شهد مجلس النواب يوم الثلاثاء حدث المصادقة على مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح وإتمام المجلة الانتخابية وهو مشروع من شأنه الاسهام في مزيد دعم التعددية صلب المؤسسات الدستورية وتوسيع مجال المشاركة في الانتخابات العامة وتوفير الضمانات التي تحيط بالعملية الانتخابية في جميع مراحلها.ويجسم هذا القانون الاصلاحات التي أعلنها الرئيس زين العابدين بن علي في الذكرى العشرين والذكرى الحادية والعشرين لتحول السابع من نوفمبر مجددا التأكيد على أن خيار التعددية لا رجعة فيه وأن الأحزاب السياسية الوطنية هي أطراف المعادلة الديمقراطية والتنافس النزيه. وتخص التنقيحات التي تشهدتها المجلة الانتخابية أساسا الفقرة الأولى بالفصل 72 من المجلة الانتخابية الذي سيتيح الترفيع إلى 25 بالمائة في عدد المقاعد المخصصة للمستوى الوطني بالنسبة إلى انتخابات أعضاء مجلس النواب. ويتم ذلك بالتقليص في القاعدة السكانية المعتمدة على المستوى الوطني الى 48 ألف و700 ساكن عوضا عن 52 ألف و500 ساكن بما يخول الزيادة في عدد المقاعد المخصصة للمستوى الوطني لتبلغ نسبتها 25 بالمائة. ويجرى في المقابل الإبقاء على القاعدة السكانية المعتمدة في ضبط المقاعد بالدوائر الانتخابية المحددة بمقعد بالنسبة إلى كل 65 ألف ساكن مع الأخذ في الاعتبار تطور عدد النواب بهذه الدوائر تبعا لتطور عدد سكانها. ويمكن هذا التعديل القانوني بذلك من الترفيع في العدد الجملي للمقاعد النيابية التي بلغت 189 مقعدا في انتخابات 2004 مقابل 182 مقعدا في انتخابات 1999 و163 مقعدا في انتخابات 1994 . كما أنه يتيح لأحزاب المعارضة الإحراز على تمثيل أوسع في مجلس النواب بعد الانتخابات التشريعية لسنة 2009 علما بأن هذه الأحزاب تستأثر حاليا ب37 مقعدا بالمجلس موزعة على خمسة أحزاب هي حركة الديمقراطيين الاشتراكيين 14 مقعدا وحزب الوحدة الشعبية 11 مقعدا والاتحاد الديمقراطي الوحدوي 7 مقاعد وحركة التجديد 3 مقاعد والحزب الاجتماعي التحرري مقعدان . وفضلا عن ذلك شملت التنقيحات الفقرتين الرابعة والخامسة من الفصل 106 من المجلة الانتخابية لمراجعة أجل بت المجلس الدستوري في الطعون في نتائج الانتخابات التشريعية ليصبح الأجل الأصلي للبت أسبوعين دون انقضاء أجل الطعن عوضا عن خمسة أيام حاليا. أما أجل التمديد المخول لرئيس المجلس قيصبح ثلاثة أسابيع عوضا عن الخمسة عشرة يوما حاليا. يرمي هذا الإصلاح أساسا إلى تعزيز مصداقية العملية الانتخابية. وطالت التعديلات أيضا الفصل الثاني من المجلة الانتخابية للتخفيض في السن الدنيا للانتخاب من عشرين سنة إلى ثماني عشرة سنة وهو ما سيمكن ما يزيد عن نصف مليون شاب إضافي من ممارسة حق الانتخاب بداية من سنة 2009 . ويأتي هذا الإصلاح الأخير ليؤكد الإرادة السياسية الثابتة للرئيس زين العابدين بن علي في تعزيز مكانة الشباب ودوره في الحياة العامة والسياسية وصلب المشهد المدني الوطني باعتبار أن اكتساب أهلية الاقتراع يعد من عناوين المواطنة والسبيل للمشاركة البناءة في تصريف الشأن الوطني. كما أن هذا العدد الاضافي الهام من الناخبين أن يمكن الشريحة العمرية الأوسع من سكان البلاد أي الشباب من حيازة وزن انتخابي هام يؤهلها للمساهمة بصورة فعلية في صياغة خيارات الحاضر والمستقبل. ومما يعزز أهمية هذا التعديل المبادرة الرئاسية المتعلقة بالنزول بالسن المخولة للترشح لعضوية الهيئات الدستورية والمجالس المنتخبة “البلديات” من 25 الى 23 سنة وهي مبادرة غايتها تمكين الأجيال الصاعدة والكفاءات الشابة من الإرتقاء إلى مواقع المسؤولية صلب الهياكل المنتخبة بالاقتراع الحر المباشر ومن هناك امتلاك فرص حقيقية فعلية للإسهام في صنع القرار التشريعي الذي يعد السند لعمل الحكومة والدعامة لبلورة وتجسيم المشاريع الوطنية في سائر الميادين. إلى ذلك شملت تنقيحات المجلة الانتخابية اليوم الثلاثاء مراجعة الإطار القانوني المنظم لحصص تسجيل وبث كلمات المترشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية بمؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسيتين أثناء الحملة الانتخابية. وهي مراجعة تهدف إلى تمكين رئيس المجلس الاعلى للاتصال أو من ينيبه من بين الأعضاء بعنوان الشخصيات ذات الكفاءة المعترف بها في ميدان الإعلام والاتصال من مطالبة المترشح بحذف العبارات التي يرى أنها مخالفة للقانون والاعتراض على التسجيل في صورة رفض المترشح ذلك. ويجوز للمترشح الطعن في مقرر الاعتراض لدى رئيس المحكمة الابتدائية بتونس وفق اجراءات القضاء الاستعجالي. وتخص التعديلات ايضا الاحكام المنظمة للانتخابات البلدية. وفي هذا الاطار تم تنقيح الفصل 38 للتقليص في عدد مكاتب الاقتراع بما يمكن البلديات التي يساوى عدد الناخبين فيها 7 الاف او اكثر من الترفيع في عدد الناخبين المسجلين في المكتب الواحد الى 600 ناخب عوضا عن 450 ناخبا. كما تم تنقيح الفصل 154 في اتجاه النزول بالسقف المحدد لعدد المقاعد بالنسبة الى القائمة الواحدة بكيفية لا تسمح لاى قائمة بان تتحصل على اكثر من 75 بالمائة من المقاعد بالمجالس البلدية مهما كان عدد الاصوات التي تحصلت عليها. وبالاضافة الى ما ستتيجه هذه التعديلات على المجلة الانتخابية من توسيع فرص حضور الاحزاب السياسية بمجلس النواب وبالمجالس البلدية وتعميق الممارسة التعددية والحوار الديمقراطي صلب مختلف مؤسسات النظام الجمهورى فان رئيس الدولة اكد عزمه على تعزيز حضور الحساسيات السياسية في قائمة الشخصيات والكفاءات الوطنية المنتمية الى مجلس المستشارين والمجلس الاقتصادى والاجتماعي. وجدد ممثلو الاحزاب الوطنية بمجلس النواب في تصريحات بالمناسبة الاشادة بهذه التنقيحات التي قالوا انها تتنزل “ضمن الاصلاحات الرئاسية المتواصلة باتجاه دعم التعددية ومزيد الارتقاء بالممارسة الديمقراطية في البلاد”. ونوهوا خاصة بالتنقيحين المتصلين بالترفيع في النسبة المائوية للمقاعد المخصصة على المستوى الوطني في الانتخابات التشريعية من 20 الى 25 والنزول بالسن الانتخابي الدنيا الى 18 عاما. وفي هذا السياق اكد السيد صالح الطبرقي رئيس لجنة الشؤون السياسية والعلاقات الخارجية وممثل التجمع الدستورى الديمقراطي المساندة المطلقة للتمشي الاصلاحي للرئيس زين العابدين بن علي وبرامجه في التنمية السياسية سيما منها المدرجة في البند 21 من برنامج تونس الغد. وبشان تعزيز حضور المعارضة بالمؤسسات الدستورية عبر عن قناعة التجمع الراسخة بالحاجة الى احزاب وطنية فاعلة وناجعة تسهم في التاطير والتربية على الحوار والمشاركة والتحسيس بالتحديات الكبرى المنتظرة سيما على المستويات الاجتماعية والاقتصادية وذلك بالنظر الى تقلبات الوضع العالمي الراهن. ومن جهته قال النائب هشام الحاجي عن حزب الوحدة الشعبية ان الترفيع في المقاعد المخصصة للمستوى الوطني في الانتخابات التشريعية يمثل خطوة اضافية على درب تطوير التفاعل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ودعم التعددية. واشار الى أبعاد تزامن التعديلات المدخلة على المجلة الانتخابية مع التوجه نحو تنقيح النظام الداخلي لمجلس النواب بما يتيح تفعيل دور الاحزاب والمجموعات البرلمانية. ويذكر ان الرئيس زين العابدين بن علي دعا في الذكرى العشرين للتحول الى مراجعة احكام النظام الداخلي لمجلس النواب المتعلقة بالمجموعات البرلمانية قصد تيسير تكوينها وذلك بالنزول بعدد المقاعد المشترطة لتكوين مجموعات برلمانية من 10 بالمائة الى 5 بالمائة. ومن ناحيته لاحظ السيد العروسي النالوتي عن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ان هذه التعديلات تعد في حد ذاتها خطوة اصلاحية ايجابية يدعمها مناضلو الحركة.وقال “انها تقيم الدليل على عزم رئيس الجمهورية على توسيع فرص عضوية احزاب المعارضة للهياكل المنتخبة وتحميل الاحزاب مسؤولية تاطير المواطنين سيما الشباب والتفاعل الايجابي مع اهتماماتهم”. واكد النائبان احمد الغندور عن الاتحاد الديمقراطي الوحدوى وثامر ادريس عن حركة التجديد اهمية هذه الاصلاحات القانونية الداعمة لحضور المعارضة بالمجالس الدستورية. وقال ممثل حركة التجديد انه “يبقى على الاحزاب الاجتهاد للاحاطة بالناخبين”. ومن جهته افاد النائب المنجي الخماسي ان تطوير القوانين المتعلقة بالانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية ياتي مواكبة لما تعرفه الاحزاب السياسية من تطور متواصل ومسايرة لتنامي تاثيرها في الشان العام وفي حياة الناس. وأوضح أن “هذه المعطيات على غاية من الأهمية باعتبارها تبرز وعلى عكس ما يدعيه البعض أن الحياة السياسية في تونس في حراك مستمر من أجل بلوغ الأفضل” . ويجدر التذكير بالتنقيح الاستثنائي المدخل سنة 2008 على الدستور في مايتصل بالانتخابات الرئاسية بهدف إتاحة إمكانية الترشح إلى رئاسة الجمهورية أمام المسؤول الأول للحزب السياسي شريطة أن يكون منتخبا لتلك المسؤولية وأن يكون عند تقديم ترشحه مباشرا لها منذ مدة لا تقل عن سنتين متتاليتين منذ انتخابه. وقد تفاعلت مع هذا الإجراء عديد الأحزاب الوطنية التي بادرت بعد إلى تقديم مرشحين عنها الى الاستحقاق الرئاسي لسنة 2009 .