الأطباق الكروية الرفيعة واللذيذة تستمد نكهتها من وفرة الأهداف التي تبقى قيمتها مثل الملح في الطعام لذلك تكون المقابلات الخالية من الأهداف «ماسطة» وثقيلة الهضم وهذا ما جعل بطولة الهدافين في كل مكان وزمان تكتسي أهمية بالغة لكن التنافس على تاج الهدافين في تونس فقد قيمته في غياب المهاجمين اللامعين مما جعل بلحسن العلوي ذات يوم يسجل مجموعة من الأهداف في الذهاب ثم يرحل إلى السعودية ويعود ليجد بطولة الهدافين في انتظاره ومثل هذه الحالة نعيشها تقريبا اليوم مع مهاجم اتحاد المنستير أدريانو فهل أصاب فرقنا العقم لتعجز عن انجاب سلالات متميزة من الهدافين؟ وهل نطلب استنساخ مهاجمي أيام زمان بعد أن جربنا الانتدابات بمختلف أنواعها؟ * عندما نفتح نافذة على الماضي نلاحظ ان التنافس على بطولة الهدافين كان شديدا وهذا ما يجعل المعدلات مرتفعة ففي الخمس مواسم الأولى بعد الاستقلال كان بطل الهدافين يسجل أكثر من 20 هدفا وهذا الكشف التاريخي يؤكد هذه الحقيقة. موسم 56/55: الحبيب موقو (النجم الساحلي): 25 هدفا موسم 57/56: الفرزيط (شبيبة المطوية): 20 هدفا موسم 58/57: بوبكر الحداد (النادي البنزرتي): 28 هدفا موسم 59/58: عبد المجيد التلمساني (الترجي الرياضي): 32 هدفا موسم 60/59: عبد المجيد التلمساني (الترجي الرياضي): 22 هدفا **موقو النجم في البال * النجم الساحلي من المدارس الكروية الكبرى المعروفة بانجابها لمهاجمين من الطراز الرفيع مثل الحبيب موقو الذي سجل في 4 مواسم متتالية من 56/55 إلى 60/59 مجموع 84 هدفا مع احرازه على تاج الهدافين في 3 مناسبات. وفي موسم 66/65 سجل القدادي والحبيب عقيد بمفردهما 34 هدفا (17 لكل واحد) كما نجحت عدة أسماء في الفوز بتاج الهدافين مثل عبد السلام عظومة ورؤوف بن عزيزة في مناسبتين وعثمان جنيح الذي سجل 15 هدفا في موسم 70/69 . ورغم ظهور عدة عناصر هجومية بارزة مثل القابسي والحسومي وبراهم وروان وبن يونس فإن معدلاتهم بعيدة جدا عن محصول مهاجمي أيام زمان والمعلوم ان آخر مهاجم من النجم تحصل على بطولة الهدافين هو البرازيلي سانطوس سنة 1999 برصيد 14 هدفا وخلال المواسم الأخيرة كانت معدلات أفضل الهدافين ضعيفة بالمقارنة مع المبالغ المالية المرصودة لهم. **تلمساني الترجي فوق الجميع * المهاجم السابق للترجي الرياضي عبد المجيد التلمساني مازال يحتكر لقب أفضل هداف في تاريخ البطولة خلال موسم واحد برصيد 32 هدفا سجلها في موسم 59/58 وفي الموسم الموالي حافظ على اللقب وسجل 22 هدفا وهذا دليل على الانتظام في العطاء. كما تخرج من فريق باب سويقة عدة أسماء لامعة مثل الشاذلي العويني صاحب بطولة الهدافين في موسم 62/61 برصيد 17 هدفا والقوبنطيني وبسام الجريدي وزبير بوغنية وطارق ذياب ونبيل معلول. ولئن نجحت بعض العناصر في الحصول على تاج الهدافين في المواسم الأخيرة مثل ماليتولي وسامي العروسي وزياد التلمساني وعلي الزيتوني وكانديا تراوري فإن المعدلات تبقى غير مستقرة فأفضل هداف في صفوف البطل المنتظر لهذا الموسم هو علي الزيتوني برصيد 7 أهداف فقط فهل هذا الرقم يليق بفريق فرض سيطرة مطلقة على البطولة في المواسم الأخيرة؟ **جديدي الافريقي في الذاكرة * في مرحلة الذهاب سجل الخط الأمامي للنادي الافريقي 9 أهداف فقط منها 3 بواسطة ضربات جزاء وهذا المحصول الضعيف لا يتماشى مع فريق باب الجديد الذي أنجب سلالات متميزة من الهدافين مثل العربي التواتي ومحمد صالح الجديدي هداف موسمي 65/64 و69/68 بنفس الرصيد من الأهداف (17) إلى جانب المنصف الخويني والطاهر الشايبي وحسن بعيو والقاسمي وفوزي الرويسي هداف موسم 90/89 برصيد 18 هدفا. ومنذ موسم 96/95 تاريخ حصول سامي التواتي على تاج الهدافين برصيد 17 هدفا والافريقي يبحث عن هداف «صاحب صنعة» وقناص من طينة مهاجمي أيام زمان رغم المبالغ الكبرى من الأموال التي استثمرها لتحقيق هذا الهدف فأين هؤلاء من الهادي البياري الذي تحصل على بطولة الهدافين 3 مرات كاملة؟ **من يخلف دلهوم وعقيد؟ * النادي الصفاقسي معروف بطابعه الفرجوي وأسلوبه الهجومي وهذا ما جعل الفريق ينجب أسماء لامعة مثل المنجي دلهوم الذي فاز ببطولة الهدافين لموسم 64/63 برصيد 15 هدفا واسترجع هذا التاج مجددا في موسم 66/65 وكان مهره 18 هدفا إلى جانب المرحوم محمد علي عقيد الذي بقي لعدة مواسم الهداف الأول لفريق عاصمة الجنوب ورغم ظهور عدة عناصر في الهجوم خلال المواسم الأخيرة فإن المعدلات مازالت ضعيفة بالمقارنة مع محصول دلهوم وعقيد. **الدواء عند ديوة * عندما نطالع أمجاد المعلب التونسي أيام زمان نعثر على بصمات المهاجم اللامع نورالدين ديوة الذي كان يسجل بانتظام حيث تذوق الشباك مثلا 19 مرة في موسم 57/56 و18 مرة في موسم 60/59 كما نال عبد الوهاب لحمر تاج الهدافين لموسم 67/66 برصيد 14 هدفا. وفي قائمة المتألقين نجد أيضا المنصف الشريف ونجيب ليمام والهرقال هداف موسم 89/88 برصيد 15 هدفا والهاشمي ساسي هداف موسم 92/91 برصيد 14 هدفا وكان التاج الأخير من نصيب أسامة السلامي هداف موسم 2001/2000 برصيد 11 هدفا ومن خلال هذا الجرد نلاحظ أيضا التراجع الملحوظ على مستوى المعدلات. **أسماء في السماء * النزعة الهجومية التي كانت تخيم على البطولة ساهمت في ظهور المهاجمين اللامعين في كل فريق ففي النادي البنزرتي سطح نجم بوبكر الحداد هداف موسم 58/57 برصيد 28 هدفا وتخرج من الفريق أيضا عثمان الملولي. ومن الأولمبي للنقل برز بالخصوص محي الدين هبيطة وعبد القادر بلحسن الذي يبقى من أفضل الهدافين في تاريخ تونس. وبحكم تألق نادي حمام الأنف أيام زمان تخرج منه بالخصوص سعد كرموس والمنجي الحداد وكمال هنية ومنير السهيلي وبلحسن العلوي والذاكرة الرياضية الخصبة لن تفسخ أيضا ابداعات هداف مستقبل المرسى عماد مريشكو صاحب تاج الهدافين لموسم 61/60 برصيد 18 هدفا وخلفه فيما بعد مختار شلبي وعبد السلام شمام وغيرهم. وأنجبت بعض الفرق الأخرى التي نجدها حاليا بعيدة عن الأضواء عدة أسماء بارزة مثل الفرزيط وبن زكري (شبيبة المطوية) وكريمو وحمادي هنية (الاتحاد التونسي) وعمر ماضي وشقرون (الحديد الصفاقسي) وعمارة وقارة (مكارم المهدية) والتبرسقي (أولمبيك الكاف) وسحنون (الملعب الصفاقسي) والقائمات طويلة جدا. **«وجه السوق» * خلال هذا الموسم استبشرنا بدخول بعض المهاجمين الموسم بقوة وتوقعنا تنافسا شديدا على تاج الهدافين ففي ظرف 4 جولات سجل مهاجم اتحاد المنستير أدريانو 6 أهداف كما تعاقد ثنائي الترجي الرياضي جون مارك بيني وعماد بن يونس مع الشباك وكشف مهاجم النجم أوبياكور عن نجاعته الهجومية خاصة في نهائي كأس الكؤوس الافريقية ومع مرور الجولات ظهرت الحقيقة وصام هداف البطولة واتحاد المنستير أدريانو عن التهديف وتجمّد رصيد بن يونس وجون مارك بيني وتراجعت معدلات أبياكور بشكل ملحوظ وهذا ما جعل بطولة الهدافين بلا طعم حيث نجد في الطليعة مهاجم النادي الصفاقسي تينيما نداي برصيد 8 أهداف. **مهاجمو المنتخب وتاج الهدافين * رغم القيمة الثابتة لبعض العناصر الدولية التي شكلت في المواسم الأخيرة العمود الفقري لهجوم المنتخب فإنها لم تفلح في الفوز بتاج الهدافين مثل عماد بن يونس ورياض الجلاصي وعماد المهذبي وزياد الجزيري ونبيل الميساوي ومحمد الجديدي في حين نجح علي الزيتوني سنة 2000 ومحمد السليتي في الموسم الفارط في الفوز بتاج الهدافين ولو أن المحصول لا يعادل ما كان سجله الحبيب موقو وعبد المجيد التلمساني ومحمد صالح الجديدي وشقرون وغيرهم. **الأجانب والشباك * لتأمين الاضافة للهجوم وللبحث عن النجاعة التي أصبحت شعار العصر أصبحت نوادينا تتنافس على الاقدام المستوردة ليكون المنتخب أكبر المتضررين ورغم جلب المئات من الأسماء فإن النجاح كان حليف بعض الأسماء النادرة التي فازت بلقب الهدافين وهذه قائمة الناجحين. * 1993: ماليتولي (الترجي الرياضي): 18 هدفا. * 1994: ماليتولي (الترجي الرياضي): 14 هدفا * 1999: سانطوس سيلفا (النجم الساحلي): 14 هدفا * 2002: كانديا تراوري (الترجي الرياضي): 13 هدفا