرادة صادقة في تعميق مسار الإصلاح المتواصل الذي انتهجه رئيس الجمهورية من منطلق إيمانه الراسخ بأن تنوع الحساسيات السياسية يعد مصدر إثراء للحوار وسبيلا لتعزيز مشاركة مختلف التيارات الفكرية في تدعيم مكتسبات الحاضر والتأسيس لتونس الغد. وتعمل هذه المجالس على أن تكون أداة ناجعة لدفع المسار الديمقراطي ولتدعيم التعددية في المشهد السياسي على درب إرساء مجتمع حديث يؤمن بأهمية الحوار البناء وحرية التعبير. كما تمثل هذه المجالس فضاء ملائما للارتقاء بديمقراطية تشاركية سيما أن تركيبتها تضم في عضويتها أعضاء من الحكومة وممثلين عن الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والنسيج الجمعياتي فضلا عن عديد الكفاءات المشهود لها. فهي من هذا المنطلق نموذج للتعددية يعزز شرعية مسار أخذ القرار ويستجيب لمتطلبات الحكم الرشيد ويساهم بشكل كبير في ضبط التوجهات والخيارات الوطنية وفي تحديد ملامح السياسة الوطنية في كل الميادين. كما تمنح المجالس العليا القطاعية الفرصة للمشاركين بمختلف حساسياتهم لتقديم أرائهم حول المخططات الوطنية ولفت انتباه الحكومة إلى الإصلاحات والتعديلات التي يرون انها ملائمة بالنسبة للمسائل الراجعة إليهم بالنظر. وتتولى هذه المجالس أيضا مهام تأمين تنسيق برامج مختلف الوزارات والهياكل والمؤسسات في مجالات اختصاصها واقتراح الآليات والتنقيحات والتصويبات المناسبة. وضمن هذا الأفق بالتحديد ما انفك الرئيس زين العابدين بن علي يوصي بايلاء الأفكار والمقترحات المنبثقة عن هذه المجالس العناية اللازمة باعتبارها تشكل قاعدة مرجعية للحكومة لوضع التصورات وتحديد التوجهات الأساسية للسياسة الوطنية وضبط المشاريع التنموية بما يمكن من تجسيم الخيارات الوطنية ويسهم في بناء تونس الغد.