احتضنت تونس بالأمس الدورة العاشرة لوزراء داخلية بلدان غرب المتوسط بحضور وفود من الجزائر والمغرب والجماهيرية وموريتانيا وفرنسا واسبانيا ومالطا والبرتغال وايطاليا وتدارس الحاضرون التعاون في مقاومة الارهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية وفي مجال الاندماج الاجتماعي وتنقل الأشخاص اضافة الى التعاون في مجال الحماية المدنية ومجابهة الكوارث وفي موضوع التجمعات المحلية... وشدد السيد الهادي مهني، وزير الداخلية والتنمية المحلية على أهمية احتضان تونس لهذه الآلية في ذكرى انبعاثها العاشرة بعد أن كانت شهدت نشأتها في جانفي 1995 . تكامل الأبعاد وأكد لدى افتتاحه الاجتماعات على الأهمية التي توليها تونس لهذه الآلية من خلال مشاركتها المستمرة في مختلف اجتماعات هذه الآلية. وتوقف الوزير عند انتظام دورية هذه الآلية، والتحاق أعضاء آخرين بها بما يكرس الثقة الموضوعة فيها. وقد رحب بموريتانيا، التي التحقت بهذه الآلية خلال هذه الدورة بصفة ملاحظ كما توقف عند توقف الآلية في احداث حلقات وسيطة رغم احتفاظها بطابعها غير الرسمي. وقال أن ندوة وزراء داخلية غرب المتوسط تعتبر اطارا للتعاون على درب دراسة الأهداف المشتركة في الميادين الأمنية وتعميق التفكير حول الظواهر التي تشكل تهديدا بارزا للأمن في المنطقة مثل الارهاب والجريمة المنظمة ودعا الى ضرورة اثراء التصورات التي يتم التوصل اليها من خلال تدابير ملموسة وعملياتية. وجدد الوزير موقف تونس من الارهاب مؤكدا حرصها على التصدي بكل حزم لهذه الظاهرة في كنف الاحتكام للمواثيق الدولية وباعتماد مقاربة متكاملة العناصر، داعيا الى مزيد التعاون والتضامن في ترصد هذه الظاهرة ومجابهتها مذكرا بدعوة رئيس الدولة لبلورة سياسة دولية شاملة ومتكاملة، في هذا المجال وبدعوته كذلك لوضع مدوّنة سلوك دولية لمكافحة الارهاب. وعند تطرقه الى مسألة تنقل الأشخاص والهجرة غير الشرعية ذكر الوزير بما تم التوصل اليه في قمة تونس (5 + 5) من ضرورة ايجاد معالجة شمولية متوازنة عبر معالجة اسبابها العميقة وفي مقدمتها دعم جهود التنمية في بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط داعيا الى مواصلة التفكير في هذه المسألة بعيدا عن الحلول الجزئية أو غير المبنية على قراءة واقعية لمختلف متطلبات الملف. عمل جماعي ومن جانبه أكد السيد طونيو بورغ نائب الوزير الاول المالطي، وزير العدل والداخلية، على أهمية العمل الجماعي في اطار منظمة الأممالمتحدة على مكافحة الارهاب أو الجريمة المنظمة ورحب بالاتفاقيات التي أبرمتها بلاده مع دول هذه الآلية، ومنها ليبيا ومصر لتسليم المجرمين وكذلك المفاوضات الجارية مع تونس والمغرب مشيرا الى ان اللقاء على مستوى هذه الآلية، سهّل ايجاد اتفاقات ثنائية والمعلوم أن مالطا سلمت رئاسة الآلية الى تونس بعد أن تولتها خلال الدورة الماضية. وأشار المسؤول المالطي الى أن بلاده أصبحت عضوا في الاتحاد الأوروبي وهي تدخل الاتحاد بمختلف أبعادها الجغرافية والسياسية مضيفا ان أوروبا ليست قلعة حصينة حول نفسها داعيا الى تكثيف التعاون والاتفاقيات لمواجهة الاشكالات المطروحة مثل الهجرة غير المنظمة وأكد جان فرنسوا كوبي الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية الفرنسي على أهمية الاطار الذي تمثله ندوة وزراء داخلية دول غرب المتوسط مشيرا الى أنها لا ينبغي أن تكون آلية للتشاور والحوار فقط بل للتعاون خاصة. وأشار المسؤول الفرنسي الى أهمية مقاومة الارهاب والهجرة غير الشرعية مشيرا الى موقف بلاده الداعي الى مقاومة ظاهرة الارهاب بشدة، داعيا الى التعاون على مستوى تبادل المعلومات في هذا المجال، وعلى توفير الأدوات التكنولوجية المناسبة للأمر مشيرا الى ان بلاده قررت تكثيف العمل على هذا المستوى خلال السنوات القادمة وبالنسبة للهجرة غير الشرعية قال انه من مصلحة الجميع التوصل الى حل في هذه المسألة داعيا الى توخي الصراحة في هذا المجال، لما تسببه الظاهرة من مشاكل على مستوى اندماج المهاجرين وكذلك على مستوى الأمن باعتبار أن الهجرة تتم عبر شبكات منظمة. وزير الداخلية المغربي السيد مصطفى الساهل وضع هذه الآلية، من جهة أخرى ضمن تصور بلاده الشامل للمتوسط، هذا التصور الذي يوم حسب قوله على الايمان بوحدة مصير كل دول المنطقة وضرورة التزامها بمعالجة كل التحديات المطروحة. وأشار في مجال مقاومة الارهاب الى الاجراءات الجديدة التي اتخذتها المغرب والى أهمية تكثيف الجهود المشتركة من أجل معالجة شاملة لظاهرتي الارهاب والهجرة غير الشرعية. أجوبة حازمة ومن جانبه اعتبر انطونيو دالي نائب كاتب الدولة بوزارة الداخلية الايطالية أن تحديات الارهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية تتطلب تعاونا مشتركا وأجوبه حازمة مضيفا أن بلاده تشجع الحوار في اطار مجموعة خمسة زايد خمسة. وأشار المسؤول الايطالي الى أن بلاده التي تستعد لتنظيم مؤتمر دولي حول الكوراث الطبيعية في اكتوبر المقبل تضع تجربتها في هذا المجال على ذمة الدول الأعضاء. أما لويس فيليب غاريد وبابيس دو سوزا كاتب الدولة البرتغالي لدى وزير الادارة الداخلية فأكد على أهمية التعاون بين دول المجموعة. واعتبر السيد نور الدين زرهوني وزير الداخلية الجزائري أن هذه الندوة تشكل فرصة هامة لبناء الثقة وتشخيص التحديات مذكرا بموقف بلاده من مختلف القضايا المطروحة وخاصة على مستوى الارهاب من تجفيف لمنابع التمويل الى تسليم المجرمين الى مقاومة تبييض الأموال أو الدعاية للارهاب مكررا اقتراح الجزائر تنظيم مؤتمر دولي حول الارهاب تحت رعاية الأممالمتحدة يضبط المفاهيم والتصورات حول هذه الظاهرة كما دعا الى معالجة قضية الهجرة غير الشرعية عبر الأخذ في الاعتبار مصالح دول الشمال ودول الجنوب التي تشكل ممرا للمتسللين نحو أوروبا. وجدد الوزير الجزائري اقتراحا سابقا بوضع آلية مشتركة للتدخل المشترك والسريع في صورة حصول كوارث طبيعية. أما أنطونيو كماتشو فيزكانو كاتب الدولة الاسباني المكلف بالأمن فدعا من جانبه الى تيسير تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء والى التعاون البناء في مكافحة كل التحديات المطروحة سواء على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف كما دعا الى التشجيع على ايجاد الاتفاقيات المنظمة لتنقل الأشخاص وتسهيل الهجرة الشرعية معبرا عن استعداد بلاده لايجاد آلية للتمويل وللعمل الجماعي من أجل تطوير سياسات منظمة للهجرة تأخذ في الاعتبار مصالح كل الأطراف مجددا اقتراح بلاده بشأن مجابهة الكوارث بانشاء نظام للمساعدة والتدخل السريع. أما السيد نصر المبروك عبد الله أمين اللجنة الشعبية العامة للأمن العام فعبر عن التزام بلاده بالعمل من أجل جعل المتوسط بحيرة أمن وسلام داعيا ألاّ يتحول النظام العالمي الجديد الى لا نظام من خلال الحروب والتوترات التي يعرفها عالم اليوم ودعا المسؤول الليبي الى ايجاد آليات مختلفة للتعامل مع كل التحديات المطروحة والى تحديد المفاهيم عند التعاطي مع ظاهرة الارهاب كما دعا الى عقد مؤتمر دولي يحدد مفهومه ويضع آلية دولية لمكافحة من منظور شامل مذكرا بأن بلاده كانت سبّاقة الى تحديد مظاهر الارهاب وانها أصدرت مثلا مذكرة دولية ضد أسامة بن لادن منذ 1998 وقال أنه لا بد من النظر الى الظاهرة بصفة شاملة على مستوى من يحرّض أو من يقدم الدعم المالي أو من يقوم بالعمل الارهابي نفسه أو من يقدم المأوى له. وفي مجال الهجرة غير الشرعية دعا المسؤول الليبي الى ضرورة معالجة القضية من زاوية توفير التنمية في الجنوب مشيرا ان ذلك غير مكلف وأن الأمر لا يتجاوز في بعض الأحيان تجهيز بئر وتوفير الماء للسكان مشيرا الى أن دول الشمال الافريقي تعد أيضا من المتضررين من هذه الظاهرة داعيا الى تفهم ظروف وأسباب الذين غامروا بترك ديارهم متوجهين نحو أوروبا أما السيد كابا ولد عليوة وزير الداخلية والبريد والمواصلات الموريتاني، فعبر عن أمل بلاده في أن تتطور عضويتها من صفة ملاحظ الى عضو كامل وقد رحب المشاركون بالوفد الموريتاني الذي يحضر الندوة لأول مرة بصفته ملاحظا. **«إعلان تونس»: تصور شامل للظواهر المطروحة تونس (الشروق) اختتم وزراء الداخلية لدول غرب المتوسط اجتماعات دورتهم العاشرة بإعلان تونس الذي ضمّنوه جملة المواقف التي توصلوا إليها بشأن أهم القضايا وهي خاصة مقاومة الارهاب والهجرة غير الشرعية والتعاون في مجال مكافحة الجريمة المنظمة، وفي مجال الادماج الاجتماعي وتنقّل الأشخاص، وفي مجال الحماية المدنية. وفي مجال مكافحة الارهاب أوصى بيان تونس بتطوير آليات التعاون في مجال تبادل المعلومات وتعزيز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف في كل المسائل المتعلقة بالارهاب مثل زجر الاشادة بالارهاب ورفض منح اللجوء للمحرضين على الارهاب وتكثيف مكافحة تمويل الارهاب كما أقرّ الوزراء تكثيف التعاون في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية على مستوى جمع وتحليل وتبادل المعلومات الخاصة بالجريمة المنظمة بما يمكن من تشخيص حجم ونسق هذه الظاهرة. وقد أشار وزير الداخلية والتنمية المحلية خلال المؤتمر الصحفي الذي اختتم به ندوة وزراء الداخلية، الى أنه تم منذ 1998 وحتى الآن، احصاء 40 ألف شخص من 52 جنسية، حاولوا عبور الحدود التونسية خلسة باتجاه أوروبا. كما أقرّ بيان تونس تكثيف التعاون بين هياكل الوقاية والتتبع التابعة لبلدان غرب المتوسط، كما أقرّ وضع برامج تدريب وتعاون فني وتكوين، في ما يتعلق بمسائل الجريمة المنظمة وأقرّ بيان تونس جملة من الاجراءات للتعاون في مجال الادماج الاجتماعي وتنقل الاشخاص وفي مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، وكذلك في مجال الحماية المدنية، ومنها النهوض بسياسات الادماج الاجتماعي وتسهيل التنقل الشرعي للأشخاص. ومنها دعوة الخبراء للتفكير في مدى امكانية تركيز منظومة للإغاثة والمساعدة المتبادلة والتدخل السريع في الحالات الاستعجالية الطارئة بإحدى الدول، وهو اجتماع ستحتضنه الجزائر. وسوف تحتضن المغرب الدورة الحادية عشرة بعد سنة. وفي اجابته على سؤال «الشروق» حول امكانية تطوير ندوة وزراء داخلية دول غرب المتوسط الى آلية رسمية، قال السيد الهادي مهني وزير الداخلية والتنمية المحلية ان هذه الآلية وصلت مرحلة، تهيئ الى مرحلة أعلى. وأضاف أنه تمّ الانطلاق قبل 10 سنوات من اطار تشاوري، مما قرّب بين جميع الأطراف للتصدي الى المشاكل المطروحة وهذه الآلية تتطور نحو فاعلية أكثر ونجاعة أوسع.