رواية «فردوس» التي صدرت منذ أيام للروائي المصري محمد البساطي تنتمي الى عالم الروائي الذي عرفناه عبر ثماني روايات بداية من التاجر والنقاش التي صدرت عام 1976 حتى رواية ليال أخرى التي صدرت عام 2000، وهو عالم يحتفي بالمهمشين، ويغوص في عوالمهم الثرية بالحكي، والخصبة بالحياة، ويدخل بشخصياته الى دروب المحن، في لغة شديدة الايجاز والتكثيف والشاعرية، وفي جمل قصيرة متلاحقة تعرف اسرار التعامل الروائي مع اللغة. وبالرغم من ان البساطي اختار لروايته الجديدة نفس المكان الاثير في معظم رواياته، وهو القرية المصرية، الا انها تختلف عن بقية الروايات التي تحفل بخلفيات سياسية وتاريخية، فرواية فردوس هي رواية القهر المعاش دون خلفيات سياسية او تاريخية. «فردوس» بطلة الرواية هي بنت جميلة، هربت من القهر الى القهر، ومن الرمضاء الى النار، توفيت والدتها وهي صغيرة، فعاشت تربي اخوتها، وعندما كبر الاخوة مرض والدها فعاشت تعول الاب القعيد، الى ان مات وجاء شقيقها وزوجته وابناؤه فعملت خادمة لهم. وعندما صادفها اول عريس وافقت ان تكون زوجته الثانية، لكنه رغم جمالها وصغرها يهرب منها الى ام ابنائه المترهلة ويهجرها فتعيش الفقد والرغبات المكبوتة ويكبر ابن الزوج فيجرب عواطف مراهقته معها. هذه علاقة شديدة التعقيد يصورها البساطي في العديد من المشاهد المتلاصقة المتدفقة فتكاد اللغة ان تصبح كالرغبة المكبوتة والقهر الذي يصل الى الحافة، والفقد الذي لا يخلف غير الانين، انه مناخ كامل من التوتر والقمع الذي لا يفضي الى اي لقاء. وعبر 100 صفحة من القطع الصغير تستمر الرواية تسرد الحالة اكثر من سردها للاحداث لتصل الى نهاية مفتوحة لا تحقق فيها رغبة ولا يهدأ فيها قهر وانما يتصل الكبت في رواية صغيرة اختارتها الاهرام كافضل رواية لعام 2002، وتحدث عنها صنع الله ابراهيم مفتونا ويقول محمد البساطي انه كتبها بنفس الطريقة التي كتب بها كل رواياته... كتبها بالصدفة، لم يكن يعرف منذ البداية ماذا سيكتب بالضبط، بدأ الكتابة منذ عام وكانت البداية في شيء اخر تماما ثم توقف عنها عندما وجد ان المسار اختلف واكتشف انه يكتب شيئا مغايرا لما كان ينوي الكتابة فيه، وجد اشياء اخرى تتفجر في داخله دون تخطيط فكانت رواية فردوس. الكتاب: فردوس الكاتب: محمد البساطي الناشر: دار ميريت القاهرة 2002 الصفحات: 105 صفحات من القطع المتوسط