بعد أن أعلنت إسرائيل اعترافها الرسمي ب"أرض الصومال" (صوماليا لاند) كدولة مستقلة وذات سيادة، سارعت عدة دول إقليمية على رأسها السعودية و مصر وتركيا بإعلان رفضهم للتدخل في الصومال، ورفض الاعتراف بأي كيانات تهدد وحدة وسيادة الصومال. علاوة على ذلك، وفي بيان شديد اللهجة رفضت الصومال القرار الذي يهدد سيادتها ووحدة أراضيها، ودعت جميع الدول والشركاء الدوليين إلى احترام القانون الدولي، والالتزام بمبادئ عدم التدخل وسلامة الأراضي، والعمل بمسؤولية لصالح السلم والاستقرار والأمن في القرن الأفريقي. لكن اللافت في بيان الخارجية الصومالية هو التلميح للهدف الخفي من وراء قرار إسرائيل بالاعتراف بإقليم صوماليا لاند، حيث أكدت الصومال دعمها المبدئي والثابت للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير، ورفضها القاطع للاحتلال والتهجير القسري والهندسة الديموغرافية والتوسع الاستيطاني بجميع أشكاله. وقال بيان الخارجية الصومالية بلهجة حاسمة: "وفي هذا الصدد، لن تقبل الصومال أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا دولة". ويعيد القرار الإسرائيلي حول الصومال والرفض العربي والتركي للأذهان مجدداً ما ذكرته تقارير إعلامية قبل شهور حول أن الحكومة الإسرائيلية، بحثت إمكانية نقل وتوطين فلسطينيين من قطاع غزة إلى مناطق في القرن الأفريقي، من بينها أرض الصومال وبونتلاند. وأشارت هذه التقارير إلى أن إسرائيل قد تعرض الاعتراف الدولي والدعم المالي على أرض الصومال مقابل استيعاب أعداد من الفلسطينيين. لكن متخصصون في الشؤون الدولية أكدوا ل"العربية.نت" و"الحدث.نت" أن لإسرائيل أهداف أخرى من هذا الاعتراف، تتجاوز ملف غزة وتوطين الفلسطينيين، لكنها قد تتجاوز ذلك ساعية إلى موطئ قدم لها في مناطق الملاحة الدولية ومضيق باب المندب. وتقول الدكتورة نادية حلمى، أستاذ العلوم السياسية ب"جامعة بنى سويف"، إن هناك رفضاً عربياً وإقليمياً لهذا القرار الإسرائيلي الذي "لا يهدف فقط لدعم أرض الصومال بل لوضع خطط عسكرية واستخباراتية تسعى لتهجير الفلسطينيين من سكان قطاع غزة إليها"، موضحة أن القرار سيصطدم برفض صيني واسع وكبير. وأضافت ل"العربية.نت" و"الحدث.نت" أن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال (صوماليا لاند)، يهدف لتغيير الواقع الجغرافي أو الديموغرافي، وهو ما تنظر إليه دولة كبيرة مثل الصين كسابقة خطيرة تهدد السلم والأمن الدوليين وحركة الملاحة في البحر الأحمر. وقالت إن "التخوف الصيني القاطع من هذا الاعتراف الإسرائيلي ينبع كذلك من تركيز الاتفاق على التعاون في مجال الأمن البحري، وهو الأمر الذي يتعارض مع مصالح الصين ملاحياً وبحرياً في تلك المنطقة المحيطة بشرق أفريقيا والقرن الأفريقي، مؤكدة أن "الدوائر المعنية في بكين، تتوقع أن يؤدي هذا القرار الإسرائيلي إلى تغييرات جوهرية فى موازين القوى في منطقة البحر الأحمر وتهديد مصالح حلفاء الصين في تلك المنطقة". وكشفت أستاذة العلوم السياسية أن "الرغبة الإسرائيلية لتطوير ميناء بربرة في منطقة القرن الأفريقي، ستجعل التخوف أكبر حيث سيُنظر إلى ميناء بربرة كمركز بديل ومنافس في المنطقة، وسيؤدي التعاون الإسرائيلي مع أرض الصومال إلى تعزيز كفاءة سلاسل الإمداد التي تربط البحر الأحمر بالأسواق الأفريقية، مما قد يقلل الاعتماد الإسرائيلي على ممرات ملاحية أخرى تحت نفوذ قوى منافسة ومعارضة لإسرائيل". وأوضحت أن الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الجديد سيعزز كذلك من توفير تكنولوجيا متقدمة لأنظمة المراقبة والإشارة والتتبع، ما يؤثر على مسارات الطيران والملاحة الجوية في القرن الأفريقي، وهو ما يتعارض مع مصالح الدول العربية والصين وروسيا وحلفائهم بشكل خطير.