بعد ان شاهد اعضاء الكونغرس 1200 صورة تجسد تعذيب المعتقلين العراقيين في سجن »أبوغريب« غادروا قاعة العرض مشدوهين مرعوبين متقززين كمن اطل على الجحيم يوم القيامة... احدهم صرح قائلا: ما شاهدناه مدمر... حاول ان تتخيل ابشع المآسي وأشنعها وأقذرها وأشدها ايلاما ثم اضرب ما تخيلته في عشرة...« هكذا قال وقال آخر انه مصدوم... ولا يكاد يصدّق... لقد تجاوزت البشاعة حدود خياله... ولسائل ان يسأل: ثم ماذا؟! ماذا بعد ان تقيّؤوا هذه التصريحات!.. والاجابة هي انه سيتم حجب ومنع هذه الصور عن الاعلام اي عن الرأي العام!! ولكن لماذا؟ لان الصور قاسية وشنيعة ونشرها يعرض الامريكيين للخطر... ستثير موجة انتقام لا سابق لها.. هكذا قالوا.. في الاثناء رامسفيلد مهندس الحرب... والمسؤول عن الحرب الظالمة وعن »أبوغريب« يسافر الى العراق وفي ثقافة الافلام البوليسية الامريكية يعود القاتل دائما الى موقع الجريمة يعود الى العراق بعد ان حوله الى لوحة تجريدية... »شوفوا« رقصات الإدارة الامريكية: غداة نشر صور العار سرب البيت الابيض الى الصحف ان بوش غضب واستاء ووجه توبيخا لوزير الحرب... ثم جاءت التعليمات المضادة من اللوبي الذي يحاصر بوش فإذا بالرئىس الامريكي يتحول بنفسه الى البنتاغون ليعلن ان »هذا الرجل العظيم يقود الامة بكفاءة في الحرب على العراق«... ايهما بوش الابن.. ذاك الذي وبخ ام ذاك الذي لبّخ.. ولأن امريكا بلد المعجزات فإن الخلاص يأتي هكذا.. من السماء والا كيف نفسر محاسن الصدف عندما تبث على الانترنات صورة ذبح مواطن امريكي في الوقت الذي مازلنا نكتشف فيه اولى صور التعذيب في »أبوغريب« فاذا بالضغط يخف هناك ويتحول هنا... وخف زلزال فضيحة »أبوغريب«... وهانت لما استوت... وعادت مفردات الوحشية والبربرية في الادانة في حين لم نلحظها عندما تعلق الامر بأنذال الاحتلال.. ولو اعدنا الشريط بطريقة بطيئة للاحظنا ان »الحظ من السماء« لعب دورا في حرب امريكا على العالم منذ 11 سبتمبر، بالتحديد وبالاساس وهناك صدف لا تفاجئ من صنعوها... والمخابرات تبرع عادة في حياكتها.. وكل من يجرؤ على نبش هذه الحقائق يتهم بأنه ساذج وضحية »النظرية التآمرية«.. واذا لم يكن ما يحدث للعرب مؤامرة فماذا نسميه اذن؟؟