التقيته بعد غياب طويل في احدى المقاهي الراقية فبدا غريبا عني أو كالغريب... جسم نشيط ممتلىء حيوية، تكسوه ثياب متناسقة تشي بذوق رفيع واهتمام فائق، وجه تفيض قسماته سعادة وحبورا عارمين... عينان براقتان تنمان عن ثقة بالنفسة واعتداد بها كبيرين فم لا تفارق الابتسامات شفتيه. نفس منبسطة... رقيقة مرحة بدا لي ساعة التقيته.. دهشت عندما رأيته : فأين هو من ذلك الشاب الذي كان؟ ذلك الشاب ذو النفس السوداوية المتشككة في كل شيء، ومن كل شيء، المتشائمة دائما... تلك التي لم تكن ترى الحياة غير هاوية سحيقة اليها يسير بقامة مديدة تطاول عنان السماء حاديه الألم والوجع... رفيقه الأنين والخيبة... كان وجها كالح القسمات مكفهرا عابسا... تزينه عينان خاملتان دائمتا التحديق في الفراغ كأنهما تهربان من أن تدله على نفس كسيرة خاوية وفم لا يني يقذف السباب والشتائم ذاما الزمن والظروف التي أدمنت العهر والفجور... استغربت هذا التحول الجذري وسررت به أيما سرور... وفيما تسمرت في مكاني تحت وقع المفاجأة والذهول، خطا نحوي خطوات واثقة فاتحا ذراعيه وهو يقول : أهلا صديقي العزيز ثم بلهجة قاطعة «سنشرب قهوة سويا» ودون أن يترك لي أي فرصة للكلام نادى النادل وطلب قهوتين ايطاليتين... ثم قادني الى طاولة منعزلة فتبعته صاغرا... كنت ما أزال تحت وقع المفاجأة عندما فاجأني. : «ما بالك مشدوها...؟ أبهذا تقابل صديقا طال غيابه عنك أو غيابك عنه؟»... رددت بصوت متلعثم : «لا، لا، إنني... لكنك»... ضحك ضحكة قصيرة وقال : «ما عهدتك تتعتع في كلامكه... ما عهدتك تأتأ، ولا فأفأ، أتراك نذرت للرحمان صوما عن الكلام فكسل لسانك وتبلد؟»... قلت بعد أن استجمعت بعضا من رباطة جأشي : إنها المفاجأة يا صديقي أذهلتني، كم تغيرت فهم قصدي فرد ضاحكا : «أذهلتك شخصيتي الجديدة؟ من حقك أن تندهش ومن حقي أن أتغير». قاطعته وقد زالت عني دهشتي أو كادت «تفاجأت كثيرا... لكني سررت أكثر لطالما حاولنا معك لكن تشاؤمك غلبنا جميعا... فأين أنت الآن من ذلك الذي كان؟ شكرني على مشاعري ثم بعد لحظة صمت قال : فشلت رغم أنكم أصدقائي، لأني كنت قمقما مغلقا وما كانت معكم ولا معي أيضا الكلمة السحرية التي تفتحه... قلت : وما هذه الكلمة السحرية التي أخرجتك من الجحيم إلى النعيم؟ أجابني ضاحكا وهو يشير الى بسبابته : عهدي بك فطن سريع الفهم «تفهمها على الطاير» ... صمت قليلا ثم قال وقد رق صوته ولان : تريد أن تعرف؟ إن لحظة التحول صديقي في حياة أي انسان تحل في اللحظة التي «يدوخه» فيها عبير أنثى وتدهشه ابتسامة ثغرها... تحل في اللحظة التي يسكره فيها شهد شفتيها ورحيقها... ويدفئه حنانها وحنينها. في تلك اللحظة تنقلب حياته رأسا على عقب... تصبح هرما مقلوبا يحير العلماء ومعادلاتهم الجامدة فيعجزون عن كشف سر ثباته... هذه اللحظة الخرافية التي لا يجود الزمن بمثلها دائما داهمتني على حين غرة... جاد بها عليّ القدر فأصبحت حياتي أنشودة عذبة... ترتيلة سحرية... لحنا مرحا... دعاء وأورادا أصبح حديثي أحلاما رقيقة أصبحت كلماتي... أمتعني حديثه فالتزمت الصمت وتركته يواصل أنشودة الحياة والأمل : التقيتها فتاة بهية كالوردة الندية... رقيقة كأنفاس عاشقين متيمين... فأنقذتني من غربتي القاتلة وضياعي المقيت... التقينا لقاء الأرض العطشى بالغيث يرويها ويخصبها... لقاء السفينة المنهكة بشاطىء النجاة... لقاء الفراشة التي أرهقها الترحال بالوردة. التقينا فغيرت عاداتي... وأشعرتني بحلاوة الحياة وجمالها... عندما صمت لاسترجاع أنفاسه تفطنت الى أنه لم يدخن منذ جلسنا لم يدخن رغم أنه كان مدخنا شرهانهما لقد انقطع عن تلك العادة التي كان يعتبرها أحلى عاداته وأجملها... سررت لذلك فلم أتمالك نفسي عن القول : ... وانقطعت عن التدخين أيضا! طوبى لك بها». تنهد : أدمنت التدخين رغبة في الانتحار يئست من الحياة فرمت الموت وكانت وسيلتي اليه السجائر... عببتها عبا لعلي أساهم في دنوّ أجلي... أما الآن فإني أحب الحياة وأعشقها أريد أن أعيشها بكل جوارحي ولا أفوّت أي لحظة منها... صديقي إن الحياة جميلة وجديرة بأن نعيشها... كانت عيناي تتابعان حركات يديه الصغيرتين وترصدان قسمات وجهه البشوش... كم يحبها! كم يعشق الحياة! عيناه تفيضان فرحا وسرورا... فيهما ينمو الفرح بستان ورود ورياحين لولاها لجُنّ أو انتحر... بغبطة خاطبته : «فرحك الطفولي البريء يؤكد أنها رائعة فهنيئا لكما صديقي». بفرح طفل صغير وتلقائيته رد : سأعرّفك عليها... سأعرفك عليها... أريد أن يعلم الجميع أنها حبي وحلم أحلامي... منقذتي و»للا». معها عرفت نفسي فعرفت الله أحببتها فخشعت لله وأقبلت على الحياة كالجائع النهم... الى سعادته الغامرة تركته ولساني يردد «وحده الحب يصنع المعجزات» وحده يمنحنا التفاؤل والأمل في الحياة»... * سامي الحاجي (القيروان) ----------------------------------------- **«فلسفة حب» فتاتي... أنت من أعطيتني معنى الصدق... معنى الرجولة... معنى الوفاء والاخلاص... لقد أحببتك، ثم أحببتك ولا أعرف ماذا بعد هذا الحب؟ هل هو فرحة عمر، وجنون؟ أم ألم وعذاب؟ فإذا تجولت وحيدا بين شوارع المدينة أراك معي دائما، فأتحدث اليك... واذا جلست قرب شواطىء البحر أرى صورتك بين الأمواج ترى من أنت حتى تملكين روحا جار عليه الزمن حتى تملكين عقلي وروحي في آن واحد؟ سيدتي... لقد تعذبت، إلى أي مدى سأظل على جنب واحد؟ ربما أرسلتك الملائكة لي بخيالك وخصالك لكي أكون عاشقك الأول والأخير وإذا أرى خيالك فمتى سأصغي لصوتك العطر؟ * شكري ميدوني (فوسانة القصرين) ------------------------------------------- **قبلة عفوا سيدي لقد تعود لساني على الانعتاق عذرا سيدي رائحة القهوة الذكية وورود وجنتيك الشذية الهبت نار الأشواق ونور وجهك الصبوح وقد بدوت اليوم أكثر اشراقا عفوا سيدي لقد اختلط علي فأخذ مني مأخذه الاشتياق لقد اشتقت الى قهوتك فعلمني ألا أشتاق. * خديجة النومي (مسجد عيسى) ------------------------------------------ **ردود سريعة * سماح القاسمي سجنان شكرا على مشاعرك تجاه «الشروق»، «عبير» فيها نفس شعري جميل ننتظر منك نصوصا أخرى ودمت صديقة لواحة الإبداع. * سعيدة الخضراوي القصرين مرحبا بك صديقة جديدة لواحة الإبداع ننتظر منك نصوصا أخرى. * معز العبيدي سوسة «قاتلتي» لم تكن في مستوى نصوصك السابقة ننتظر قصائدك الجديدة * سمير جابلي بلهيجات القصيدة التي وصلتنا فيها نفس شعري ننتظر منك نصوصا أخرى.