الزوجة الصالحة... لحياة زوجية ناجحة يتمثل المفتاح الرئيسي للسعادة الزوجية في حسن اختيار الشاب للفتاة التي ستصير شريكة لحياته وأما لأطفاله، وقد اهتم الدين الاسلامي بمسألة اختيار الزوجة الصالحة حيث يقول رسول الله : "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" ونستخلص من هذا الحديث الشريف ان الشاب يبحث عادة عن هذه العوامل الاربعة لدى الفتاة التي يرغب بالزواج منها او عن احداها فهو ان كان طامعا في المال فلن يلتفت الى مظهر الفتاة او عمرها او سلوكها بل كل ما يعنيه هو التمتع باموالها ليحيا حياة الملوك، وهناك من يعشق المظاهر وينبهر بالجمال فلا يعبأ بأًصل عائلة الفتاة او اخلاقها وماضيها بل يركّز فقط على جمالها ربما ليتباهى بها امام الآخرين! اما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد نصح الراغب في الزواج باختيار الفتاة ذات الدين، والدين هنا لا نقصد به الصلاة والصوم فقط ولوحدهما بل الفتاة ذات الدين هي التي تتحلى بمكارم الاخلاق وبالفضائل التي يدعو اليها الاسلام كالصبر والتواضع والأمانة والاحسان والحلم والقناعة والصدق والتقوى والتعفف والكرم والإيمان بالاضافة الى حرصها على التفقه والتثقف في امور دينها، فهذه الفتاة وحدها هي التي يمكن للشاب المسلم ان يهنأ بحياته معها ما دامت تخاف الله وتراعيه في عشرتها لزوجها، وكلمة "اظفر" في الحديث الشريف لم يستعملها رسولنا الكريم جزافا، بل تعمّد ذكرها لان لها دلالة خاصة، وهو لم يقل "خذ" او "اختر" ذات الدين بل قال "اظفر" مما يعني ان الفتيات ذوات الدين الحقيقي قليلات وعلى الشاب ان يدقق البحث حتى يظفر باحداهن، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة" وقال ايضا: "من رزقه الله امرأة صالحة فقد اعانه على شطر دينه، فليتّق الله في الشطر الباقي" وقال يوما لسيدنا عمر رضي الله عنه "ألا اخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة!". ولكن، هل يعني هذا ان يهمل الشاب بقية الصفات ولا يختار سوى صفة الدين؟ كلاّ، ليس هذا هو المقصود من حديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه، بل المقصود ان الشاب عليه اعطاء الاولوية للدين وجعله على رأس قائمة اختياراته ولا يفضل عليه ابدا احدى او بعض الصفات الاخرى اما لو توفر الجمال او الثراء او الحسب جنبا الى جنب مع الدين فيا حبّذا وسيكون الشاب حينها محظوظا عندما يرتبط بذات الدين الجميلة او الغنية او الحسيبة، ولا ينكر احد اهمية جمال المرأة لدى كل رجل، فالمرأة الجميلة تملأ عيني زوجها فلا يتطلع الى غيرها ابدا ويساعده ذلك على التعفف وغض بصره والوفاء والإخلاص ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير النساء احسنهن وجوها وارخصهن مهورا". وكان عليه الصلاة والسلام يأمر كل شاب راغب في الزواج بأن يذهب لرؤية الفتاة التي سيخطبها ويتأملها مليّا حيث يقول: "اذا اوقع الله في نفس احدكم من امرأة فلينظر اليها فإنه احرى ان يؤدم بينهما". (اي يؤلف بينهما) ويقول ايضا "خير نسائكم من اذا نظر اليها زوجها سرّته". غير ان جمال الوجه لابدّ ان يقترن بجمال الاخلاق وبالدين فلا يتزوج الشاب بفتاة جميلة وسيئة السلوك والسيرة حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم وخضراء الدمن" قالوا وما خضراء الدمن؟ قال: "المرأة الحسناء في المنبت السوء" اي الفتاة شديدة الجمال التي تربت في عائلة متحررة او مفككة او في وسط اجتماعي منحرف وبالتالي تكون مستهترة بالدين وبالاخلاق ومن الصعب جدا اصلاحها فمن شبّ على شيء شاب عليه. كما ان الزوجة الجميلة قد تكون مزهوّة ومعتدّة بجمالها، فلا تقوم بواجباتها كربّة بيت حتى لا يتأثر ذلك الجمال او تتكبّر على زوجها لو لم يكن وسيما واغترارها بجمالها سيدفعها الى التبذير والإسراف في اللباس والزينة ويقول الرسول الكريم: "لا تتزوّجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن ان يرديهنّ". ولا ننسى ان جمال الوجه لا يدوم، فهو يتحوّل بمرور السنوات وبتأثير الحمل والولادة او حتى بسبب حادث مفاجئ وبالتالي لو كان الشاب قد اختار زوجته لجمالها فقط فسيذهب الشيء الوحيد الذي ملأ عينيه ولن يعود هناك ما يجذبه اليها اما لو كان اختياره قد انقسم على جمال المظهر وجمال الروح فهذا الاخير سيبقى بعد ذهاب الاول ولن تتأثر الحياة الزوجية. اما المال فلن يكون سببا لإسعاد الزوج لما يكون ملكا للزوجة، فكرامة الرجل لا تتحقق الا اذا كان هو المنفق على الاسرة والمرأة لا يرضيها ان ترى زوجها طامعا في نقودها ومعتمدا عليها في الانفاق وستدرك انه لا يحبها لذاتها وبالتالي فهي ستحتقره وستستعبده بمالها ولن تكون علاقتهما قائمة على المودّة والرحمة والمال قد يذهب ايضا في يوم من الايام وعندها لن يتردد الشاب الطامع في التخلي عن زوجته لان المال كان هو الحبل الوحيد الذي يربطه بها وبانقطاع ذلك الحبل انقطعت علاقته بها وبالتالي على الشاب المسلم ان يركّز في بحثه على الدين ثم يبتغي بعد ذلك ما يرضيه من الصفات ولو عثر على فتاة بها بعض الصفات المنشودة وحسنة الاخلاق ولكنها لا تصلّي فلا مانع من ان يكون هو سببا لهدايتها الى الصلاة والتمسك بهذه الفريضة.