ادرجت المندوبية الجهوية للديوان الوطنى للصناعات التقليدية بتوزر صناعة الحرير ضمن الحرف المميزة لنفطة اعتبارا لعراقة هذه الحرفة وتوفر يد عاملة مختصة. ويوءمل القائمون على قطاع الصناعات التقليدية بالجهة ان تسهم هذه المبادرة فى رد الاعتبار لحرفة نسج الحرير بنفطة معولين على استفادة الحرفيين والمقبلين على التكوين سيما من اصحاب الشهادات الجامعية مما توفره الدولة من تشجيعات وحوافز للغرض. وقد ارتبطت صناعة الحرير فى ربوع الجريد بمعتمدية نفطة وخصوصا المدينة العتيقة حيث عرفت منطقتا علقمة والمصاعبة بهذا النسيج الذى كان يروج فى السابق بالمدينة وبالمناطق المجاورة وحتى فى البلدان القريبة. وتعود الحرفة الى مئات السنين حينما كانت نفطة أو /نابتيس/ حسب التسمية الرومانية معبرا للقوافل التجارية نحو افريقيا والشرق. وتذكر حرفيات بمدينة نفطة أن نسج الحرير كان فى السابق نشاطا تكاد تختص به كل البيوت بالتوازى مع نسيج الصوف المزدهر فى عموم منطقة الجريد.وبذلك كان الانتاج مكثفا ويلبى كل الطلبات الواردة. الا أن هذه الحرفة ما فتئت تتراجع بتقلص الناشطين وعزوف الشباب عن المهنة التى بقيت حكرا على بضع الحرفيات المتقدمات فى السن. كما تراجع حجم الانتاج بشكل ملحوظ رغم الحوافز والتشجيعات وخصوصا فى اطار برامج الصندوق الوطنى للتشغيل الذى ساهم فى توفير عدد من مراكز التكوين خاصة للفتيات. ومن العوامل التى يعزى اليها هذا التراجع ضعف المردود المادى ومحدودية رواج المنتوج لحرفة يستوجب حذقها كثيرا من الجهد والصبر فضلا عما تتطلبها ممارستها من مواد اولية ذات كلفة عالية ولا تتوفر عادة بالسوق المحلية بنفطة. وقد سعت السيدة خضراء درواز أصيلة منطقة المصاعبة بنفطة الى تلقين اصول هذه الحرفة لبناتها منذ الصغر وكانت حريصة على تعليمهن نسج الحرير للحفاظ علي هذا التقليد المتوارث فى العائلة. وهي تفسر نقص اليد العاملة في هذا الاختصاص بالصعوبة التي تميز نسج الحرير وطول مدة تجهيز القطعة التي قد تستغرق شهرين. وبدورها تعلمت الانسة لطيفة نصر هذه الحرفة عن والدتها وأصبحت من الشابات القليلات اللاتى يتقن نسيج الحرير من بين بنات جيلها. وقد توفرت لها بدورها فرصة تكوين أكثر من مائة فتاة فى اطار تشجيعات قدمها الصندوق الوطنى للتشغيل الا أن القليل منهن واصل تعاطى هذا النشاط. وتضيف انه لو توفرت تشجيعات أكبر فى مجال الحوافز المالية والتسويق في مختلف مناطق البلاد فان هذه الحرفة ستعرف انتعاشة واقبالا على تعلمها. وتسعى الحرفيات بمدينة نفطة الى تنويع المنتوج ليستجيب لمقتضيات الحياة العصرية والى تنويع مجالات الاستعمال كتزويق المنازل حتى لا يبقى نسج الحرير موجها فقط لصنع الجبة رغم انها الاكثر طلبا فى السوق.