تونس تحتضن المؤتمر الدولي الثالث عشر لمعهد الصحة والسلامة المهنية    ارتفاع سعر البصل بسوق الجملة ببئر القصعة    غموض ورعب .. اختفاء يوتيوبر عربي شهير أثناء تصوير    المؤسسات الصناعية في تونس : تشغيل حوالي 534 ألف عامل    جندوبة: انطلاق موسم الحصاد وسط تقديرات بإنتاج مليون و400 ألف قنطار من الحبوب    المشتبه به عربي الجنسية: إلقاء قنبلة على سفارة الاحتلال في رومانيا    كهل يُقدم على الانتحار داخل منزل مهجور بهذه الجهة    عاجل/ الدندان: ضبط قوارير "مولوتوف" لدى مجموعة من الشبان أغلبهم قصّر    بيت الحكمة يُصدر كتابا بعنوان "رحلة اليوسي" لمحمّد العيّاشي بن الحسن اليوسي عن تحقيق الباحث التونسي أحمد الباهي    عاجل : شادي الهمامي لاعب النادي الرياضي الصفاقسي يعتزل    اتحاد الفلاحة: التن المعلّب الموجود بالأسواق هو تن مجمّد مورد    الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه الدولية: تراجع النتيجة الصافية ب30 بالمائة في 2023    وزير الشؤون الخارجية يشارك بسيول، في الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة الأولى الكورية-الإفريقية    قبلي: الاتحاد الجهوي للشغل يطالب في لائحة مهنية حول تطورات ملف شركة البستنة بتصنيفها كقطاع عام    صفاقس: الكشف عن وفاق إجرامي مختص في السرقة باستعمال العنف    حادث اصطدام بين تاكسي جماعي وسيارة بسوسة..وهذه حصيلة الجرحى..    "الهريسة التونسية" إصدار جديد للتعريف بهذا التراث الغذائي التونسي المسجل على لائحة اليونسكو    صادم: 17 ألف طفل يتيم في غزة!!    الاستعداد للحج .. "شوق" وعادات وفيه "منافع للناس"    تونس : أكثر من 140 ألف مترشح سيجتازون مناظرة باكالوريا 2024    عاجل/ خبراء من الأمم المتحدة يدعون دول العالم للاعتراف بدولة فلسطين..    وزير الدّاخليّة يتفقد الإدارة العامة للعمليات بمقر وزارة الداخلية    تفاصيل بيع تذاكر مواجهة المنتخب الوطني ومنتخب غينيا الإستوائية    الرابطة الأولى: الترجي الرياضي يؤكد إحترازه في الدربي .. وعقوبات صارمة في إنتظار النادي الإفريقي    مدرب الترجي غاضب ويلوح بالرحيل.    التواتي: تحديد سعر لحم الضأن ب43 دينارا للكلغ    الحكومة المصرية تقدم استقالتها للسيسي    حوادث : مقتل 11 شخصا وإصابة 314 آخرين خلال ال24 ساعة الأخيرة    عاجل/ القيزاني يفجرها ويكشف: "اخلالات في هذه القطاعات وقرارات قريبا"..    المرصد التونسي للاقتصاد يدعو إلى إرساء سياسة فلاحية تكرّس مبدأ السيادة الغذائية    نابل: حجز أزياء عسكرية وايقاف صاحب شركة    المالديف تحظر دخول الإسرائيليين أراضيها    ر م ع شركة اللحوم ل"الشروق": نسعى لتوفير 4000 رأس من الأضاحي    بطولة فرنسا: سانت إتيان ينتزع بطاقة الصعود لليغ 1    إدارة الترجي الرياضي تحيل حارس مرمى على لجنة التأديب و الانضباط    هام / الرابطة المحترفة الثانية … برنامج مباريات الجولة الخامسة و العشرين    غرفة تجار المصوغ : البنك المركزي غير قادر على توفير الذهب لأصحاب المعامل    طقس الاثنين: الحرارة تصل الى 42 درجة بهذه المناطق    خامنئي: عملية طوفان الأقصى أفشلت محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني    الفنانة إبتسام الرباعي ل«الشروق».. أتمنى تطهير الساحة الفنيّة من الدخلاء    القيروان: برمجة ثرية في مهرجان المشمش بحفوز (صور)    فيلم "المابين" لندى المازني حفيظ يتوج بجائزة أفضل فيلم في مهرجان الفيلم العربي بروتردام    اليابان : زلزال قوي بلغت شدته 5,9 درجات يضرب وسط البلاد    مدرب الترجي معلقا : ''ما شاهدته في الدربي لم يكن كرة قدم، بل حرب وفوضى ''    عاجل - تونس : ارتفاع استهلاك السجائر لدى اليافعين والأطفال تزداد أكثر فأكثر    نقص أدوية وطول إجراءات...مرضى السرطان يعانون في صمت!    رغم نجاحات أطبائنا...مستشفياتنا تعاني... والصحة «مريضة»    تونس الأولى عربيا في التدخين والسيجارة الإلكترونية بديل قاتل    الهند: موجة حر تخلف عشرات القتلى و25 ألف اصابة بضربة شمس    ردّا على حملة في «الفايسبوك»...وزارة التربية تمنع حمل الكوفية الفلسطينية خلال امتحانات الباكالوريا    لأول مرة في الكويت: نجوم مصريون يحيون 'ليلة النكد'    مكتب منظمة الصحة العالمية بتونس: معدّل عمر متعاطي أول سيجارة في تونس يناهز 7 سنوات    وفاة المخرج الشاب محمد أمين الزيادي    المخرج التونسي الشاب محمد أمين الزيادي في ذمة الله    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راشد الغنوشي يكتب للتونسيين في عيد الاستقلال
نشر في الشروق يوم 20 - 03 - 2014

يحتفل اليوم شعبنا الأبي بالذكرى الثامنة والخمسين للاستقلال المجيد، التي تأتي في غمرة فرحة تونس بالمصادقة على دستور الثورة، وخروج بلادنا من ازمة سياسية خانقة، لتصبح محط أنظار العالم وتقديره ونموذجا للانتقال الديمقراطي الوفاقي والتكامل بين الاسلام والديمقراطية. واذ نتوجه باحر التهاني الى التونسيين والتونسيات في ارض الوطن وفي الخارج، فإننا نعبر عن إكبارنا وعرفاننا لكل من ضحى من اجل ان تتحرر تونس من قيود الاستعمار، ولبناة دولة الاستقلال رحمهم الله.
ان الاحتفال بهذه الذكرى الخالدة، مناسبة نستحضر فيه إنجازات الدولة التونسية على مدار عقود، في مختلف الميادين من تحرير المرأة الى الترقية الاجتماعية عبر التعليم والصحة والثقافة، مرورا بالجهود المبذولة في مجال التنمية الاقتصادية، والنهوض بالبنية الاساسية.
هذه الإنجازات لا تخفي مظاهر الوهن والأخلال الفادحة التي أضعفت البلاد، وكادت تعصف باستقلال تونس مرارا، بفعل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها عقلية الاستبداد والإنفراد والقمع ، وعمقها استشراء الفساد في العقود الاخيرة قبل الثورة وتراكم المشاكل الهيكلية نتيجة منوال تنموي، لم يوفر العدالة بين الجهات والفئات، وعجز عن استيعاب أفواج الشباب العاطل، وتوفير المناخ الملائم للاستثمار الحر القائم على مبدإ المنافسة العادلة والنزيهة.
وزاد الطين بلة ما شهدته البلاد من استهداف لمقومات الهوية العربية الاسلامية بما جعل بلاد الزيتونة، التي طالما اشعت بنور الوسطية والاعتدال, أرضا منخفضة تلفحها رياح التشدد والتطرف والغلو.
في ظرف تأزمت فيه الأوضاع، ثار الشباب التونسي على نظام فاسد دكتاتوري، فأسقطه، دون ان يتنكر للماضي، ودون ان تتحول الثورة التونسية التي فجرت الربيع العربي، الى فوضى وحرب انتقامية. ويحسب للإسلاميين, اصحاب الرصيد الأكبر من المعاناة والألم تسلحهم بثقافة العفو، والتسامح، وبرهنتهم على انهم ليسوا طلاب ثأر وانتقام، وليسوا حاملي ثقافة حقد وكراهية، وهو ما أكدته سلمية الثورة، وتجربة الترويكا في الحكم، وتضحية النهضة بالحكومة من اجل الحفاظ على الوفاق الوطني وقطع الطريق امام محاولات الزج بالبلاد في الفتنة والانقسام.
لقد توفق التونسيون والحمد لله، الى حل خرجت به كل مكونات الساحة السياسية منتصرة، الا من راهن على تخريب التجربة، واختار العنف والإرهاب والفوضى سبيلا لتحقيق أجندته. تسنى ذلك بتضافر الجهود, والتعالي على المصالح الحزبية والفئوية والتفكير في المصلحة العامة، وفي حماية بلادنا من المخاطر المتربصة بها. ولكن الواجب يقتضي منا ، ونحن نستشعر جميعا دقة الظرف الذي تمر به البلاد، في ظل صعوبات اقتصادية يعلم القاصي والداني، أسبابها الحقيقية، ان نرسخ خيار الوفاق، اليوم وغدا، وان ندعو كل الأطراف الى الترفع عن الخصومات السياسية والشحن، وكل ما من شأنه ان يعيدنا بالقول او بالفعل الى مربع الاحتقان والأزمة.
أني أدعو التونسيين والتونسيات، في هذا اليوم الأغر، من مختلف التيارات والتوجهات، الى ان ننظر معا الى المستقبل، وان نقدر مليا الكلفة الباهضة لبطء المصالحة الوطنية، وامعان بعض الجهات في الترويج لمقولات الاستئصال، وتشويه الخصوم وتغذية الفتن والأحقاد بين التونسيين، والتحريض على انتقالهم الديمقراطي الناجح.
فلا فائدة ترجى في تقديرنا من الالتفات الى الماضي، عدا ما يسمح لنا بأخذ العبرة من الاخطاء، وتنظيف الجروح، ومنع النكوص الى عهود الاستبداد والقمع والدكتاتورية.
ولا فائدة من التفكير بمنطق السلطة والمعارضة، او البقاء على الربوة، وانتظار وقوع السقف على الجميع، وكأن تونس ليست ملكا لنا جميعا، وكأن هزم خصم سياسي بتخريب تجربة كاملة واجهاض ثورة ناجحة ، أمر مقبول. ولا فائدة أيضا من تواصل منطق المطلبية والإضرابات فبلادنا لا تستطيع أن تتحمل المزيد من هذا. بل يجب علينا جميعا تأكيد ثقافة العمل والجهد والمبادرة. مطلوب من الجميع تقديم تضحيات, من السياسيين ومن أرباب العمل, ومن العمال. لقد وضعنا معا تونس على سكة الديمقراطية، ومن واجبنا ان نتوحد خلف حكومة السيد مهدي جمعة ، وان نعمل على حشد الدعم الداخلي والخارجي لها، حتى تتجاوز بالبلاد الظرف الصعب الذي تعيشه، وتحقق ما التزمت به عند تعيينها، من تهيئة الأجواء لانتخابات حرة ديمقراطية.
واجدد هنا دعوتي للتوافق، قبل الانتخابات وبعدها، على رؤية واضحة لترتيب بيتنا الداخلي. فلا مجال لحكم تونس في السنوات القادمة بالأغلبية البسيطة، ولا مجال للانشغال بالحسابات السياسوية، والصراعات ضيقة الأفق، وبلادنا في وضع اقتصادي هش، مستهدفة بمخاطر الارهاب والتطرف، في وضع إقليمي ودولي متقلب.
كما اجدد دعوتي للأصدقاء تونس، وأشقائها لمواصلة دعم تجربتها الفتية، ومساعدة اقتصادها ليستعيد عافيته بعد سنوات من الإجهاد والضغوط التي تفرزها عادة الثورات حتى وان كانت سلمية.

لقد أكدنا دائماً تفاؤلنا بالمستقبل، ولم نخذل شعبنا والحمد لله في ذلك. ونجدد اليوم هذا التفاؤل، بغد افضل تواصل فيه تونس المستقبل طريق البناء الديمقراطي السلمي التوافقي، بكل ابنائها ولأجل كل ابنائها دون استثناء او إقصاء فسفينة تونس يجب أن تقلع بجميع أبنائها.
هنيئا لتونس وشعبها بهذه الذكرى العزيزة. والمجد لشهداء الاستقلال والنضال ضد الدكتاتورية، والثورة المباركة. وكل عيد استقلال وتونس شمعة مضيئة بالكرامة والحرية والإسلام والديمقراطية باذن الله تعالى.
الاستاذ راشد الغنوشي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.