لا يمكن الحديث عن قابس دون ذكر اللاقمي ذلك المنتوج الواحي الطبيعي الذي يحمل عديد الالقاب منها «غسل النخلة» و»عصير النخلة» وقد ظل اللاقمي على مر العقود من خصوصيات المنطقة وحافظت جرّة اللاقمي على مواقعها في مدخل قابس الشمالي تستقبل الوافدين على المدينة ليتذوّقوا ذلك العصير الحلو وكأنه عقد أمان وبركة لكل الزائرين. اللاقمي كان ولا يزال يوفّر مورد رزق قار لالاف العائلات فهو جزء من الواحة واحد منتوجاتها في كل المواسم وظل على طبيعته لم تمسه الالة ولا التقنيات وبقي بعيدا عن مصانع التحويل رغم انه قابل لذلك وقادر على دخول المنافسة مع اشهر انواع العصير. للحديث اكثر عن تفاصيل انتاج اللاقمي وكيفية التعامل مع النخلة استضفنا عم الطاهر طابة وهو شيخ في السبعين أمضى كل سنين عمره بين احضان النخلة وعصيرها، حدّثنا مشكورا عن كل المراحل والجزئيات. *ما هو اللاقمي؟ يقول عم الطاهر العمود الفقري للنخلة من اسفلها الى اعلاها متكوّن من مادة تسمّى الجمّار وهي بيضاء اللون حلوة المذاق، وعند قتل النخلة بطريقة فنية طبعا يبدأ الجمّار في فرز عصيره صعودا الى المنفذ المهيأ لذلك وكأنه تعبير طبيعي عن غضب النخلة لتكون النتيجة دموع او دماء وعملية التحوّل من مادة صلبة الى سائلة تتم ببطء وهو ما يفسّر تواصل العملية على امتداد ثلاثة اشهر وأكثر. *النخلة تُقتل ولا تموت! العملية الفنية لاستخراج اللاقمي تتطلب خبرة وطريقة سليمة تنطلق من تدريج النخلة ثم قطع الجريد وصولا الى قلب النخلة وهي آخر نقطة من ا لعمود الفقري اين توجد «العروسة» التي يتم التعامل معها باحتياط كبير وبداية صيانتها بالتنجير الخفيف بعد ثلاثة أيام لتنطلق حينئذ في تمرير اللاقمي عبر قناة صغيرة وبكميات تصاعدية. أما السرّ في عودة النخلة الى الحياة بعد نهاية استغلالها فيكمن بالتعامل الفني مع العروسة وعدم اهمالها اثر نهاية مرحلة الاستغلال لتعود بعد فترة النخلة الى مرحلة جديدة من حياتها دون أن تفقد خصوبتها. *معدّل انتاج النخلة معدّل انتاج النخلة طيلة فترة استغلالها هو 10 لترات يوميا والسقف يصل الى حدود 15 لترا مع فروق حسب حجم النخلة ونوعيتها. *أنواع اللاقمي درجة حلاوة اللامي مرتبطة اساسا بنوعية تمور النخلة، كل النخيل المنتجة للتمر الجيد والحلو تفرز عصيرا حلوا اما نخيل الخلط فيفرز عصيرا أقل جودة. أما أنسب فترة لاستخراج لاقمي حلو وصحي فهو فصل الربيع عندما تكون النخلة في عز حيويتها، جانب آخر له تأثير مباشر على نوعية اللاقمي وكميته وهو طول النخلةوحجمها اذ كلّما كانت النخلة اكبر كان منتوجها اوفر واحلى. أما أسوأ انواع اللاقمي فهو بالتأكيد «اللاقمي الميّت» ويستحضر باضافة مواد كيمياوية وخمائر اللاقمي الحلو وللاسف الشديد تكاثر المتمتعّشون منه واصبح بالتالي مصدرا للقلق. *اللاقمي دواء ومصدر مشتقات اخرى يقول عم الطاهر اضافة الى كون اللاقمي شراب حلو يروي فهو ايضا دواء لغسل المعدة ونافع لامراض الكبد. أما مشتقات اللاقمي فأهمها «الربُّ» وهو غذاء شبيه بالعسل ثم الخل الغذائي. *أي افاق لاستغلال اللاقمي لا شك ان اللاقمي قابل للاستغلال بطرق عصرية وامكانية تحويله الى عصير يبدو في المتناول خاصة وأن المادة الاولية متوفّرة ولا تنضب والامر هنا متروك لمن يبادر ويبعث مشروعا فريدا من نوعه. * تحقيق: الحبيب الحفيان