أثار المجلس الوطني الاخير لاتحاد الاعراف المنعقد خلال الاسبوع الفارط مشكلة التضخم التي استقرت نسبته في حدود 4.5 خلال الاشهر الاربعة الاولى من سنة 2004 وهي نسبة عالية وملفتة مقارنة بما كان عليه الوضع في السابق. «الشروق» التقت السيد الهادي زعيّم استاذ الاقتصاد بجامعة 7 نوفمبر بقرطاج وطرحت معه ابعاد هذه المعضلة الاقتصادية وسألته عن اسبابها واثارها. وقد عرّف الاستاذ زعيم التضخّم بأنه عملية زيادة مشطّة ومتواصلة في الاسعار وقال انه لا يمكن الحديث عن حالة تضخم حاليا في تونس باعتبار ان الاسعار ارتفعت فعلا ولكن بشكل ظرفي وليس بشكل دائم وهو ما يعكس التحكم في ارتفاع الاسعار وبالتالي الضغط على حجم التضخم. واستند محدّثنا في حكمه هذا على بيانات واحصائيات المعهد الوطني للاحصاء التي تشير الى ارتفاع ملفت لمؤشر اسعار الاستهلاك العائلي (وهو المؤشر الذي يعكس نسبة التضخم) خلال الاثني عشر شهرا الاخيرة وتحديدا من أفريل 2003 الى افريل 2004 حيث استقر هذا المؤشر خلال هذه المدّة في حدود 4.8. وقال الاستاذ زعيّم ان هذه النسبة ملفتة وغير عادية مقارنة بما كان عليه الوضع في السابق حيث استقرّت نسبة التضخم في حدود 2 بين سنتي 2001 و2002 وفي حدود 2.7 بين سنتي 2002 و2003. ومع هذا فإن الحديث عن حالة تضخم في تونس غير مطروحة الان باعتبار ان مؤشر اسعار الاستهلاك العائلي قد بدأ يسجّل عودة تدريجية الى الاستقرار منذ بداية العام الحالي (2004) حيث تراجع هذا المؤشر بنسبة 0.36 في الفترة من جانفي الى افريل 2004 لينزل الان من 4.8 الى ما دون 4.5 وهو ما حمل البشائر وقلّص من المخاوف وانهى تواصل واستمرارية ارتفاع مؤشر اسعار الاستهلاك العائلي وهو بالتالي ما ينفي وجود حالة تضخّم. وأفاد استاذ الاقتصاد ان الارتفاع المحسوس لمؤشر الاسعار سجّل خصوصا في النصف الثاني من سنة 2003 ويعزى ذلك الى ارتفاع مؤشر اسعار مجموعة المواد الغذائية الذي زاد بنسبة 6 خلال هذه الفترة (6 اشهر من سنة 2003). وحسب المعهد الوطني للاحصاء فقد استقر مؤشر الاسعار خلال الفترة من افريل 2003 الى افريل 2004 في حدود 7.8 بالنسبة لمجموعة التغذية وفي حدود 5.2 للصحة والسلامة و3.2 للثقافة والترفيه و2.5 للنقل و2.4 للسكن و2.3 للباس. وتشكّل هذه المجموعات الست مكونات مؤشر اسعار الاستهلاك العائلي الذي يعكس في النهاية نسبة التضخّم وتستحوذ مجموعة التغذية على 36.5 من هذا المؤشر وتتوزع الحصة المتبقية منه على 18 للسكن و10.5 للصحة والنظافة والسلامة ومثلها لمجموعة النقل والتنقل و11.6 للباس و12.9 لمجموعة الثقافة والترفيه. وعن أسباب ارتفاع مؤشر اسعار المواد الغذائية ابرز الاستاذ زعيّم انها تعود اساسا الى الصعوبات التي مرّ بها القطاع ا لفلاحي جراء الجفاف الذي خلّف نقصا في الانتاج اضيف اليه بعض الاضطراب في مسالك التوزيع. وعموما يرى محدثنا انه لا يمكن القول ان هناك حالة تضخم محيرة لأن هذه الحالة مرتبطة بأزمة ظرفية في القطاع الفلاحي كما ان هناك بوادر ومؤشرات تؤكد تحسن الظرف وتفادي هذه الازمة. وبخصوص انعكاسات التضخم افاد الاستاذ زعيّم انه سيعرقل مسيرة التنمية وسيؤثر على كافة المتدخلين الاقتصاديين وفهم من هنا حرص الحكومة على الضغط على التضخم والتحكم فيه في كافة مخططات التنمية. وعاد أستاذ الاقتصاد في الختام ليؤكد ان ما حصل خلال الاثني عشر شهرا الاخيرة ليس تضخما وانما هو ارتفاع ظرفي لمؤشر اسعار الاستهلاك العائلي لأن التضخم يستوجب تواصل ارتفاع هذا المؤشر لفترة أقلها بسنتين. كما اشار الى ان المخرج والحل الاساسي لمثل هذه الحالات يتمثل في الزيادة في الانتاج واحكام تنظيم مسالك التوزيع من جهة وترشيد الاستهلاك والطلب من جهة ثانية.